جعجع: على الرئيس والحكومة تسليم عياش

16 : 09

أكّد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع أنه "قبل صدور حكم المحكمة افترض البعض أنّها مسيّسة. ولكن بعد صدور حكمها، والحيثيات الموجودة في الحكم، وطريقة التطرق الى الجريمة، تبيّن بشكلٍ واضح أنّ المحكمة غير مسيّسة ، وانّها عملت وفقاً لأقصى المعايير العلمية، ولذلك أقلّ أقلّ أقلّ الإيمان تنفيذ حكم المحكمة"، مشدداً على أن "جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليست جريمة عادية او بسيطة، إنّها جريمة ستحفر في الوجدان الجماعي اللبناني عميقاً وطويلاً، لذلك تقع على الدولة ممثلةً هذه المرة بالسلطة الإجرائية أي رئيس الجمهوريّة والحكومة، مسؤولية هائلة: فإمّا تنفيذ حكم المحكمة بالقبض على سليم عياش وتسليمه للمحكمة الدولية وإمّا دق آخر مسمار في نعش هذه الدولة، وترك ندوب لا ادري إذا كان بالإمكان في ما بعد معالجتها، في جسد التعايش اللبناني ـ اللبناني، واستطراداً في وجود هذا الوطن بالذات".


كلام جعجع جاء في تصريح له عقب انتهاء اجتماع تكتل الجمهوريّة القويّة، الذي استغرق حوالي الساعتين والذي عقد برئاسته في المقر العام لحزب "القوّات اللبنانيّة" في معراب.

ووجّه جعجع تحيّة كبيرة جداً لروحي الشهيدين وسام عيد ووسام الحسن لأن أغلبيّة حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الدوليّة مبنيّة على عملهما.


ولفت جعجع إلى ان "حزب القوّات اللبنانيّة أيّد المحكمة الدوليّة منذ اللحظة الأولى لذلك نأخذ الحكم الصادر عنها على ما هو عليه، بكل رحابة صدر وبكل رضى إلا أن هذا الحكم وبكل صراحة هو كناية عن ربع حكم ليس لأن المحكمة لا تتمتّع بالكفاءة المطلوبة أو لأن الأشخاص فيها مشكوك بأمرهم أو لأنها مسيّسة أو لأي سبب من هذا القبيل وإنما انطلاقاً من الظروف التي عملت بها هذه المحكمة"، مذكراً بأن "السلطة التي كانت قائمة حين ارتكبت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تلاعبت وبسرعة هائلة بعد وقوعها بمسرح الجريمة ومحت الكثير من الأدلة التي كانت من الممكن ان تكون ذات فائدة، كما أن نظام المحكمة وبعد التدخلات السياسيّة وخصوصاً لروسيا في مجلس الأمن اتى ضيّقاً جداً لمسألة بهذا الحجم، زد على هذا كلّه أن أياً من المتهمين سلّم نفسه لتتمكن المحكمة من استجوابه بالإضافة إلى أنها لم تتمكن من التحرّك ولو قليلاً في تحقيقاتها الميدانيّة من أجل تبيان الحقائق على ما هي عليه ونذكر جميعاً الواقعة عندما أرسلت المحكمة فريقاً من المحققين إلى طبيبة نسائيّة من أحل معرفة تفصيلاً بسيطاً وهو إذا ما كان في إحدى التواريخ المحدّدة قد حضر شخص معيّن إلى العيادة مع زوجته أم لا ولم يستطع الفريق الحصول على هذه المعلومة البسيطة لذلك أن قلت أن الحكم أتى ربع حكم انطلاقاً من الظروف التي عملت فيها المحكمة من هذا المنطلق أي شيء أتى في الحكم لعدم كفاية الدليل هو بحقيقة الأمر ليس كذلك وإنما لعدم تمكين المحكمة من جمع الأدلّة اللازمة من أجل أن يصبح الدليل كافياً".


وتابع جعجع، "بالرغم من كل هذه العوامل القاهرة، تمكّنت المحكمة من تسليط الضوء على الحقائق التالية: أولاً أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري عملية ارهابية تمّ تنفيذها لأهداف سياسية. وفي هذا الإطار الجميع تذكّر كم سمعنا من النظريات "الخنفشاريّة" في لبنان بوقتها حتى وصل الدرك في البعض إلى أن يكادوا يقولون إنها عمليّة انتحار إلا أن حكم المحكمة دحض كل هذه النظريات".


واستطرد جعجع، "ثانياً، لقد اسقطت المحكمة كل الفرضيات والسيناريوهات بما يتعلّق بالخلفيات السياسيّة للجريمة فيما اكّدت بالمقابل أنّ الاغتيال جاء بسبب رغبة رفيق الحريري بإخراج سوريا من لبنان، وقرار الاغتيال اتخذ بعد اجتماع البريستول الثالث الذي شارك فيه "تيار المستقبل" والذي طالب بخروج الجيش السوري من لبنان. والجدير بالذكر ايضاً على هذا الصعيد اتهام الرئيس رفيق الحريري مراراً وتكراراً بأنّه هو من لعب الدور الأساس في استصدار قرار مجلس الأمن رقم 1559 والذي يدعو ايضاً الى حل كل الميليشيات المسلّحة خارج الدولة".


وقال جعجع، "ثالثاً، لقد أكّد حكم المحكمة على المسؤولية المباشرة لأحد كوادر "حزب الله" سليم عياش في تنفيذ الاغتيال وعلى مشاركة عشرات من عناصر الحزب في التحضير، وبطبيعة الحال ليس هناك أحد من بيننا يعتقد ان السيّد سليم عياش قام على نقفته الخاصة بشراء طنّين من المتفجرات وشاحنة وتجنيد كل هذه العناصر والشبكات والمراقبة وكل العمل التحضيري والتنفيذي للجريمة. وهذا ما دفع الرئيس سعد الحريري للتصريح: إنّ المطلوب اليوم من "حزب الله" أن يضحّي بعد ان صار واضحاً أنّ شبكات التنفيذ من صفوفه".


واستهل جعجع كلمته، بتوجيه تهنئة لجميع اللبنانيين بحلول رأس السنة الهجريّة، قائلاً: "بالرغم من كل المأساة التي نعيشها اليوم أردت أن أوجّه هذه التهنئة باعتبار أنه مهما كانت أحزاننا كبيرة فالحياة مستمرّة وعلينا ان نتحامل على أنفسنا كي نتمكّن من الاستمرار ومحاولة البناء قدر الإمكان للأجيال التي ستأتي من بعدنا"، متمنياً أن يحل رأس السنة في العام المقبل علينا جميعاً بظروف أفضل التي من الممكن ان نصل إليها بعملنا وإيماننا الكبير.

وعن موقف "حزب الله" المؤكد ان كل ما يصدر عن المحكمة الدوليّة لا يعنيه وفي حال استمرّ برفضه تسليم سليم عياش، قال جعجع، "حزب الله يعتبر نفسه غير معني في هذه المحكمة فيما نحن معنيون بشكل كبير جداً بها وهذا الموقف يشاركنا به اكثريّة كبيرة جداً من الشعب اللبناني وبالتالي يجب على الناس أن تحترم بعضها البعض، أما بالنسبة للنقطة الثانية فحقّنا نحن على الدولة اللبنانيّة فنحن مواطنون لبنانيون ندفع ضريبة لها ونعيش بظل قوانينها لذلك يقع على هذه الدولة ممثلة بالسلطة الإجرائيّة مسؤوليّة تسليم سليم عياش و"من هونيك ورايح" على كل شخص أن يتحمّل مسؤوليّته".


أما بالنسبة لإمكان من لم يتحمّل مسؤوليّته في حادثة وقعت منذ أسبوعين أن يتحمّل مسؤوليّته إزاء جريمة ارتكبت منذ 15 عاماً، قال جعجع: "هذا كلام صحيح ولكن ليس علينا سوى أن نطرح الأمور كما هي وكما يجب أن تكون".


ورفض جعجع الرد على سؤال عن الحكومة العتيدة معتبراً أن هذا الموضوع خارج السياق ويفضّل ترك الإجابة عليه إلى وقت لاحق.

أما بالنسبة لانفجار مرفأ بيروت، أكد جعجع "ألا ثقة لدينا في التحقيقات التي تقوم بها لجان تحقيق محليّة لسبب بسيط وهو أن الدولة متهمّة وعلى كل مستوياتها فكيف لها أن تقوم هي بالتحقيق ومن جهّة أخرى، نحن لدينا كامل الثقة بالتحقيق الدولي لذلك سنعمل جاهدين من أجل الوصول إليه وسنقوم بجمع التوقيعات على عريضة من جميع المتضرّرين من هذا الانفجار تطالب بتحقيق دولي الذي أمامنا اليوم أكبر دليل على نزاهته وشفافيته ففي ظل الظروف الصعبة التي عمل بها قد أدى إلى نتيجة وقد أشار لنا إلى الطريق أما إذا ما أرادت الدولة سلوك هذه الطرق فهذه أصبحت مسؤولية الدولة".


وعما إذا كان يستبشر خيراً من عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الأول من أيلول إلى لبنان، قال جعجع، "الرئيس ماكرون يعمل جاهداً وبكل ما يستطيع عمله من أجل مساعدة لبنان، اما بالنسبة إذا كان هذا الجهد سيعيد علينا بالخير أم لا فهذه المسألة مرتبطة بـ"الشباب" في السلطة عندنا في حال تجاوبوا معه ام لا، فإذا بقوا على ما نراهم اليوم "كل واحد بعدو بموال"، وهذا الذي يريد إرجاع الرئيس سعد الحريري والآخر لا يريد وهذا يحتسب مكتسباته والآخر أيضاً فماذا بإمكان الرئيس ماكرون أن يفعل؟".

وأيّد جعجع موقف البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القائل "إن لا حكومة إنقاذ من دون منقذين".