الحمية النباتية لشيخوخة صحية

02 : 00

وفق مراجعة جديدة، تسمح الحمية النباتية بالحفاظ على الصحة مع التقدم في السن وقد تُخفّض خطر الإصابة بالاضطرابات القلبية والأيضية، بما في ذلك السكري وأمراض القلب.

بدأت الحميات النباتية تزداد شيوعاً في مجتمعات كثيرة. تتعدد الأسباب التي تدفع الناس إلى تبنّي حمية نباتية بالكامل، بما في ذلك الامتناع عن إيذاء الحيوانات وتخفيف الآثار البيئية للزراعة المكثفة.

كذلك، تعطي الحمية النباتية منافع صحية متعددة، فهي تحتوي على كمية كبيرة من الألياف مقابل كمية محدودة من الكولسترول والدهون مقارنةً بالحمية العادية المتنوعة، كما أنها تحصد علامة مرتفعة على مؤشر الأكل الصحي. تكشف مراجعة جديدة أن الحميات النباتية قد تحمي الناس أيضاً من النوع الثاني من السكري وأمراض القلب وتُخفّض حالات الوفاة بسبب الاضطرابات القلبية والأيضية.

جرت هذه المراجعة تحت إشراف "لجنة الأطباء للطب المسؤول" في واشنطن ونُشرت نتائجها في "مجلة الكلية الأميركية للتغذية".

نحو عالم مُسنّ

تُركّز المراجعة الجديدة على الوضع الصحي في سياق الشيخوخة. إنه موضوع مهم لأن سكان العالم اليوم يتقدمون في السن بوتيرة متسارعة.

توضح المشرفة الأولى على البحث، هانا كاهليوفا، مديرة الأبحاث العيادية في "لجنة الأطباء للطب المسؤول": "من المتوقع أن يتضاعف عدد الراشدين في عمر الستين وما فوق حول العالم، من 841 مليون إلى مليارَي نسمة بحلول العام 2050، ما يطرح تحديات واضحة على أنظمة الرعاية الصحية". راجعت كاهليوفا وفريقها تجربتَين عياديتَين (أجراهما الباحثون في ظروف خاضعة للمراقبة لاختبار أثر إحدى المقاربات على نتيجة معيّنة) ودراسات وبائية راقبت المشاركين مع مرور الوقت في ظروف عادية. فاكتشفوا أدلة مفادها أن الحمية النباتية تُخفّض خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري والبدانة ومرض القلب التاجي.

في التفصيل، تبيّن أن الحميات النباتية قد تُخفّض إلى النصف مخاطر متلازمة الأيض التي تزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري. كذلك، يتراجع احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكري إلى النصف ومخاطر أمراض القلب التاجية مثل النوبات القلبية بنسبة 40% بفضل الحمية النباتية.

"المناطق الزرقاء"

قد تسهم الحمية النباتية أيضاً في إطالة الحياة. يتكلم الباحثون عن "المناطق الزرقاء" حيث يعيش الناس لسنوات تفوق متوسط العمر الطبيعي. في "لوما ليندا" في كاليفورنيا مثلاً، يعيش الناس أكثر من سكان كاليفورنيا الآخرين بمعدل 10 سنوات. ويُعتبر متوسط العمر المتوقع في مدينة "أوكيناوا" اليابانية من أعلى المعدلات في العالم.

بالإضافة إلى الإقلاع عن التدخين وممارسة النشاطات الجسدية المعتدلة، يميل الناس في "المناطق الزرقاء" إلى تبنّي حمية نباتية عموماً. في "أوكيناوا" مثلاً، يستهلك السكان حمية غنية بالبطاطا الحلوة والخضروات الورقية الخضراء ومنتجات الصويا. وإلى جانب إطالة العمر، تسهم الحمية النباتية أيضاً في الحفاظ على الصحة المعرفية لفترة أطول. اكتشف الباحثون في إحدى الدراسات أن حمية "مايند" الغنية بالفاكهة والخضار والحبوب والمكسرات والبذور، لكن من دون إقصاء مشتقات الحيوانات، تُخفّض خطر الإصابة بمرض الزهايمر. استنتج العلماء أيضاً أن حمية "داش" والحمية المتوسطة ترتبطان بتراجع مخاطر الزهايمر.

مقاربة فاعلة ومقبولة الكلفة

الشيخوخة ظاهرة حتمية لكن يظن العلماء أن الحمية الصحية والنباتية قد تؤخّر مسارها وتُخفّض مخاطر الأمراض المرتبطة بالسن، حتى أنها تزيد متوسط العمر المتوقع في حالات كثيرة. تظن كاهليوفا أن أبسط التعديلات في الحمية قد تساعد الناس على عيش حياة مديدة وصحية.يتماشى هذا الاستنتاج مع نتائج «دراسة العبء العالمي للأمراض» في العام 2017، فقد كشفت أن تراجع استهلاك الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة مقابل تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والمُصنّعة يدخل في خانة عوامل الخطر المُسببة للأمراض.

أخيراً، تعطي الحميات النباتية منافع صحية بارزة وقد تسمح بتخفيض تكاليف الرعاية الصحية في مختلف البلدان. لذا تُعتبر الحمية الصحية مقاربة فاعلة ومقبولة الكلفة لتجنب الأمراض ويوصي العلماء بجعلها جزءاً من الحياة اليومية.