وليد شقير

لا حكومة ولا توافق دولي

24 آب 2020

02 : 00

لا يبدو أن الأيام المقبلة ستحمل معها أي تقدم على صعيد الملف الحكومي الذي يتوقف عليه تعزيز الآمال بدعم دولي للبنان، على افتراض أن تأليف حكومة جديدة يساوي اتفاقاً بين الفرقاء السياسيين على قيام تركيبة حكومية تتمتع بالصدقية التي يلح عليها المجتمع الدولي تنفذ الإصلاحات الضرورية كي يتم مد البلد بجرعة من المساعدات المالية التي تسمح بانتشاله من المأزق الحالي.

أحد السياسيين المتابعين للملف الحكومي سأل بعد فشل محاولة رئيس البرلمان نبيه بري في إقناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" بتأييد زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وبعد رفض رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط والمعلومات عن عدم نية حزب "القوات اللبنانية" تسميته لتأليف الحكومة: هل سيأتي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الأول من أيلول كما وعد؟ هناك من يقول أن بري نفسه قد يكون نبّه باسيل حين سمع منه رفض اقتراحه عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، إلى أن تأخير الحكومة والتوافق الداخلي عليها كي تقوم بالإصلاحات العاجلة المطلوبة وتعيد إطلاق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، يعيق حصول لبنان على المساعدة المالية المطلوبة لانتشاله من الحفرة التي هو فيها والتي زادها انفجار 4 آب عمقاً، وقد يُفقِد لبنان الاهتمام الدولي والفرنسي الذي تجلى بعد كارثة المرفأ. وعليه فإن ماكرون الذي ترك لبنان على أمل أن ينجز القادة السياسيون توافقاً على حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات، قد لا يأتي. وهناك من يعتقد أن زيارته قد تقتصر على المشاركة في احتفال مئوية لبنان الكبير الذي كان صناعة فرنسية ليكرر للمسؤولين رسالة الدول كافة، بأن لا أموال لإنقاذ الاقتصاد إذا لا إصلاحات وأن الخطر بات يتهدد الكيان، ثم يترك السلطة السياسية تتخبط بمأزقها.

وقائع نهاية الأسبوع ترجح استبعاد تأليف الحكومة. فعون وباسيل يلعبان على حافة الهاوية التي تدفع أوساط بري إلى التعجب من استغراق الفريق الرئاسي في الذهنية ذاتها كأنه ما زال في بداية العهد الرئاسي، كأنه لم يصبه الوهن والضعف، ولم تتراجع كتلته النيابية. يقابل العناد في رفض الحريري اعتقاد الثنائي الشيعي بإمكان التفاهم معه وتسهيل مهمته في تأليف الحكومة كي يلعب دوراً في علاقاته الخارجية في إنقاذ السفينة من الغرق بمن فيها. إذ لا وقت للتجارب على شاكلة تجربة حكومة حسان دياب ووزرائها.

فالفريق الرئاسي أعد لائحة بقضاة وضباط وموظفين كبار متقاعدين، يسعى إلى اختيار رئيس للحكومة من بينهم، وهذا ما يثير حفيظة بري الذي لم يعد في وارد تكرار تجربة الحكومة السابقة ولن يقبل بأسماء تستفز الوسط السني مجدداً.

ويوازي ذلك سعي من قبل الاشتراكي إلى إعادة ترشيح الرئيس السابق للحكومة تمام سلام، الذي يتردد أن الحريري مستعد لتبنيه، وسبق أن فاتحه باقتراح تولي المهمة في الخريف الماضي، لكن الأخير كرر أيضاً حجته السابقة أنه غير مستعد لقبول ما يرفضه الحريري، أي تشكيل حكومة وحدة وطنية أو من سياسيين وتكنوقراط كما طلب "حزب الله"، لإصراره على شرط حكومة المستقلين الحياديين.

التقاء فرقاء أضداد على رفض خيار الحريري مؤشر أيضاً إلى أن التوافق الدولي على صيغة الحكومة المقبلة لم يتشكل بعد. فهو محدود فقط بالمساعدات الإنسانية لا غير.