أنقرة تُمدد مهمّة للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسّط

برلين تدعو إلى وقف المناورات العسكريّة وبدء الحوار

02 : 00

البحريّة اليونانيّة في جاهزيّة تامة لمواجهة العمليّات التركيّة "غير القانونيّة" (أ ف ب)

في خضمّ استعراض القوى والتجاذبات الجيوستراتيجيّة في شرق المتوسّط، دعت ألمانيا أمس إلى وقف المناورات العسكريّة البحريّة في المنطقة لافساح المجال أمام بدء محادثات بين اليونان وتركيا اللتَيْن تتنازعان حول موارد الغاز وترسيم الحدود البحريّة.

وبينما ناقش وزراء خارجيّة الاتحاد الأوروبي في برلين التوتر في شرق المتوسط، حيث يخشى المراقبون من أن يتحوّل النزاع بين العضوَيْن في "حلف شمال الأطلسي"، إلى مواجهة عسكريّة مفتوحة، قال وزير الخارجيّة الألماني هايكو ماس، الذي حاول القيام بوساطة بين الطرفَيْن، للصحافيين: "نحن في حاجة إلى حلّ ديبلوماسي لهذا النزاع، الشروط المسبقة لهذه المحادثات هي أن تتوقف هذه المناورات في شرق المتوسّط".

وأضاف ماس: "بالتأكيد لن تجلس الأطراف إلى الطاولة عندما تكون السفن الحربيّة قبالة بعضها البعض في شرق المتوسّط"، فيما يشعر الاتحاد الأوروبي بالغضب إزاء إرسال تركيا سفناً للقيام بأعمال تنقيب "غير شرعيّة" عن الغاز في مياه تُطالب بها اليونان. وفرض التكتّل في وقت سابق هذا العام عقوبات على مواطنَيْن تركيّيْن لعلاقتهما في الأنشطة.

وسيعرض مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على الوزراء "مجموعة من الخيارات" للتعامل مع تركيا، وفق مسؤولين، علماً أنّه يحرص على التشديد على أهمّية مواصلة الحوار مع أنقرة. لكن بعض الجهات تُمارس ضغوطاً لاتخاذ خطوات متشدّدة تجاه تركيا. وفيما يعتبر اجتماع برلين غير رسمي ولن يخرج بقرارات، سيُركّز قادة الاتحاد الأوروبي على المسألة في قمّة الشهر المقبل.

وإذ اعتبر وزير الخارجيّة القبرصي نيكوس كريستودوليدس لدى وصوله إلى برلين أن "صدقيّة أوروبا على المحكّ، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يُدافع عن القيم العالميّة من أجل نظام عالمي دولي قائم على قيم ومبادئ الاتحاد الأوروبي"، شدّد على أن "تضامن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون حقيقيّاً وملموساً"، في حين رأى نظيره النمساوي ألكسندر شالنبرغ أن شرق المتوسّط "برميل بارود يكبر باستمرار، بحيث عدد قطع البحريّة يجعل الحوادث أمراً شبه محتوم". وأضاف أن "تركيا تتجاهل كلّ المواثيق"، معتبراً أن "القانون الدولي لا يُمكن التفاوض عليه".

وفي الأثناء، صدّق البرلمان اليوناني على اتفاق ثنائي في شأن ترسيم حدود المناطق البحريّة بين اليونان ومصر في شرق البحر المتوسّط، وهو اتفاق أغضب تركيا. وتُعتبر هذه الاتفاقيّة ردّاً على الاتفاقيّة التركيّة - الليبيّة (من جانب حكومة "الوفاق") الموقّعة في نهاية العام 2019، والتي تسمح لأنقرة بالوصول إلى منطقة كبيرة في شرق البحر المتوسّط، حيث تمّ اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز في السنوات الأخيرة.

تزامناً، مدّدت تركيا مهمّة مثيرة للجدل للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، معلنةً تدريبات بحريّة جديدة في وقت يُخشى فيه من أن يخرج نزاعها مع اليونان والاتحاد الأوروبي على موارد الطاقة والحدود البحريّة، عن السيطرة.

إذاً، أعلنت البحريّة التركيّة تمديد مهمّة سفينة المسح الزلزالي "عروج ريس" والسفن الحربيّة المرافقة، خمسة أيّام إضافيّة تنتهي الثلثاء. كما أعلنت خططاً لإجراء "تدريبات للمدفعيّة" على أطراف مياهها الإقليميّة في الزاوية الشماليّة الشرقيّة للمتوسّط يومَيْ الثلثاء والأربعاء المقبلَيْن.

وأوضح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أنّ التدريبات على إطلاق النار لا تتعلّق بنزاع تركيا مع اليونان على مسألة الوصول إلى احتياطات اكتُشفت في الآونة الأخيرة، يُمكن أن تُقدّم لأوروبا موارد كبيرة جديدة للطاقة وتُخفّض اعتمادها على روسيا. لكنّه تعهّد في الوقت عينه بنبرة تحدّ، مواصلة أنشطة بلاده المختلفة في شرق المتوسّط "طالما كان ذلك ضروريّاً".

وتحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء إلى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أوّل تدخّل مباشر له في الأزمة المتصاعدة. وذكر البيت الأبيض أن ترامب "عبّر عن القلق إزاء تفاقم التوتر بين الحليفَيْن في "حلف شمال الأطلسي"، اليونان وتركيا"، بينما قال ميتسوتاكيس في ما بعد إنّ أثينا "على استعداد لخفض التصعيد بشكل كبير، لكن شرط أن توقف تركيا فوراً أعمالها الاستفزازيّة"، في وقت رفض فيه أردوغان القبول بشروط مسبقة قبل التحدّث إلى اليونان.

وتقود فرنسا، القوّة العسكريّة الكبيرة في الاتحاد الأوروبي، الدعم الأوروبي لليونان. وتُشارك سفن حربيّة فرنسيّة وطائرات مقاتلة في التدريبات العسكريّة اليونانيّة التي انضمّت إليها إيطاليا وقبرص قبالة كريت هذا الأسبوع.