مريم سيف الدين

تأخّر الترميم قد يقضي على تراث بيروت... زيارة "استفسارية" لمديرة اليونسكو

28 آب 2020

02 : 00

المنازل التراثية الأكثر تضرّراً جرّاء الانفجار (فضل عيتاني)

في متحف سرسق الشهير والذي طاله انفجار مرفأ بيروت، اجتمعت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، أودريه أزولاي، بفنانين وشخصيات ثقافية، واطّلعت منهم على تداعيات الإنفجار الكبير الذي طال الإرث الثقافي في العاصمة. وعبرت أزولاي عن عزم "اليونسكو" على صون المباني التراثية والثقافية في لبنان، وتعهدت بدعم إعادة تأهيل المباني المتضررة. وأعلنت مديرة "اليونسكو" عن إطلاق مبادرة باسم لـ"بيروت" داعية الجميع للتبرع، كاشفةً أن المنظمة ستعقد اجتماعاً للدول المانحة أواخر شهر أيلول.

لكن المنازل التراثية المدمرة في بيروت تنتظر إعادة ترميمها قبل هطول المطر، والذي سيؤدي لتضررها بالكامل في حال دخلتها المياه، وفق ما يؤكد لـ"نداء الوطن" المهندس المعماري فضل الله داغر، المتخصص بالتراث اللبناني، وعضو لجنة التنسيق في مبادرة بيروت للتراث. وتعمل اللجنة التي تضم مجموعة من الجمعيات والمهندسين على ترميم الأبنية التراثية في المدينة.

يصف داغر زيارة مديرة "اليونسكو" بالزيارة الاستفسارية، "ننسق اجتماعاً لنشرح لها وضع التراث الإنساني والإجتماعي والثقافي في بيروت، وما يلزم الأحياء التراثية". لكنّ العائق المالي يحول اليوم دون القدرة على ترميم هذه الأبنية، فالخبرات موجودة وقد تطوع 150 مهندساً ومهندسة للعمل بلا أجر كي ينقذوا تراث المدينة، إذ لا ثقة بالدولة. "اعتاد اللبناني أن يعيد بناء منزله بعد أن يهدمه زعماء الحرب، لكنهم اليوم سرقوا أمواله قبل أن يفجروا منزله"، يقول داغر.

وفي حين يتحدث مهندسون عن دور إيجابي تقوم به المديرية العامة للآثار في وزارة الثقافة لحماية الأبنية التراثية، يؤكد داغر أن الوزارة لا تملك الإمكانيات، لكن تطوع المهندسين مكّنها من القيام ببعض مهامها كأن تحصي البيوت المدمرة ومن إعداد لائحة كاملة. "أحصينا تضرر 331 مبنى تعود للفترة العثمانية الواقعة بين العامين 1860و 1920. وهذه المباني هي الأكثر تضرراً لأنها مبنية من الحجر الرملي والخشب وسقفها من القرميد. يتم ترميمها بتقنية بسيطة، أي كما بنيت، لكن الأمر يحتاج لإدارة وتفكير"، وفق داغر.

لكن المهندسين يتخوفون من أن تطول المدّة قبل الشّروع بترميم المباني بحجة الإفلاس، إذ يؤكد داغر أن عملية ترميم هذه البيوت لم تبدأ بعد. وفي حين يسابق المهندسون الشتاء، يشبّه داغر الأمر بسيف مصلت على الرقبة، إذ أن تأخير عمليّة الترميم يهدد بدمار المنازل التراثية بالكامل. ويلفت المهندس المعماري إلى أهمية المسألة في إعادة النسيج الإجتماعي والثقافي في أسرع وقت إلى المنطقة المنكوبة.

وفي حين يعمل المجتمع المدني بهمة ويعوّض غياب الدولة وتحركها البطيء جداً والذي لا يتناسب وحجم الكارثة، تمرّ العديد من المساعدات عبر الجمعيات والمجموعات المدنية. وعن احتمال تلقي مبادرة بيروت للتراث مبالغ مالية لتبادر بأعمال الترميم، يعلن داغر أن "المؤسسة الوطنية للتراث" تعدّ هيكلية إدارية لاستيعاب المساعدات بشفافية من ضمنها الاستعانة بشركة تدقيق مالي، وعرض تفاصيل صرف الأموال، "وسنثبت بذلك أنه يمكننا في لبنان الخروج من السمعة السيئة" يقول داغر، في إشارة إلى الاتهامات التي تطاول الدولة باستمرار بسبب سوء إدارة توزيع المساعدات.