محمد دهشة

مصير مئات النازحين في مجمّع الأوزاعي بصيدا في مهبّ الريح بعد المطالبة بإخلائه

28 آب 2020

02 : 00

إنطلاق ورشة إعادة تأهيل المستشفى التركي

انقلبت حياة اللاجئ السوري أبو أحمد رأساً على عقب، بعدما علم مع 175 عائلة سورية نازحة تُقيم في مجمّع "الإمام الأوزاعي" في صيدا، بأنّ مالك المبنى الأصلي (كلية الإمام الأوزاعي للعلوم الإسلامية) تطالب مُجدّداً باستعادته لإتمام بنائه وتجهيزه بوصفه وقفاً للكلية، بعد سنوات من تأجيره للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في العام 2012 وتحت إشرافها وبلدية صيدا.

وأبو أحمد، أب لعشرة أولاد، نزح من ريف حماة الغربي، ومن منطقة الحويجة تحديداً في العام 2013 خلال الأحداث الأمنية في سوريا، وأقام في المجمّع مع نحو 175 عائلة سورية، يقول: "بالرغم من أنّنا لم نتبلّغ بالقرار رسمياً، الّا أنّ خبر إخلاء المجمّع نزل علينا كالصاعقة ولم نستوعب الأمر بعد"، قبل أن يتساءل "أين نذهب؟ فلا يوجد مكان نرحل اليه، ومناطقنا في الريف ما زالت مسرحاً للأحداث العسكرية، والأوضاع الإقتصادية والمعيشية صعبة ووباء "كورونا" يتفشّى ولا يترك لنا الكثير من الخيارات"، مُشيراً الى "أنّ هذا المجمّع على ما فيه، يحفظ كرامة النازحين ويُبعد عنهم شبح التشرّد، وطردنا من دون مأوى وغذاء وكساء، بمثابة "الإعدام" لنا ولمستقبل مئات الأطفال".

مأزق قادم

ويتألّف المجمّع من خمسة طوابق غير مُكتملة البناء، ويُعتبر الأكبر في منطقة الجنوب، إذ يضمّ كتلة بشرية كبيرة تبلغ نحو 750 نازحاً، جلّهم من الأطفال والنساء، وقد سبق لمالكه أن طالب بإخلائه في العام 2015، غير أنّ الأمور شابها الكثير من التعقيد، فيما يبدو الطلب هذه المرة أكثر شدّة، اذا لم يتمّ اخلاؤه ستفقد الكلية الرخصة الممنوحة لها لفرع صيدا، ما يشير الى مأزق قادم.

وأوضح رئيس بلدية صيدا محمد السعودي لـ"نداء الوطن" أنّ وفداً من ادارة كلية الإمام الأوزاعي في بيروت زاره في بلدية صيدا ووضعه في أجواء قراره بتوجيه إنذار بإخلاء المجمّع عبر القضاء المختصّ، من أجل استعادة مبانيه المملوكة للكلية ضمن مهلة محدّدة بهدف استكمال البناء وبدء التدريس، وإلّا الرخصة التي حصلوا عليها من وزارة التربية لإفتتاح فرع للكلية في صيدا لن تُصبح صالحة بعد ثلاثة أشهر من الآن"، مُضيفاً "أنّ مسؤولية ما يجري تقع على عاتق الدولة، وهم في كلّ الأحوال ضمن نحو أكثر من مليون نازح سوري في لبنان"، موضحاً أنّ البلدية ليست المسؤولة المباشرة عن الموضوع ولكنها معنية كون المجمّع يقع في نطاق عملها البلدي، ستواكب التفاصيل على أمل الوصول الى حل قريب لا يؤدّي الى أي مأزق".

ويؤكّد النازحون في المجمّع "أنّ المناطق التي نزحوا عنها غير آمنة حتى اليوم، وتجري فيها أعمال حربية كثيرة، وهم لا يملكون بديلاً مناسباً يُمكن أن يأوي هذا العدد الكبير من العائلات في وقت واحد، كون مجمّع الأوزاعي أكبر تجمّع بشري للنازحين السوريين"، ويقولون:"سنترك المجمّع إذا وفروا لنا مكاناً آخر في لبنان، أو ساعدتنا المفوضية على الإنتقال إلى تركيا حيث تجمّعات اللاجئين هناك. بِخلاف ذلك، أين سيذهب نحو 750 نازحاً هم ممنوعون من العمل في لبنان، خصوصاً مع وجود أكثر من 500 طفل وامرأة بيننا، نحن في مهبّ الريح؟

تأهيل وانطلاق

وعلى بعد عشرات الأمتار فقط من المجمّع نفسه، وفي مشهد مغاير، شهد المستشفى التركي للطوارئ والحروق ورشة عمل لإعادة تأهيله وتشغيله بعد عشر سنوات من الإقفال. على المبنى رفعت لافتة كبيرة كُتب عليها "يتمّ تنفيذ أعمال الصيانة والإصلاح والتجديد في مستشفى صيدا التركي للصدمات والحروق وإعادة التأهيل من طرف الوكالة التركية للتعاون والتنسيق - تيكا"، فيما انهمكت فرق فنية وفي مختلف اقسام وطوابق المستشفى بالقيام بعمليات إصلاح وصيانة لمختلف المعدّات والتجهيزات وإعداد التقارير اللازمة بالتجهيزات التي تنقصه تمهيداً لتشغيله في أسرع وقت.

وأكّد مدير المستشفى الدكتور غسان دغمان أنه بتوجيهات من الرئيس التركي، انطلقت أعمال إعادة تأهيل المستشفى وبتوجيهات من وكالة تيكا"، مشيراً الى أنّ هذه "اللفتة جاءت على اثر انفجار مرفأ بيروت الكارثي، حيث أرادت الدولة التركية مساعدة لبنان بكافة السبل وضرورة تشغيل المستشفى للإستفادة منه كصرح طبي متميّز، ليس فقط في لبنان وإنّما على صعيد المنطقة. وقد جال مسؤولون أتراك مع فريق تقني في اقسام المستشفى، واطّلعوا على التجهيزات التي تبيّن أنّ بعضها بحاجة لصيانة، نظراً لتقادم الزمن عليها، لرفع تقرير عن وضع المستشفى واحتياجاته حتى يتمّ تشغيله في أقرب وقت، وإذا بقيت هذه الوتيرة في العمل فقد نكون جاهزين لافتتاح المستشفى قبل رأس السنة الجديدة".

وحول امكانية استخدام المستشفى أو قسم منه لعلاج مرضى "كورونا" قال دغمان: "لا شك في أنّنا في وضع صحّي استثنائي في ظلّ انتشار وباء "كورونا" وتزايد عدد الإصابات بحيث تصبح كلّ الأمور مطروحة ومُمكنة، ولكن المستشفى في الاساس هو تخصّصي للطوارئ ومعالجة الصدمات والحروق وهو أول مستشفى من نوعه في لبنان والثاني في منطقة الشرق الأوسط، وطالبت الجانب التركي بإمكانية تأمين مستشفى ميداني يتمّ وضعه في باحة المستشفى يكون تخصّصياً فقط لمعالجة مُصابي "كورونا"، وهذا الأمر اذا تحقّق سيساعد كثيراً في الموضوع الصحّي المستجدّ".


MISS 3