محمد دهشة

صيدا تواكب استشارات التكليف بفتور وحراكها مع حكومة من خارج أحزاب السلطة

29 آب 2020

02 : 00

حراك صيدا: السلطة تبحث عن مخارج لإعادة إنتاج نفسها

لم يعد أبناء صيدا يعلّقون آمالاً كثيرة على تشكيل الحكومات العتيدة، فمنذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري بعد 12 يوماً على اندلاع انتفاضة 17 تشرين، وتشكيل حكومة الرئيس حسّان دياب، لم يتبدّل رأيهم بتسميتها حكومة "الوكيل بدلاً من الأصيل"، فحصدت الخيبات حتى دخل لبنان مرحلة شديدة الخطورة، تلاحقه الأزمات المتتالية، مروراً بجائحة "كورونا" وصولاً الى انفجار مرفأ بيروت الكارثي.

مشهد المدينة اليوم يتلخّص باتّجاهين: الأول، القوى السياسية التي تواكب بإهتمام عملية الإستشارات النيابية في القصر الجمهوري وعناوين التكليف والتشكيل، بهدف استشراف أفق المرحلة المقبلة لجهة خريطة الإصطفاف الجديد والتحالفات السياسية، تمهيداً لإعادة تقييم مواقفها، في ظلّ امكانية خلط الأوراق ورسم خريطة الطريق، والثاني: أبناء المدينة الذين يتابعونها بفتور لافت، وفي اعتقادهم أنّ الامر سيّان ولن يتغيّر شيء ما دام تشكيل الحكومات يقوم على المبدأ والعقلية والنهج والشروط ذاتها.

موقف الحراك

ويؤكّد ناشطون في "حراك صيدا" أنّ ما يحصل هو تخطٍّ فاضح لكلّ مطالب الناس التي انتفضت ونزلت الى الشارع في تشرين الأول الماضي لأنّها لا تريد انهيار البلد، بل هو محاولة للهروب الى الأمام، فالسلطة تعود الى المربّع الأول وكأنّ شيئاً لم يكن، تتبدّل الوجوه فقط استكمالاً لـ"إذا غاب الأصيل حضر الوكيل"، ويلخّصون مطالبهم بحكومة مستقلّة من كفاءات بعيداً من المحاصصة، تحارب الفساد وتستعيد الأموال المنهوبة وتحاسب المرتكبين مهما كانوا.

وتقول الناشطة جمال عيسى لـ"نداء الوطن": "إنّ مطالبنا لم تتغيّر منذ اندلاع انتفاضة تشرين واستقالة حكومة الرئيس الحريري، وما زلنا نطالب بحكومة مستقلّة، حيادية، وطنية من خارج أحزاب السلطة، تحاسب المرتكبين، توقف الفساد وتستعيد الأموال المنهوبة"، قبل أن تُضيف: "قناعتنا الراسخة أنّ لبنان لن يقوم من انهياره مع استمرار المحاصصة وتقاسم الحصص، فيما الأوضاع المالية والإقتصادية والإجتماعية وآخرها الأوضاع الأمنية "الفلتانة والمتفلّتة" تتّجه من سيّئ الى أسوأ، والسلطة تبحث عن مخارج لإعادة إنتاج نفسها"، موضحة: "للأسف جاءت جائحة "كورونا" لتُكبّل الحراك عن استمراره في احتجاجه، بالرغم من أنّ التعبئة العامة لم تطبّق بالكامل وكأنّ هناك قطبة مخفية، وبالرغم من ذلك نحن لن نستسلم ولن نيأس، وسنواصل تحرّكاتنا الاحتجاجية حين تسمح الظروف الصحّية بذلك لنؤكّد على أحقّية مطالبنا من جديد". مطالب صيداوية

خلال العقود الماضية، ومع كل حديث عن تشكيل حكومة جديدة، يرفع الصيداويون جملة مطالب عامة، تتعلّق بمعالجة الأزمة المالية والإقتصادية الخانقة، وضع حدّ لتفلّت سعر الدولار الأميركي والغلاء ومراقبة الأسعار، وزيادة الرواتب، وتوفير فرص العمل لجيل الشباب منعاً للهجرة، الإصلاح ووقف الفساد ومحاسبة المرتكبين والإنماء المتوازن.. وخصوصاً لجهة حفظ المقاومة، والإستمرار بالمحكمة الدولية الخاصة بالشهيد الرئيس رفيق الحريري من أجل كشف الحقيقة، تمثيلهم الحكومي، الإنماء المتوازن، وتوظيف أبنائهم في الإدارات العامة في اعتبار أنّ المدينة مركز المحافظة. وتقول الحاجة لطيفة بطّاح لـ"نداء الوطن": "عشت سنوات طويلة ولم يمرّ علي مثل هذه الضائقة، انها الإصعب على الإطلاق وعلى مختلف المستويات، وأيدي الناس مغلولة بالكاد تكفي نفسها وتوفر لقمة عيشها وبصعوبة. نحن في غرفة العناية الفائقة بين الموت والحياة، والعلاج بيد المسؤولين، اذا استمروا على المنوال ذاته فلن تقوم لنا قيامة أبداً، لذلك يجب التغيير".

ويقول الخرّيج طارق قطيش: "أنهيت دراستي الجامعية ولم أجد فرصة عمل، تحوّلت عالة على أسرتي في عزّ الشباب بدلاً من تقديم المساعدة لهم، والأصعب أنّه لا يلوح في الأفق حلّ قريب يمكن أن يُطمئن جيل الشباب على مستقبله، للأسف الصورة قاتمة والكثير مناّ بات يفكّر بالهجرة"، مُعتبراً أنّ "الحل يكمن في حكومة قوية قادرة على اتّخاذ قرارات صائبة بمعزل عن التأثير السياسي، وتعمل لمصلحة الوطن لا للرؤساء والسياسيين".

هموم و"كورونا"

والإستشارات النيابية واحدة من سلسلة متابعات وهموم لا تنتهي، مع المخاوف الجدية من تفشّي"كورونا"، تزامناً مع الارتفاع المضطرد في أعداد الوفيات والمصابين يومياً، وأبرزها المواءمة بين إجراءات الوقاية من الفيروس وإنعاش القطاع التجاري الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة مع توقّع افتتاح السوق اليوم، إعادة تأهيل المستشفى التركي من جديد بهدف تشغيله سريعاً بعد عشر سنوات من الإقفال غير المبرّر، واستكمال تجهيز مستشفى صيدا الحكومي ليكون قادراً على استقبال كل الحالات المصابة وإجراء الفحوصات اللازمة، واستمرار اجراء الفحوصات موقتاً في باحة مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وأوضح رئيس لجنة الصحّة والبيئة في بلدية صيدا الدكتور حازم بديع أنّ عدد المواطنين الذين أجروا الفحوصات هذا الأسبوع (يومي الإثنين والأربعاء) بلغ نحو 150 شخصاً، بينما بلغ عدد الحالات الإيجابية للفحوصات التي أجريت الأسبوع الفائت 4، وهي لمواطنين مقيمين في صيدا وقضائها. بينما شدّد عضو مجلس بلدية صيدا مصطفى حجازي على أنّ الفحوصات هي حصراً لأشخاص مخالطين لمصابين وتظهر عليهم عوارض، والبلدية تتابع أوضاع المحجورين في منازلهم لتأمين إحتياجاتهم بالتعاون مع شرطة البلدية وفوج الإطفاء، وذلك بالتنسيق المتواصل مع وزارة الصحّة وطبابة القضاء.


MISS 3