الأحذية التقويمية غير مفيدة لقدمك!

12 : 05

توصّل بحث جديد إلى نتيجة مفاجئة عن وظيفة الأثفان وآثارها على القدم، وهذا ما دفع الباحثين إلى التساؤل عن منافع الأحذية التقويمية...

ظهر البشر، وتحديداً أسلافنا المعاصرون (أي الإنسان العاقل)، منذ 195 ألف سنة على الأقل.

صحيح أن جنسنا البشري اخترع الأحذية منذ 40 ألف سنة فقط على الأرجح، لكن يعرف علماء الأنثروبولوجيا أن البشر وأسلافهم، حتى تلك المرحلة، ما كانوا يستطيعون حماية أقدامهم إلا بفضل الأثفان الناشئة طبيعياً: الثفن جلد سميك يظهر نتيجة احتكاك قوي ومتكرر.

اليوم، يستمتع الناس بالتجول بلا حذاء في الطبيعة من وقتٍ لآخر، حتى أن البعض يفضّل المشي حافي القدمين بشكل شبه دائم، على اعتبار أن هذه العادة تضمن منافع صحية متنوعة.

طرح فريق من الباحثين في جامعة "هارفارد" في "كامبريدج"، "ماساتشوستس"، سؤالاً مثيراً للاهتمام حديثاً: هل تُخفف الأثفان الشعور في القدم؟ وما هي نقاط التشابه بين نشوء الأثفان السميكة وغيابها في القدم، وتجربة انتعال أنواع مختلفة من الأحذية؟

ذكر الباحثون، بقيادة الدكتور دانيال ليبرمان، في تقريرهم المنشور في مجلة "الطبيعة": "يُقال إن الأثفان تظهر لدى المعتادين على المشي بلا حذاء، وغالباً ما يعتبر الأفراد الأقل عرضة لها أن المشي بهذه الطريقة على أسطح خشنة مزعج. لذا يسود افتراض شائع مفاده أن الأثفان، التي تشبه نعال الأحذية السميكة، تستبدل حماية القدم بالقدرة على تحديد الحوافز اللمسية. لكن إذا كان الجلد في موقع الأثفان صلباً، يُفترض أن ينقل حافزاً ميكانيكياً إلى المستقبلات الحسية المتخصصة في عمق الطبقات الجلدية، تزامناً مع تخفيف الإحساس بدرجة بسيطة".

إنها فرضية منطقية برأيهم لأن معالجة الأحاسيس المنبثقة من القدم تساعدنا على إطلاق أحكام تلقائية عن المساحات التي نتنقل عليها، ما يسمح لنا بالحفاظ على توازننا والتحرك بكل أمان.

الأثفان والأحذية الرقيقة

في الدراسة الأخيرة، أراد ليبرمان وفريقه اختبار هذه الفرضية استناداً إلى مجموعتين من المشاركين: 22 راشداً من الولايات المتحدة، و81 من كينياً.

في المجموعتين معاً، ذكر البعض أنه يمشي حافي القدمين في العادة، بينما اعترف البعض الآخر بأنه ينتعل حذاءً عند المشي في الخارج.

قيّم الباحثون في البداية سماكة الثفن في نعل القدم، ومدى صلابة الجلد في هذه المنطقة، وحركة المشي في المجموعة الكينية.

ثم حللوا في المجموعة الأميركية طريقة تأثير أنواع مختلفة من الأحذية على القدم، من حيث الحماية التي تضمنها وانعكاسها على حساسية القدم. شملت تلك الأنواع الأحذية المسطحة أو الصنادل، وتلك المزوّدة بنعال مبطّنة مثل الأحذية الطبية التقويمية.

تبيّن أن الأثفان كانت أكثر سماكة وصلابة لدى من فضّلوا المشي بلا حذاء في الخارج مقارنةً بمن فضلوا انتعال الأحذية.

وعند تقييم حساسية القدم، لاحظ الباحثون أيضاً أن فرضيتهم صحيحة: لم تؤثر سماكة الثفن في أخمص القدم على حساسية الأعصاب الأخمصية، لكنّ انتعال الأحذية أثّر عليها!

في التفاصيل، تخفف الأحذية المزودة بثقوب مبطنة حساسية العصب الأخمصي، كما أنها تغير قوة الصدمة حين تلمس القدم الأرض، ما يزيد الضغط على المفاصل.

حذّر الباحثون في تقريرهم: "صحيح أن الكثيرين يفضلون اليوم انتعال الأحذية، لكنها تمنع تلقي الحافز اللمسي من الأرض، وتُغيّر البطانة مستويات قوة الصدمة ونبضها بطرقٍ لا تزال عواقبها غير مفهومة بالكامل".

لا نعرف حتى الآن مثلاً طريقة تأثير الأحذية الصحية أو التقويمية على الهيكل العظمي ووضعية الجسم.

لذا يعتبر الباحثون أن انتعال الأحذية المزودة بنعال غير مبطنة يوازي أثر الأثفان الطبيعية، من حيث الحماية وعدم التأثير على الحساسية اللمسية، أو حتى وضعية الجسم والتوازن.

في النهاية، استنتج الباحثون: "ثمة حاجة إلى إجراء دراسات مستقبلية عن التكاليف والمنافع المحتملة للأحذية الرقيقة، مثل الأنواع المسطحة أو الصنادل التي تشمل نعالاً رفيعة وصلبة وغير مبطّنة وتكون أشبه بالأثفان الطبيعية، ولا بد من مقارنتها بالأحذية المبطّنة التي زادت شيوعاً منذ بدء الحقبة الصناعية".


MISS 3