طارق عينترازي

لا تعيدوا بناءه عالعمياني

7 أيلول 2020

02 : 00

بعيداً عن العواطف والمناطقية والمذهبية المدمِرة، لا يجب اعادة بناء مرفأ بيروت بالحجم الذي كان عليه سابقاً! بل يجب اعداد خطة مركزية للمرافئ تلحظ تطوير مرفأ طرابلس ومرفأ صيدا اذا اقتضى الأمر. الخطة هذه تستطيع الافادة من القروض والهبات او التسهيلات الائتمانية التي يتوقع الحصول عليها لإعادة اعمار مرفأ بيروت.

فبيروت وضواحيها بحاجة الى شاحنات اقل تخنق طرقاتها وتلوث هواءها وطرابلس كما صيدا بحاجة الى فرص عمل أكثر ودينامية اقتصادية جديدة ترفع عنهما الفقر والحرمان. لم تعد بيروت، المختنقة تلوثاً ونفايات وزحمة طرق، تحتمل مرور 80% من الإستيراد وحركة الترانزيت عبر شوارعها الرئيسية. بربكم أبعدوا سموم البواخر والتخزين والشاحنات عن العاصمة!

اذا تأكد تبرع الكويت مشكورة بإعادة بناء اهراءات القمح، فليكن ذلك في طرابلس. ويجب توزيع الميزانية المتوقع رصدها لإعادة بناء مرفأ بيروت لتنفيذ خطة توسيع مرفأ طرابلس.

استثمروا الأراضي الناتجة عن اعادة تصميم المرفأ لبناء ضاحية شمالية راقية يمكن ان تعود ايرادات بيع أو استثمار اراضيها لرفع الغبن والحرمان عن فقراء الاشرفية والرميل والكرنتينا وبرج حمود.

كما يجب حل جهاز الجمارك ورمي قانون الجمارك الحالي في سلة المهملات فالشيء الأكيد الثابت من كل التحقيقات والتقارير الصحافية هو أن القانون معقد، يضيّع الصلاحيات ويمكِّن الجميع من التهرب من المسؤولية. فكلما تعقدت القوانين كلما زادت صعوبة تطبيقها وتوسعت مجالات الفساد والهدر والنظام اللبناني فنان بالتعقيد وفتح مجالات الهدر والفساد.

كما يجب منع السفر او القاء القبض على كل من تعاقب على جهاز الجمارك وكل مسؤولي الاجهزة الامنية المتعاقبة في المرفأ والمطار الذين شاركوا أو غضوا النظر عن الفساد المستشري في الجمارك خلال الـ 15 سنة الماضية. فتقارير الزميل رياض قبيسي وما تبين من تحقيقات التلفزيونات اللبنانية كافية لإدخال معظمهم الى السجن.

لا شك ان من بينهم من هو غير فاسد. لذلك فان سؤالاً واحداً قادر على تمييز الفاسد من غير الفاسد: من أين لك هذا؟ اي موظف منهم تمكن من بناء القصور وامتلاك السيارات الفارهة بمدخول سنوي لا يتعدى عشرات آلاف الدولارات هو فاسد.

اعطاء الجيش صلاحية موقتة لإدارة الجمارك ثم استقدام احدى الشركات المرموقة لإدارة الجمارك والمرفأ والمطار. موانئ دبي العالمية مثلاً تملك القدرة التقنية والخبرة القادرة على اقفال مزاريب الهدر كلياً مثلما هي الحال في كل الموانئ التي تديرها.

كما ان الشركات التي تقدمت بعروض لإدارة المرفأ في السابق لديها القدرة على ادارته واقتلاع سرطان الفساد عبر اعتماد انظمة معلوماتية مثل كل موانئ الدول المتحضرة. ربما شركة CMA CGM كون مقرها في فرنسا ولديها عمليات في عشرات الدول الناشئة والمتقدمة يمكن ان تكون المشاركة في هذا المشروع. وهنا يجب اعتماد مبدأ مشاركة الواردات مع الشركة المختارة ( Revenue Sharing) بحيث تستفيد الشركة المشغلة والدولة اللبنانية من عائدات المرفأ والجمارك وبذلك يصبح للشركة المختارة ولموظفيها حافز لاقتلاع الفساد ومكافحة التهرب الجمركي.

اعفونا من معزوفة السيادة فإدارة الأمن ستبقى مع الجيش وستقتصر مهمة الشركة على الادارة ومكننة الجمارك وإدارة المرفأ وتخمين البضائع وقبض الاموال لمصلحة الدولة والى ما هنالك.

وما يصح على جمارك المرفأ يصح على المطار بالتأكيد..

هل يكون مصطفى أديب فاتح مرحلة جديدة من التخطيط الذي يتجاوز المحرمات المذهبية والمناطقية ويطلق الانماء المتوازن بدءاً من مرفأ بيروت وامتداداً الى مطار القليعات ومباني الوزارات والادارات الرسمية؟