رانيا غانم

معراوي لـ"نداء الوطن": لا بدّ من التوفيق بين إمكانيات الدولة ومطالب أرباب المؤسسات

المطاعم تدفع فاتورة المذاق المرّ وخسائرها 315 مليون دولار

8 أيلول 2020

02 : 01

المطاعم ستنفض غبار الأزمة وقلب بيروت النابض سيحيا من جديد
بعد عام مليء بالتحديات والعوائق والتراجع غير المسبوق في الحركة السياحية ذاقت فيه الأمرين، جاء انفجار مرفأ بيروت ليفقد أرباب القطاع جنى العمر ويقضي على الآمال والأحلام. وصل عدد المطاعم المتضررة بالكامل في المناطق المنكوبة إلى ما يزيد عن 1400 مطعم، من أصل 2000 مؤسسة موجودة في المنطقة، وفق نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري. وقدّرت الخسائر الأولية بنحو 315 مليون دولار.





تأتي خسائر وأضرار المؤسسات السياحية يوم 4 آب، بعد جملة تحديات لم يتعافَ منها القطاع بعد، تتمثل في تقلب سعر الدولار وانخفاض القدرة الشرائية، فضلاً عن جائحة كورونا وما ترافق معها من سياسات الحجر والإغلاق. وبحسب إحصاءات النقابة، أقفل نحو 600 مطعم منذ انطلاق الثورة في تشرين الثاني الفائت، وسرح مئات الموظفين. لكن اللافت، رغم الكارثة التي حلّت، تصميم أرباب القطاع على نفض غبار الأزمة وإطلاق عملية الترميم وإعادة افتتاح مطاعمهم في غضون أشهر قليلة. إذاً، جزء كبير من المطاعم المتضررة مصممة على بناء ما تهدم والانطلاق من جديد، طبعاً باستثناء المطاعم الموجودة في مبان تصدّعت أو انهارت بالكامل. وفي هذا السياق، يقول صاحب مطعم في منطقة مار مخايل شوقي يزبك لـ"نداء الوطن": "سنعيد ترميم مطاعمنا بمبادرات خاصة وفردية وننهض من جديد من دون اللجوء إلى الدولة". وقرارهم هذا هو لضمان استمرارية العلامة التجارية التي بذلوا جهوداً حثيثة لبنائها، وكذلك انطلاقاً من مسؤوليتهم تجاه موظفيهم وحرصهم على الإيفاء بالتزاماتهم تجاههم، حيث يبلغ عدد العاملين في المطاعم المنكوبة نحو 3 آلاف موظف، وفق النقابة.

غياب تام للدولة

وبعد مضي شهر على الانفجار، لم تبادر أي جهة رسمية سواء من الجيش أو الهيئة العليا للإغاثة أو البلدية لزيارة المطاعم في المناطق المنكوبة لمسح الأضرار وتقييمها. وفي هذا الإطار، يقول صاحب مطعم في مار مخايل إتيان صباغ: "فقدنا الأمل في الدولة، ولا نتكل عليها رغم خسائرنا المادية والمعنوية الكبيرة، والدعم الوحيد الذي تلقيناه هو من المنظمات والجمعيات غير الحكومية". ووسط الغياب التام للحكومة، تلقى أصحاب المطاعم الدعم المادي والمعنوي والتبرعات من جمعيات محلية وعالمية والمجتمع المدني.

أما في ما يخص شركات التأمين، فقد كشف جزء كبير منها على الأضرار، لكنها لن تأخذ أي قرار في التعويض على المتضررين إلى حين ظهور نتائج التحقيق في الانفجار والذي من المتوقع أن يأخذ أياماً طويلة. وهنا تطرح إشكالية من نوع آخر، كيف ستعوض شركات التأمين على المتضررين، وهل ستدفع التعويضات نقداً أو بموجب شيكات مصرفية أو بالعملة اللبنانية، أو حتى تتهرب من الدفع؟

إعفاءات وتحفيزات

هذا الغياب التام، دفع نقابة أصحاب المطاعم إلى رفع الصوت عالياً ومطالبة وزارة المالية بإعفاء المؤسسات السياحية المتضررة من الانفجار من الضرائب والرسوم لمدة عشر سنوات، وإعفاء من الرسوم الثابتة للسنوات 2020/2021 من ضريبة أملاك مبنية وبلدية، إضافة إلى رسوم الإشغال للأملاك العامة من ارصفة واملاك عامة بحرية إضافة الى رسم الطابع المالي. كذلك طالبوا بإعطاء تحفيزات طويلة الامد للمشاريع قيد التصليح والمشاريع الجديدة تستفيد منها المشاريع القائمة ولمدة خمس سنوات، وتقسيط الدفع ضمن سياسة طويلة الامد للرسوم واشتراكات الضمان الاجتماعي، والسماح لمن سددوا الرسوم لسنة 2020 إجراء مقاصة من جميع المستحقات اللاحقة. وتقدر النقابة حجم الضرائب التي تتقاضاها الدولة من المطاعم نحو مليار دولار سنوياً.

وفي هذا السياق، يشير مدير عام وزارة المالية بالوكالة جورج معرّاوي لـ "نداء الوطن" إلى أنه لا بد من انتظار تشكيل حكومة جديدة لمعرفة ما إذا كانت ستتم الموافقة على تلك المطالب، وبرأيه "لكل وزير توجه ورؤية"، مؤكداً أن الكثير من مطالب النقابة محقة، لذا لا بد من إيجاد حل والتوفيق بين إمكانيات الدولة ومطالب أرباب القطاع لضمان استمراريتهم وبقائهم.

لكن أصحاب المطاعم في المقابل، يشددون على أنه مهما كان توجه الوزير الجديد لن يساوموا أو يتنازلوا عن مطالبهم، ويقول يزبك في هذا السياق أنه: "ثمة كارثة حلت في البلاد ولا بد من أن تعوض الحكومة علينا، ولن نستدين من المصارف على حسابنا لندفع ثمن إهمال الدولة وفشلها". وكان مصرف لبنان قد أصدر تعميماً يسمح بموجبه للمتضررين من الانفجار بالاقتراض لترميم مؤسساتهم.

حاجات القطاع

ولا تنتهي مطالب أصحاب المطاعم عند هذا الحد، إذ يشددون على ضرورة تعيين وزير اختصاص في الحكومة العتيدة يكون على دراية بمطالب القطاع وحاجاته. وبرأي يزبك لا بد من وضع سياسات تحفيزية للقطاع واستراتيجية ترويجية واضحة لاستقطاب السياح وإنعاش القطاع من جديد. لا سيما أن الصورة للمرحلة المقبلة لا تزال ضبابية وسط استمرار تذبذب سعر صرف الدولار، وتزايد المخاوف لدى أصحاب المطاعم من فقدان أصحاب الكفاءات والمهارات الذين استثمروا الكثير لتطوير وتمكين قدراتهم. ويشير صاحب سلسلة من 3 مطاعم روني أبو صعب، إلى أن بعض موظفيهم "بدأوا بتقديم استقالاتهم، لا سيما أن رواتب اليد العاملة اللبنانية باتت أكثر تنافسية في الخارج، وسيرتفع الطلب عليهم في الفترة المقبلة". وعن الحلول الماثلة أمام المطاعم المتضررة، فيجمع أصحابها على أن المرحلة المقبلة صعبة ودقيقة جداً، والأولوية ستكون لإعادة الترميم والتوسع مجدداً. ويشير أبو صعب إلى حاجة المناطق المنكوبة إلى تنظيم مناسبات ونشاطات سياحية عدة من أجل إنعاش المنطقة وإعادة استقطاب الزوار والسياح. وتعول المطاعم على الدعم الذي تتلقاه من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لتخطي المرحلة المقبلة. وأطلقت النقابة الكثير من المبادرات للوقوف إلى جانب المطاعم. وبدعم منها أطلقت شركة "زوماتو" بالتعاون مع بنك الغذاء اللبناني مبادرة لإغاثة موظفي قطاع المطاعم الذين فقدوا وظائفهم بفعل الانفجار عبر توزيع حصص غذائية. وتعمل جمعية Save Lebanese Hospitality على جمع التبرعات والأموال بهدف تأمين مساعدة مالية بسيطة للموظفين تصرف عبر البطاقات الائتمانية في المحال التجارية الغذائية ومحطات الوقود وشركات الاتصالات. ويختم إتيان بالقول: "القطاع السياحي نبض بيروت وقلبها، وسنظل نصارع من أجل الاستمرار والحفاظ على موظفينا القادمين من المناطق اللبنانية كافة".


MISS 3