"التعاميم" لا تعيد الثقة... والاحتياطي الإلزامي "يتبخّر"

02 : 00

التداول في تعاميم مصرف لبنان، تفنيدها وفك طلاسمها لم يعد شأناً داخلياً، بل تحول إلى اهتمام عالمي. فـ"سكبها" باحتراف قلّ نظيره في قالب المحافظة على القطاع المصرفي والمساعدة على إعادة هيكلته وزيادة رساميله بنسبة 20 في المئة، أخرج من الجهة الأخرى قطاعاً مشوهاً. قد ينجح المركزي بتعاميمه الاخيرة في "اعادة هيكلة القطاع المصرفي، ولكن ليس في استعادة الثقة"، يقول تقرير "بنك أوف أميركا" الصادر أخيراً.

ليس تفصيلاً بسيطاً ان يُفرد ثاني أكبر البنوك التجارية في الولايات المتحدة الأميركية من حيث القيمة السوقية صفحتي فول "فولسكاب" لشرح الاخطاء والانعكاسات السلبية للتعميم 154 الاشكالي. وهو التعميم الذي يهدف إلى ضخ رساميل في القطاع المصرفي من خلال "حث"/"فرض" المصارف المودعين على ارجاع 15 إلى 30 في المئة من كل وديعة تفوق الـ 500 الف دولار خرجت من لبنان منذ منتصف العام 2017، وتشجيعهم على تحويل اموالهم إلى اسهم "Bail in". وانطلاقاً من التحليل في التقرير فان الآلية التي يعتمدها مصرف لبنان "تفتقر إلى الشفافية، وتنطوي على قدر كبير من الاسقاطات الفوقية من قبل صانعي السياسات". ومن المحتمل أن يبقى القطاع المصرفي بحاجة إلى رأس مال أكبر من 4 مليارات دولار لاستعادة الصحة المالية، بما يفوق الهدف المعلن من مصرف لبنان.

الضبابية التي تغلف التعميم 154، والتي استدعت إجراء جمعية المصارف مطالعة قانونية طالبت من خلالها الحاكم بتفسير التعميم، ليست وحدها ما أثار قلق "بنك أو أميركا". بل أن الاخير تناول "الآلة الحاسبة" ولاحق التصاريح الرسمية الصادرة عن المركزي، وخرج بخلاصة ان الاحتياطي اليوم قد يكون 13.4 مليار دولار. ما يعني ان المركزي تجاوز الخط الاحمر للاحتياطي الالزامي المحدد بـ 17.5 مليار دولار، بما لا يقل عن 4 مليارات. فالتقرير "يشك" بان المركزي قدم قروضاً بالعملة الأجنبية تصل إلى 8 مليارات دولار أميركي للبنوك. ومن غير الواضح ما إذا هذا المبلغ الافتراضي أو جزء منه كان مستحقاً قبل الأزمة. وبالتالي فان طرح 8 مليارات دولار من أصل 21.4 ملياراً تمثل الاحتياطي الالزامي من العملات الأجنبية في "المركزي"، يعني ان الاحتياطي الالزامي الذي يمثل الضمانة الاخيرة للمودعين "يتبخر"على نار التفريط به الهادئة.


MISS 3