طوني أبي نجم

هذا ما جناه باسيل على نفسه!

14 أيلول 2020

02 : 00

من تابع بدقّة كلام رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل أمس الأحد، أدرك بما لا يقبل أي شكّ أن "صهر العهد" أعلن استسلامه إقليمياً ودولياً، في حين يكمل في مُماحكاته الداخلية.

أعلن باسيل قبوله بحياد لبنان، ورَفضه كلام رئيس "حماس" اسماعيل هنيّة، وترحيبه بقرار "حزب الله" العودة من الخارج. كما بدا مُندفعاً في ملفّ ترسيم الحدود البرّية والبحرية للبنان وِفق المسعى الأميركي. ولم يتردّد في إعلان رضوخه للمبادرة الفرنسية مُرغماً ومُكرهاً، لأنّه سيسهّل، ولو أنّ الرئيس المكلف مصطفى أديب لم يتشاور معه، ولو أنّه لن يشارك في الحكومة ولن تكون له حصّة فيها، ولو أنّه عاجز حتّى عن الدخول على خطّ البازار القائم، من خلال إصرار الثنائي الشيعي على حقيبة المالية، ولو أنّ لا رأي له في إصرار أديب على حكومة مصغّرة وتولّي كلّ وزير فيها لعدد من الحقائب.

بدا جبران باسيل خاسراً مُنهكاً وخائفاً من العقوبات الآتية، صراخه بالأمس كمن يستغيث طالباً النجدة من مكان ما، لم يبقَ له سوى الرهان على إمكانية العرقلة، سواء عبر دور رئيس الجمهورية، أو عبر رفض الثنائي الشيعي لطروحات مصطفى أديب ما قد يسمح بإطاحة الحكومة، أو عبر انتظار نتائج الإنتخابات الأميركية للإطاحة بالحكومة في ما لو خسر الرئيس دونالد ترامب وفاز المرشح الديموقراطي جو بايدن، وهذا ما لمّح إليه، حين قال إنّه سيسهّل عمل الحكومة ضمن مهلة وبشروط.

لكنّ باسيل، الذي يُدمن المعارك الداخلية، يستلذّ بإطلاق سهامه للتأكيد على أنّه، وإن استسلم، فهو لا يزال على قيد الحياة، حيث يستمدّ أوكسجين البقاء من خلال افتعال المعارك الداخلية لمحاولة شدّ عصب من هنا، وإحياء خصومات من هناك. هكذا، لم يتردّد في القنص المباشر على إصرار الرئيس نبيه بري على التمسّك بالتوقيع الثالث ومن خلفه المثالثة المقنّعة، ولو كان "حزب الله" خلف طرح بري. ولم يتوانَ باسيل عن استهداف السُنّة في لبنان، عبر إعلانه رفض أن يكون طرف واحد يشكّل الحكومة الجديدة. لكنّه ترك حصّة الملك لهجومه على "القوات اللبنانية" من خلال استعادة مفردات بائدة مثل "الميليشيات" وممارساتها، كما واتّهامها الضمني بالسعي للإطاحة برئيس الجمهورية، في محاولة يائسة لاستنهاض العصب العوني في مواجهة "القوات".

لعلّ أسوأ ما في طرح باسيل، العاجز والمستسلم والخائف، أنّ لا مشكلة لديه في الإصرار على مهاجمة "القوات" ووصفها بـ"الميليشيا"، ما يُسعّر الخلافات على الساحة المسيحية، في مقابل التغاضي عن الميليشيا الباقية في هذا البلد، وهي "حزب الله". فهو لم يتطرّق بكلمة واحدة لسلاح هذه الميليشيا وممارساتها، بل اكتفى بالترحيب بقرار "الحزب" العودة من الخارج!

في تفاصيل كلام باسيل بالأمس اعتراف سياسي واضح بسقوط عهد عمّه الرئيس ميشال عون، ما حتّم التدخّل الفرنسي، وفرض إيقاعاً جديداً على مشهد تأليف الحكومة الذي يستبعد باسيل، لناحية المشاركة في الحكومة أو حتّى في مفاوضات التأليف... وهذا "ما جنته على نفسها براقش" بعد 4 سنوات على العهد الفاشل!


MISS 3