محمد دهشة

زيارة لازاريني إلى لبنان مخيّبة للفلسطينيّين

16 أيلول 2020

02 : 01

لازاريني متفقّداً المنازل المتضرّرة بمخيم الرشيدية

بدأ المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" فيليب لازاريني، زيارته الرسمية الأولى إلى لبنان منذ تولّيه منصبه في 18 آذار، وسط تحدّيات معقدّة ومُتداخلة سياسياً ومالياً، واستياء فلسطيني واضح من تقاعس الوكالة عن القيام بواجباتها على مختلف الصعد، للتخفيف من معاناة أبناء المخيمات الذين يرزحون تحت وطأة فقر مُدقع ومزمن.

وأكّدت مصادر فلسطينية لـ"نداء الوطن" أنّ زيارة لازاريني خيّبت الآمال الفلسطينية منذ اللحظة الاولى لوصوله، اذ كانت تتوقّع ان يُعلن حالة الطوارئ الاغاثية والصحّية والتربوية فوراً نظراً للمشاكل التي يعيشها ابناء المخيّمات لجهة تفشي "كورونا" والعقبات التي تحول دون تسجيل الطلاب في المدارس الرسمية مع الاستعداد لبدء العام الدراسي، ناهيك عن الضائقة المعيشية نتيجة ارتفاع نسبة البطالة وصرف العمّال جرّاء الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان وجائحة "كورونا".

واعتبرت المصادر أنّ الزيارة لم تُحاكِ اوجاع اللاجئين وتفاقم مشاكلهم اليومية، واقتصرت على انها بروتوكولية اقرب الى الاستطلاعية أكثر منها تنفيذية، حتّى انّها خلت من اي وعود او زيارة ابرز المخيمات في لبنان - عين الحلوة، ما يطرح تساؤلات حول جدواها طالما لم تُلامس ما يريده اللاجئون انفسهم، والذين يرفضون العذر المالي في اعتبار ان رعايتهم وتشغليهم مسؤولية المجتمع الدولي عبر وكالة "الأونروا".

وأكد عضو "اللجنة الشعبية الفلسطينية" في عين الحلوة عدنان الرفاعي لـ"نداء الوطن" أنّ الزيارة "فاشلة ومخيّبة للآمال الفلسطينية، ودلّت بوضوح على اتّساع الهوّة بين لازاريني الذي يعلم جيداً الظروف التي يعيشها اللاجئون في لبنان نتيجة عمله السابق فيه، وبين تطلّعات ابناء المخيمات الذين يريدون حياة كريمة ورعاية صحية وإغاثية تربوية كي يتمكّنوا من التغلّب على معاناتهم والصمود حتى تتمّ العودة الى ديارهم، لا ان يتفرّج مع ادارته على مآسيهم أو على تحويلهم مجرّد ارقام زيادة وناقصة في المعادلة، مشيراً الى ان ثمّة حقائق تفرض نفسها على الزيارة وتتطلّب حلولاً فورية، وخصوصاً جائحة "كورونا" ومشكلة تسجيل الطلّاب وسواها.

ويؤيّد أبناء المخيمات رأي الرفاعي، ويتساءلون لماذا لم يزر لازاريني عين الحلوة الذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني ومركز القرار ونموذج المخيّمات، ويطالبونه بإعلان مواقف واضحة من مشاكلهم اليومية وتقديم الحلول، لا الإستماع والمضي قدماً فقط حتّى من دون تقديم وعود كما كانت تجري العادة من المفوّضين العامين السابقين، حتى ولو على مبدأ الإستيعاب والاحتواء والسعي نحو تقديم الأفضل.

وتفقّد لازاريني برفقة مدير "الأونروا" في لبنان كلاوديو كوردوني، مركز سبلين في اقليم الخروب، وناقش مع طلّاب لاجئي فلسطين الشباب تطلّعاتهم واهتماماتهم، قبل ان يزور المبنى الذي تمّ تأهيله لاستقبال لاجئي فلسطين الذين يحتاجون إلى العزل بسبب جائحة كوفيد- 19. كذلك تفقّد لازاريني مركز العزل وعيادة "الأونروا" في مخيم البصّ في منطقة صور، واطلع عن كثب على الخدمات الصحّية التي تواصل الوكالة تقديمها للاجئي فلسطين في ظلّ التدابير والإجراءات الجديدة بسبب الفيروس، قبل ان ينتقل الى مخيّم الرشيدية ويزور موقع إعادة التدوير والحائط البحري والمنازل المتضررة، حيث التقى مجموعة من عمّال النظافة لشكر الجهود التي يبذلونها جنباً إلى جنب مع الموظّفين في الخطوط الأمامية في ظلّ الظروف الصعبة الحالية للمساعدة في رفع مستوى السلامة والنظافة في مجتمعاتهم. وقال لازاريني "إنّ العودة إلى بيروت في منصبي الجديد، وبعد صدمة انفجار الشهر الماضي، هو أمر مؤثّر جداً بالنسبة لي، والوقت الذي قضيته مع زملائي في "الأونروا"، ومع الأشخاص الذين يعيشون في مخيمّات اللاجئين الفلسطينيين ومع ممثلي اللجنة الشعبية والأهلية ولجنة تحسين المخيم في المخيم قد أضاف الكثير إلى معلوماتي حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين المعقّدة في لبنان".

ومع بدء طلّاب مدارس "الأونروا" بالعودة إلى التعلّم في كلّ أنحاء المنطقة هذا الشهر، التقى لازاريني مع برلمانيي المدارس في منطقة صور للإستماع إلى آرائهم حول القضايا المتعلّقة بالتعليم ومخاوفهم بشأن الآفاق المحدودة التي تنتظرهم بعد تخرّجهم، قائلاً: "الحفاظ على تحفيز الشباب ومساعدتهم على الإيمان بمستقبلهم هو مفتاح استقرار أي مجتمع. إن تقديم التعليم واكساب المهارات للاجئي فلسطين الشباب هما في صميم برامجنا. من الضروري مساعدتهم على أن يكونوا منتجين في مجتمعهم ودعم وصولهم إلى سوق العمل".

ومن المقرّر أن يعقد لازاريني اجتماعات مع مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين في الأيام المقبلة لمناقشة قضايا ذات صلة باللاجئين الفلسطينيين وعمل "الأونروا" في لبنان.