رغم مخاطرها "كورونا" فرصة لإعادة بناء رأس المال البشري في الـMENA

البنك الدولي: إرتفاع البطالة في المنطق يخلق توتّرات إجتماعية

02 : 00

حذّرت مجموعة البنك الدولي في تقرير صادر أمس عن مؤشر رأس المال البشري من أن الطفل المولود اليوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، لن يحقق أكثر من 57% من قدرته الإنتاجية بعد أن يكبر مقارنة بإنتاجيته لو كان حصل على تعليم كامل وفي صحة تامة.

ويحسب مؤشر العام 2020 الإنتاجية المتوقعة للعاملين في المستقبل ويقدم لمحة سريعة عن نواتج رأس المال البشري حتى بداية تفشي جائحة كورونا. ويشكل هذا المؤشر خط أساس لتتبع التغيرات في رأس المال البشري، ويُسترشد به في النُهج المتبعة لحماية البشر والاستثمار فيهم، سواء خلال الجائحة أو بعدها.

ووفقاً للتقرير، تختلف بلدان المنطقة اختلافاً كبيراً في نواتج رأس المال البشري، التي تختلف باختلاف مستويات دخل كل بلد ومستوى تعرضها للهشاشة والصراع. فدول مجلس التعاون الخليجي الأكثر ثراء لديها قيم أعلى لمؤشر رأس المال البشري (تتراوح بين 0.56 و0.67)، في حين أن البلدان المتأثرة بالصراع تأتي في مراكز متأخرة كاليمن (0.37) والعراق (0.41).

ويخلص التحليل إلى أن بعض البلدان - كالمغرب وعُمان والإمارات العربية المتحدة - حسّنت قيمها على المؤشر خلال العقد الماضي، في حين بقيت بلدان أخرى - مثل الأردن والكويت وتونس - في مراكزها السابقة. وبشكل عام، فإن أداء بلدان المنطقة في العادة أقل على مؤشر رأس المال البشري من أداء البلدان ذات مستوى الدخل المماثل في المناطق الأخرى.

تحسين فعالية الإستثمارات

وتعقيباً على التقرير، قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج: "في الوقت الذي تهدد فيه جائحة كورونا بالقضاء على التقدم الهش الذي تحقق في نواتج رأس المال البشري، يجب على بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بذل المزيد من الجهد لتحسين فعالية وكفاءة استثماراتها في البشر. ونحن ملتزمون بدعم بلدان المنطقة من أجل استعادة وحماية وتوسيع مكاسبها من رأس المال البشري التي حققتها بشق الأنفس، إضافة إلى تقديم المساعدة للمحتاجين أثناء تفشي جائحة كورونا وبعدها".

ووفقاً للتقرير، فإن استخدام رأس المال البشري الحالي يثير مشاغل رئيسية في المنطقة، حيث تفشل بلدان المنطقة في تحويل المهارات والإمكانات الإنتاجية لنسبة ضخمة من سكانها إلى نمو اقتصادي.

إنخفاض عدد النساء العاملات

وينخفض متوسط قيمة المؤشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكثر من الثلث (من 0.57 إلى 0.32) عند احتساب نسبة السكان في سن العمل الذين يعملون. ولدى بلدان المنطقة، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، أكبر فجوة بين الجنسين في العالم في معدلات الاستخدام، وذلك بسبب انخفاض مشاركة النساء في القوى العاملة، وخصوصاً من لا يتلقّين تعليماً جامعياً منهن. ويسهم ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في نقص استخدام رأس المال البشري وتوترات اجتماعية في أجزاء كثيرة من المنطقة.

ولا تزال الفجوات بين الجنسين واسعة في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمؤشر رأس المال البشري للذكور (0.55) أقل منه للإناث (0.59) في المنطقة ككل وفي معظم بلدانها. ويُعزى هذا التفاوت إلى حد كبير إلى انخفاض النواتج التعليمية للبنين، حيث يتوقع أن تكمل الفتيات أكثر من نصف سنة دراسية إضافية معدلة حسب مستوى التعلم مقارنة بالفتيان (8.0 للبنات مقابل 7.4 للبنين).

وفي هذا الصدد، قالت المديرة الإقليمية للتنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي كيكو ميوا: "على الرغم مما تحقق من تقدم على مدى العقد الماضي، تشير النتائج التي توصل إليها مؤشر رأس المال البشري 2020، إلى أن بلدان المنطقة بوسعها أن تقوم بما هو أكثر من ذلك بكثير لتحسين حالة رأس المال البشري، واستخدامه، والمساواة بين الجنسين. إن جائحة كورونا تمثل مخاطر جمة ولكنها أيضاً تشكل فرصة لإعادة بناء رأس المال البشري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل أفضل.

فمن الإصلاح الطموح للتعليم في مصر، الذي سمح للبلاد بالانتقال بسرعة إلى التعلم عن بعد حين تفشت الجائحة، إلى عمليات الاستجابة الطارئة لمساعدة نظم الصحة والحماية الاجتماعية، في مواجهة الجائحة في جيبوتي والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن وأماكن أخرى، قمنا بدعم البلدان وسنواصل دعمها في تحقيق إمكاناتها الإنمائية الكاملة من خلال رأس المال البشري الأكثر قوة".


مكوّنات رأس المال البشري

يتألف رأس المال البشري من المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم. ويرتبط بزيادة دخل الناس، وارتفاع دخل البلدان، وزيادة التلاحم في المجتمعات. وهو يُعتبر أحد المحركات الرئيسية لتحقيق النمو المستدام والحد من الفقر.