التهريب حتى الدولار الأخير

02 : 00

أيام قليلة يذوب ثلج الدعم ويظهر مرج ارتفاع الاسعار. تمريرة أخرى من تمريرات المركزي الطويلة لم تحسن السلطة تلقّيها. تقاذفتها الأرجل وسط دفاعات الفساد الحديدية ووضعتها بعد سنة خارج شباك المصلحة الوطنية. وحدهم "تجار الازمات" من استفاد، ولا يزالون يستفيدون، من الدعم. جديدهم، فرصة ذهبية وفّرها اشتداد الخناق على النظام في سوريا لتسييل ودائعهم وتحويلها من جديد إلى "دولارية". فارتفاع سعر صفيحة البنزين في مناطق سيطرة النظام إلى نحو 40 الف ليرة سورية (20$)، مقابل فقدان البنزين المدعوم بسعر 5000 ل.س وتحديده بحصص مقسمة اسبوعياً على 30 ليتراً فقط، جعل من تهريب البنزين والمشتقات النفطية من لبنان تجارة مربحة. حيث بامكان المهرب شراء صفيحة البنزين المدعومة بـ 24600 ليرة ويبيعها في سوريا بـ 20 دولاراً.

على هذا المنوال يسيّل ودائعه المحجوزة ويشتري بها "الدولار" على سعر يفوق بقليل الـ 1515 بدلاً من 7500 ليرة، وهو السعر المعتمد في السوق الثانوية.

المشكلة ان "تذاكي" البعض ينعكس من جهة تراجعاً حاداً في احتياطي المركزي من العملات الاجنبية، الذي يعتبر صمام الأمان الاخير للبنانيين، ومن الجهة الأخرى تضخماً هائلاً. فالاحتياطي تراجع من حوالى 31.5 مليار دولار في تشرين 2019 إلى 19.5 ملياراً بحسب رواية المركزي؛ وإلى 13.4 ملياراً بحسب تقرير "بنك اوف أميركا". في حين تأمين السحوبات بالليرة يفترض طباعة العملة والتسبب بمزيد من تدهور القدرة الشرائية. في النهاية، وتبعاً لتصريحات "الحاكم" فإنّ قدرة "المركزي" على الدعم شارفت على النهاية، التي لن تكون، مع الأسف، سعيدة. فالدعم لم يستفد منه المواطنون، بل تحول إلى جيوب قلة من المستفيدين. وهو سيترك، في جميع الأحوال، لبنان أسوأ مما كان.


MISS 3