سريعاً تمدّد فيروس "كورونا" الى المزيد من المؤسسات الرسمية في صيدا، فأجبر بعضها على الاقفال لاجراء الفحوصات اللازمة للمخالطين ودفع بأخرى الى التعقيم من دون إقفال، في وقت عاودت ثالثة مزاولة عملها بعد اقفال دام لايام في اعقاب ظهور حالات اصابة مؤكدة. وكشف التمدد "الكوروني" ودخوله الى المؤسسات الرسمية التي يقصدها المواطنون يومياً عن مدى خطورة انتشاره في ظل الارتفاع المتزايد في اعداد المصابين والوفيات، وسط جدل متزايد عن جدوى الاقفال في الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية، والقلق على مصير الطلاب مع بدء العد العكسي لافتتاح المدارس أبوابها في العام الدارسي الجديد مطلع الاسبوع المقبل.
مؤتمر المسؤولية
أوضح عضو اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية الدكتور عبد الرحمن البزري الأمر قائلاً: "نصحنا وزارة التربية بالتدرج ببدء العام الدراسي من الصفوف العليا (الثانوي ثم المتوسطة الى الابتدائي والروضات) لمراقبة التطورات الصحية مع بدء موسم "الانفلونزا" العادية التي تبدأ في تشرين الثاني وتنتهي في أواخر آذار او اول نيسان" فجائحة "كورونا" باقية معنا لمدة لا تقل عن سنة ولا يمكن تأجيل حياتنا لمدة سنة"، مشيراً الى أن "الفيروس ينتقل بين الأطفال كما ينتقل بين الكبار لكنه أقل شدة لدى الأطفال إلا أنّ هذا لا يمنع أن ينقلوا العدوى إلى أهلهم".
ودعا البزري لعقد مؤتمر وطني جامع تُشارك فيه مختلف القوى والعناصر الفاعلة، والممثِلة لجميع شرائح المجتمع مدنية كانت أم دينية، في السلطة أم في خارجها، إضافة للقطاع الصحي والقطاعات الأخرى التي تتأثر بهذا الوباء، لوضع خريطة طريق حقيقية للتعايش مع الكورونا في المستقبل المنظور، و"لمنع تفاقم هذه المُشكلة التي تُهدد حياتنا وصحتنا، وأشغالنا، ومعيشتنا، وقد تقضي على مستقبل أبنائنا التربوي والمهني، وعلى الجميع التعامل مع كورونا على أساس أنها باقية للسنة القادمة، وأنها ستُشكل عنصراً هاماً في كافة تفاصيل حياتنا اليومية سواء في علاقاتنا الاجتماعية والعائلية، أم في طبيعة أشغالنا، إضافة للنواحي التربوية والثقافية، لذا ينبغي التعامل مع هذا الموضوع بجدية أكثر، وتحمّل المسؤولية سواء كُنّا جزءاً من السلطة، أم من المجتمع الذي يتشكّل منه وطننا لبنان"، وفق ما قال. وأشار كذلك الى ان "هناك كمية لقاحات للإنفلونزا ستصل إلى لبنان في نهاية تشرين الأول لكنها قد تكون غير كافية، بينما لقاحات كورونا لن تصل إلى لبنان قبل سنة ونصف السنة".
ميدانياً، عكست تداعيات تفشي الفيروس صورة متناقضة في المدينة، إذ اقفلت مؤسسات جراء اصابة عدد من موظفيها بينما عاودت اخرى فتح أبوابها، فانسحب الاقفال على مؤسسة مياه لبنان الجنوبي اثر ثبوت الحالة الإيجابية لموظفتين تعملان فيها، وابلغت الإدارة الموظفين بعدم الحضور الى المؤسسة وقامت بتعقيمها بالكامل والعمل على فرز وتحديد المخالطين، والتنسيق مع وزارة الصحة لاتخاذ الاجراءات والفحوصات اللازمة، بينما سجلت اصابة جديدة في سنترال صيدا لاحد الموظفين بالفيروس من دون اقفاله، لأن دوام الموظف المصاب كان ليلياً. وبينما استمر قلم النفوس في السراي بالاقفال نتيجة إصابة موظف بعدوى الوباء وتحديد 12 مخالطاً له، بعدما أصدر محافظ الجنوب منصور ضو قراراً بإغلاق القلم لمدة أسبوع بدءاً من الجمعة، لمتابعة الأوضاع الصحية للمصاب والمخالطين بعد إخضاعهم للفحوصات المطلوبة والتزامهم فترة الحجر المنزلي لحين انقضاء المدة.
بالمقابل، عاودت بلدية صيدا فتح أبوابها امام المواطنين واستأنفت العمل في ظل إجراءات وقائية مشددة سواء للمواطنين او الموظفين، بعد تمديد الاقفال مرتين، كذلك فعلت مؤسسة كهرباء لبنان التي عاودت عملها بعد توقف قسري نتيجة ظهور اصابة، ومصلحة المالية في سرايا صيدا الحكومية بعد اقفال دام يومين الخميس والجمعة اثر إصابة ثلاثة موظفين بفيروس كورونا خلال اسبوعين متتاليين، وتم اتخاذ قرار معاودة العمل بعد صدور نتائج فحوصات الـPCR لموظفين في المصلحة وجاءت جميعها سلبية.
الى جانب "الفيروس"، تواصلت عملية إخلاء مجمع الأوزاعي للنازحين السوريين في صيدا بموجب قرار قضائي، بعدما تقدمت إدارة كلية الإمام "الأوزاعي" في بيروت عبر القضاء المختص بطلب إخلائه، حيث غادرت نحو 40 عائلة من اصل 174 عائلة تقيم فيه منذ سنوات وغالبيتهم من العشائر والبدو من ريف حماة في سوريا.
وأوضح مسؤول ملف النازحين السوريين في بلدية صيدا كامل كزبر أن "نحو أربعين عائلة أخلت المجمع حتى الآن، ونتوقع حتى نهاية الأسبوع أن يتم إخلاؤه من نحو سبعين أخرى"، لافتاً الى ان "موضوع الاخلاء يتم بهدوء ومن دون إشكالات تذكر، تحت إشراف القوى الأمنية وبلدية صيدا وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة، وأن المهلة التي تم تحديدها هي في حدود الشهرين، حيث من المفترض قبل حلول الشتاء أن يتم إخلاء المجمع بالكامل".
