ريتا ابراهيم فريد

في اليوم العالمي للقلب

د. برنار حربية لمرضى القلب: الوقاية أولاً وابتعدوا عن التوتّر

29 أيلول 2020

02 : 00

لا حياة من دون قلب ينبض. هذه العضلة الصغيرة وسط القفص الصدري التي تقوم بوظائف خارقة لا بدّ من الحفاظ عليها والإعتناء بها، فأمراض القلب من أهمّ الأسباب المؤدية الى الوفاة. وفيما يحتفل العالم في 29 أيلول من كلّ عام باليوم العالمي للقلب، توجّه تحية إلى مرضى القلب مع التشديد على ضرورة التوعية وإجراء الفحوص الدورية وتجنّب التدخين والتوتّر وكلّ ما يمكن أن يضرّ بصحة القلب، إضافة الى اتخاذ كل أساليب الوقاية من فيروس الكورونا. ولمزيدٍ من المعلومات حول الأمر تواصلت "نداء الوطن" مع الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين وكهرباء القلب ورئيس قسم القلب بمستشفى كسروان الطبي الدكتور برنارد حربية.

كيف يمكن توصيف معدّل الإصابات بأمراض القلب بحسب آخر الإحصاءات في العالم؟


للأسف تشير الإحصاءات الى ارتفاع في عدد الإصابات بأمراض القلب. ومن خلال مراقبة معدّل عمر الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، نلاحظ أنّ الأكثر عرضة للذبحة القلبية أو الجلطة هم الذين بلغوا سنّ الـ 65 عاماً وما فوق. لكن بسبب انتشار الأمراض والدخان والتلوّث، بدأ معدّل عمر الإصابة بالتراجع، لنشهد حالات إصابات بنسبة أكبر لدى فئة الشباب. وأشدّد على أنّ السبب الرئيس لذلك هو الدخان.


في لبنان تحديداً، بتنا نرى خلال الفترة الأخيرة إصابات مرتفعة في أمراض القلب لدى فئة الشباب، إضافة الى وفيات مفاجئة لأشخاص بأعمار صغيرة، نتيجة جلطة أو ذبحة قلبية. ما هي أسباب هذا الارتفاع؟


الموت المفاجئ لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً يعود سببه الى مشاكل في كهرباء القلب أكثر من مشاكل الشرايين. لكن عندما يتخطّى الإنسان الأربعين تزداد حينها مشاكل شرايين القلب، فيصبح عرضة للذبحة القلبية التي تؤدي غالباً الى الوفاة.

أما الأسباب التي تؤدّي الى إصابة صغار السنّ أو الشباب بضعف في عضلة القلب فهي مختلفة، من بينها إصابة المريض بفيروس ما، و"سقّط ع القلب" كما يقال باللغة العامية، وأدّى ذلك الى ضعف في العضلة. كما أنّ بعض الأدوية التي تعطى لعلاج مرض السرطان تؤدّي الى ضعف في عضلة القلب أيضاً، بالإضافة الى المشاكل الجينية والوراثية وبعض الأمراض.

ولا ننسى أنّ المريض الذي تعرّض لذبحة قلبية، أو الذي يتّبع نظاماً غير سليم لحياته من خلال التدخين مثلاً، أو الذي يعاني من أمراض السكري والضغط، سيكون معرّضاً للإصابة بضعف في عضلة القلب بفعل انسداد الشريان الذي يغذّي العضلة ما يمنع وصول الدم إليها، ويؤدّي ذلك الى تلف جزء منها. كما أنّ ضغط الدم المرتفع يعدّ من أكثر الأسباب التي تؤدّي الى ضعف في عضلة القلب، والتي غالباً لا ينتبه لها الناس. لكن إجمالاً إذا تمّ التشخيص في مرحلة مبكّرة، يمكن معالجة الضغط فيتحسّن وضع العضلة تلقائياً.





هل يمكن للتوتّر الذي نعيشه اليوم في لبنان أن يؤثّر بشكل مباشر على القلب لدى الناس الأصحّاء؟


التوتّر ليس سبباً رئيساً، لكنّه من الأسباب التي يمكن أن تزيد من نسبة الإصابة في أمراض القلب بشكل غير مباشر. فلنعتبر أنّ الشخص لا يعاني من أيّ مرض، لكنه يعيش في توتّر كبير ومستمرّ. هذا التوتّر سيدفعه الى اعتماد أسلوب غير صحّي في حياته. فقد يلجأ الى التدخين أو الى تناول الطعام بشكل مفرط، فيرتفع منسوب السكّري، ويرتفع ضغط الدم، وذلك قد يؤدّي الى مشاكل في القلب. فهي حلقة مترابطة.


يقال دوماً لمريض القلب أن يبتعد عن التوتّر والحزن. هل يمكن أن تشرح لنا كيف يؤثّر الضغط النفسي على مرضى القلب؟


حين يتعرّض المريض الذي يعاني من مشاكل في القلب والشرايين الى حزن أو توتّر كبير، قد يكون أمام ارتفاع في معدّل دقّات القلب لديه، ما يعرّضه لمشاكل في انسداد الشرايين أو لذبحة قلبية. من هُنا نشدّد على الذين يعانون من أمراض القلب أن يبتعدوا عن الأمور التي تسبّب لهم التوتّر، خاصة أن الشباب يمكن أن يتحمّلوا ذلك، لكن المسنّين لن يستطيعوا تحمّله.


نعاني منذ فترة في لبنان انقطاعاً في عدد من أدوية القلب. هل بدائل هذه الأدوية موجودة؟


وماذا عن المضاعفات؟للأسف نحن اليوم نشهد انقطاعاً لأدوية القلب وللبدائل، ونعاني كثيراً بسبب ذلك. وقد شهدنا عدداً كبيراً من الحالات التي اضطرّت الى دخول المستشفى بعدما تعرّضت الى اشتراكات بفعل عدم العثور على الدواء الأصلي أو الدواء البديل في الصيدليات. هناك بعض المرضى الذين توقّفوا عن تناول أدوية السيلان، والبعض الآخر توقّف عن أدوية الضغط أو كهرباء القلب بسبب عدم توفّرها.

يمكن بسهولة أن يتمّ تأمين بدائل لأدوية الضغط، لكن بعض أدوية كهرباء القلب لم تعد متوفّرة والبديل أيضاً مفقود، وكذلك الأمر بالنسبة الى أدوية السيلان.

كل ذلك يؤثّر سلباً على صحّة المريض، ويؤدّي غالباً الى دخوله المستشفى كي يخضع للعلاج.


هناك دراسة تشير الى أنّ الإصابة بكورونا تترك تلفاً في القلب. ما صحّة هذا الموضوع؟


بعض الذين أصيبوا بفيروس كورونا عانوا من مضاعفات في القلب أدّت الى ضعف في العضلة، علماً أنّ نسبة هؤلاء الأشخاص ضئيلة. فيما أشارت بعض الدراسات أيضاً الى أنّ وظيفة عمل القلب لم تعد الى طبيعتها لدى بعض الذين تعافوا من كورونا. وهُنا نشدّد باستمرار على أهمية الوعي للوقاية من خطورة هذا الفيروس وتأثيره على صحّة الإنسان.


في إطار التوعية، كيف يمكن أن نشجّع الشباب اليوم على القيام بفحوصات دورية والاهتمام بصحة قلوبهم؟


نحن اليوم نطلب من الجميع، الشباب أو المسنين أو حتى الأطفال، أن يقوموا بإجراء تخطيط للقلب، إذ تكمن أهمّيته في أنه يكشف عن المشاكل في القلب وعن إمكانية أن يتعرّض المريض الى الوفاة المفاجئة. كما نطلب ونشدّد على أن يقوم الأشخاص الذين مرّوا بتجربة وفاة مفاجئة لأحد أفراد العائلة، أن ينتبهوا كثيراً، وأن يجري جميع أفراد الأسرة تخطيط قلب بشكل دوري. كما أننا نشدّد على الشباب الرياضيين أن يجروا أيضاً تخطيط القلب، ففي ظلّ وجود بعض المشاكل الجينية، يُمنع ممارسة الرياضة القوية التي من الممكن أن تعرّضهم الى الموت المفاجئ.


في اليوم العالمي للقلب، ماذا تقول لكلّ مريض قلب وخاصة فئة الشباب؟


أقول لهم: الوقاية أولاً، إذا اتخذتم كلّ سبل الوقاية وتابعتم علاجكم كما يجب، وابتعدتم عن خطر الدخان وزيادة الوزن، وانتبهتم الى نسبة السكري والكوليستيرول والى ارتفاع الضغط، فستكونون في أغلب الحالات بأمان.