يريفان مستعدّة للعمل مع وسطاء لوقف إطلاق النار

القصف الأذربيجاني يطال كبرى مدن قره باغ

02 : 00

من آثار القصف الأذربيجاني على ستيباناكرت أمس (أ ف ب)

اتهمت أرمينيا القوّات الأذربيجانيّة بقصف المدينة الرئيسيّة في إقليم ناغورني قره باغ المستقلّ ذات الغالبيّة الأرمينيّة، فيما تتواصل المعارك الشرسة لليوم السادس توالياً.

وبينما أكدت يريفان استعدادها للعمل مع وسطاء للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار، اشترطت أذربيجان على أرمينيا سحب جنودها من الإقليم أوّلاً، في وقت سُمِعَ فيه دوي قصف متقطّع وصفارات سيّارات الإسعاف في ستيباناكرت، كبرى مدن قره باغ، طيلة يوم أمس.

وفي هذا الصدد، أعلنت أرمينيا أن القوّات الأذربيجانيّة قصفت ستيباناكرت، ما أدّى إلى جرح "العديد" من الأشخاص. لكنّ الأهالي قالوا لوسائل إعلام عدّة إنّهم غير خائفين، معبّرين عن معنوياتهم العالية في وجه "العدوان الأذربيجاني"، ومؤكدين تصميمهم العميق على "مقاومة الغزاة".

وذكرت الحكومة المحلّية في ستيباناكرت أن القوّات الأذربيجانيّة دمّرت الجسر الرابط بين أرمينيا وقره باغ، وتوعّدت بضربة في المقابل، بينما أعلنت أذربيجان أن القوّات الأرمينيّة قصفت عدداً من مناطقها، ومنها بلدة ترتر.

تزامناً، تتكثّف الدعوات الدوليّة للبلدَيْن الجارَيْن لوقف إطلاق النار والبدء في محادثات، إذ تتصاعد المخاوف من احتمال تحوّل المواجهات إلى حرب متعدّدة الأطراف تستدرج إليها القوّتان الإقليميّتان الأساسيّتان، روسيا وتركيا.

وأكدت وزارة الخارجيّة في يريفان أن أرمينيا "مستعدّة للعمل" مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة "لإعادة إرساء وقف لإطلاق النار". لكنّها أضافت أن المحادثات لا يُمكن أن تبدأ ما لم تتوقف الاشتباكات.

وإذ اتهمت يريفان، المنضوية في حلف عسكري للدول السوفياتيّة السابقة بقيادة موسكو، أذربيجان، باستخدام "ذخائر عنقوديّة" يحظرها القانون الدولي، كشفت أن "الجيش التركي يُقاتل إلى جانب القوّات الأذربيجانيّة"، التي "تستخدم أسلحة تركيّة وطائرات مسيّرة وطائرات حربيّة".

وعبّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه البالغ إزاء تقارير تُفيد بمشاركة مقاتلين أجانب في النزاع، وذلك خلال محادثة هاتفيّة مع رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، الذي كانت لافتة مقابلته مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسيّة حين أشار إلى "ما حدث في العام 1915 عندما ذُبِحَ أكثر من 1.5 مليون أرمني خلال أوّل إبادة جماعيّة في القرن العشرين"، إذ وبحسب قوله، فإنّ "الدولة التركيّة التي لا تزال تنكر الماضي، تُغامر مرّة أخرى على طريق الإبادة الجماعيّة".

وذكر الكرملين في بيان أن بوتين وباشينيان واصلا، في ثالث اتصال هاتفي بينهما خلال 6 أيّام، مناقشة تطوّرات الوضع في المنطقة، مشيراً إلى أن "كلا الطرفَيْن أعربا عن قلقهما البالغ إزاء المعلومات الواردة عن إشراك عناصر منتمين إلى جماعات مسلّحة غير قانونيّة من الشرق الأوسط في الأعمال القتاليّة". وشدّد بوتين مجدّداً على ضرورة "الوقف الفوري للقتال في المنطقة" و"استئناف المساعي السياسيّة والديبلوماسيّة الرامية إلى تسوية النزاع، في سياق البيان المشترك الصادر عن الرئيس الروسي ونظيرَيْه الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون"، بحسب الكرملين.

كذلك، بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع باشينيان الوضع في منطقة قره باغ. وجاء في بيان للحكومة الأرمينيّة أن الزعيمين أكدا "ضرورة عدم السماح بمشاركة إرهابيين أجانب في النزاع". وحذّر الرئيس الفرنسي مراراً، تركيا، من نشر جهاديين من سوريا في قره باغ.

وكان ماكرون قد كشف خلال قمّة الاتّحاد الأوروبي في بروكسل أنّه "بحسب استخباراتنا، غادر 300 مقاتل من سوريا للتوجّه إلى باكو عبر غازي عنتاب (تركيا). إنّهم معروفون ويتمّ تعقّبهم". وأضاف أنّهم ينتمون إلى "مجموعات جهاديّة تنشط في منطقة حلب".

وانفصلت ناغورني قره باغ عن أذربيجان، ما أدّى إلى اندلاع حرب في أوائل التسعينات خلّفت 30 ألف قتيل. والجبهة شبه مجمّدة منذ ذلك الحين رغم الاشتباكات المتقطّعة التي تحصل بين الحين والآخر، وكان أعنفها في العام 2016. ويوم الأحد، استُؤنفت أكثر المعارك دمويّة منذ سنوات بعدما تبادل الجانبان الاتهامات بمن يقف وراء اندلاع القتال. ومنذ ذلك الحين، تعهّدت أذربيجان بمواصلة عمليّاتها حتّى إعادة ضمّ الإقليم أو "الإنسحاب الكامل" للأرمن، بينما أكدت سلطات يريفان وقره باغ أنّهما مصمّمتان بالقدر نفسه على القتال.


MISS 3