أكرم حمدان

أديب لم يدخل "نادي رؤساء الحكومة" ولن يتقاضى تعويضاً

3 تشرين الأول 2020

02 : 00

تجربة أديب تحتاج أجوبة دستورية (فضل عيتاني)

بمعزل عن الظروف السياسية التي أوصلت السفير مصطفى أديب لكي يُصبح رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة بـ90 صوتاً ومن ثم اعتذاره عن إمكان تشكيل حكومة المهمة تنفيذاً لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وبمعزل عن المواقف التي أطلقها ماكرون بحق القوى والأطراف السياسية التي التقاها وأخذ منها تعهدات بتسهيل مهمة أديب، والردود التي تفاوتت على كلام ماكرون، إلا أنها أجمعت على استمرار المبادرة الفرنسية.

هذه التجربة تفتح الباب أمام جملة من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة ولا سيما من الناحية الدستورية والقانونية، فتجربة تكليف أديب واعتذاره هي الأولى من نوعها بعد الطائف ولا تشبه تجربة الرئيس الراحل أمين الحافظ التي حصلت قبل الطائف ولا تجوز المقارنة بينهما.

فحكومة الحافظ التي كانت تحمل الرقم 47 وكانت الحكومة الثالثة في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية تشكلت بموجب المرسوم رقم 5513 تاريخ 25 - 4 - 1973.

لكنها لم تمثل أمام المجلس النيابي واستقالت بتاريخ 8 - 7 - 1973، وعليه فقد دخل الرئيس الحافظ نادي رؤساء الحكومة السابقين كما هي حال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إلا أن مصطفى أديب لم يتسن له هذا الشرف لأنه تكلف ولكنه لم يتمكن من التأليف كما غيره من أصحاب الدولة رؤساء الحكومة السابقين جميعاً.

كذلك فإن أديب لن يتقاضى تعويضاً كما يحصل مع رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة السابقين الذين يتقاضون نحو 75 في المئة من رواتبهم التي كانوا يتقاضونها حين كانوا يمارسون مهماتهم، لأنه لم يُمارس مهمة رئيس مجلس الوزراء التي تُعطيه حق نيل التعويض وفقاً للقانون 2574.

والسفير أديب أو الرئيس المكلف والمعتذر عن التأليف لن يحظى بالزيارة التقليدية لأي رئيس حكومة جديد سيتم تكليفه من أجل تشكيل الحكومة العتيدة التي ينتظرها اللبنانيون، وهنا الأمر يختلف عن الرئيس الحافظ الذي كانت تتم زيارته التقليدية كرئيس حكومة سابق وهو ما فعله في العام 2009 الرئيس سعد الحريري عندما كلف تشكيل الحكومة، حيث باشر حينها، زياراته التقليدية إلى رؤساء الحكومات السابقين، بزيارة الرئيس أمين الحافظ في مستشفى "أوتيل ديو" واطمأن إلى صحته، ثم الرئيس رشيد الصلح في منزله في عين التينة، ثم الرئيس سليم الحص في منزله في عائشة بكار.

وربما المشترك بين أديب والحافظ ومعهما دياب هو أنهم دخلوا إلى نادي رؤساء الحكومة من خارج المنظومة مع الإشارة إلى ان أديب والحافظ هما من الشمال وطرابلس التي منها أيضاً الرئيسان رشيد وعمر كرامي والرئيس نجيب ميقاتي.

وبعيداً عن تشابه الظروف من عدمه لجهة أن التجربة الأولى كانت قبل الطائف وأن تجربة أديب هي الأولى من نوعها بعد الطائف، فإن الثابت تقريباً هو الأعراف التي تُسيّر أمور السياسة في لبنان،لا الدستور ولا نصوصه.

فهناك إشكالية دستورية تحتاج إلى نقاش جدي وتوضيح بشأن صدور مراسيم قبول إستقالة الحكومة وتكليف رئيس حكومة وتأليف الحكومة دفعة واحدة وليس بشكل منفرد ومستقل عن بعضه البعض.

وبينما يرى البعض أن هذا الإجراء فيه مراعاة، وهو عرف وتقليد، لمقام رئاسة الجمهورية بعد الطائف، يرى المحامي والخبير الدستوري والوزير الأسبق زياد بارود في حديث لـ"نداء الوطن" أن "التدبير الدستوري لم يكتمل مع تكليف الدكتور أديب وهنا تكمن ربما فلسفة صدور المراسيم الثلاثة دفعة واحدة وبالتالي هو لم يصبح رئيساً لمجلس الوزراء أو رئيساً للحكومة، إنما حصل على صفة الرئيس المكلف بموجب الإستشارات النيابية الملزمة التي إطلع عليها رئيس مجلس النواب وأعلنها رئيس الجمهورية وفقاً للأصول الدستورية".

ويعتبر أن "أديب لم يدخل نادي رؤساء الحكومة السابقين ولن يتقاضى تعويضاً كرئيس حكومة سابق لأن التعويض وليس الراتب مرتبط بممارسة مهامه كرئيس لمجلس الوزراء من خلال ترؤس الجلسات وإدارة العمل، وطالما لم يصدر مرسوم تشكيل الحكومة فهو لم يُصبح رئيساً للحكومة تقتضي زيارته بروتوكولياً من قبل أي رئيس مكلف جديد".

ويؤكد أن "فلسفة إصدار المراسيم الثلاثة مع بعضها وعلى الرغم من أنها تطرح ربما إشكالية ونقاشاً دستورياً وقانونياً، إلا أنها في مكان ما تحمي إستمرارية عمل المؤسسات، فمثلاً لو صدر مرسوم قبول إستقالة الحكومة الحالية لما تمكنت من القيام بأي عمل مهما كان بسيطاً أو ضيقاً، فما يحصل هو أن رئيس الجمهورية يعلن ببيان قبول إستقالة الحكومة ويطلب منها الإستمرار في تصريف الأعمال إلى حين إجراء الإستشارات النيابية الملزمة وتكليف رئيس حكومة جديد ومن ثم تأليف الحكومة".


MISS 3