جولي مراد

ترامب "سوبرمان" هزم الكوفيد- 19 وأرقامه الى تراجع

7 تشرين الأول 2020

02 : 00

تحية عسكرية من شرفة البيت الأبيض (أ ف ب)

كأنك في حلقة من حلقات the apprentice (المتدرّب). والبطل هنا أيضاً ليس إلا ترامب نفسه. أرادها عودة "استعراضية" الى مسرح المبارزة السياسية كمن يخرج مشهد "فوزه" بأدقّ الحذافير. توجه الى شرفة البيت الابيض ليقف بأنفةٍ أمام عدسات المصوّرين ثم بحركةٍ بهلوانية نزع الكمامة ملوحاً بعلامة النصر ومؤدياً التحيّة العسكرية. حين أدخل الى المستشفى رشحت معلومات بأنّه كان عصياً على أوامر الأطباء. حتى هنا حيث لا يفقه شيئاً أراد الايحاء بأنه وحده من يقرّر ما ستؤول إليه الأمور. الآخرون مجرّد "كومبارس" في مسرحيّته المخططة بدقة. يجهل الرجل الجلوس في المقعد الخلفي. يريد دوماً المقود. رفض الامتثال لنصائح أهل الاختصاص بملازمة المستشفى. وكمن يقود جحافل ضد العدو صوّر نفسه وكأنّه يتحدّى وحشاً ببسالة: "لا تخافوا من كوفيد- 19! لا تتركوه يهيمن على حياتكم"، غرّد سيّد البيت الأبيض يوم مغادرته المستشفى.

عاد إذاً الى عرينه بعد 3 أيام أمضاها بعيداً عن الانظار تحت مراقبة الاطباء وتلقيه خليطاً "سحرياً" من العقاقير والادوية لا يقدّر لكلّ امرئ الوصول إليه. ولكن مقرّه الذي كان خلية نحلٍ بالأمس القريب بات اليوم، وبتعبيرٍ نستعيره من الواشنطن بوست "مدينة أشباح" مع إصابة 10 من طاقمه بالفيروس وعملِ معظم فريقه عن بعد.

وبالتزامن مع إعلان 22 ولاية ارتفاعاً ملحوظاً في الاصابات وملامسة عدد الوفيات الـ 210 آلاف، رافعة "كورونا" الى مرتبة ثالث سبب للوفاة في الولايات المتحدة في العام 2020، وبالرغم من الكشف عن إصابة مسؤولين كبار من البنتاغون بالجائحة، كثّف ملك التغريدات تعليقاته وإطلالاته المصوّرة المخففة من شأن الوباء باستهزاء. "الانفلونزا أخطر من الكوفيد 19. الانفلونزا الموسمية على الابواب. هل نغلق البلاد؟ لا، تعلمنا التعايش معها كما نتعايش مع كوفيد-19 الذي ما عاد قاتلاً لدى غالبية المصابين!". تعليق ما لبث أن دحضته المراكز الطبية في البلاد بإعلانها أنّ الكورونا أودت بعددٍ يصل الى خمسة أضعاف ما حصدته الانفلونزا في خمسة مواسم متتالية معاً". ورغم أنّ طاقمه الطبي أوضح أن خروجه من المستشفى لا يعني بالضرورة تعافيه بالكامل، بل إخضاعه لعناية طبية على مدار الساعة، وضرورة انتظار ثمانية أيام حتى تنجلي الأمور، يصرّ ترامب على إظهار نفسه كـ"سوبرمان" قهر جائحة تفتك بالملايين حول العالم، ولم تسقط شعرةٍ من رأسه. "لم أشعر بهذا القدر من الصحة منذ عشرين عاماً"، يؤكد بابتسامة عريضة معلناً بثقة: "سأعود قريباً لاستئناف حملتي".

ولا يتوانى ترامب عن إعلان حماسته للعودة الى حلبة العراك السياسي بوجه منافسه الديقراطي جو بايدن، كمصارعٍ يعود بعد فترة استراحة: "أتطلع الى مناظرة الخميس 15 تشرين الأول في ميامي. ستكون عظيمة!".

وعلى بعد 28 يوماً من الانتخابات لا تبدو صورة ترامب في الميدان "وردية"، فقد سجل هبوطاً متزايداً في استطلاعات الرأي على وقع تغريداته "اللامسؤولة"، كونه برهن للجميع أنّ إصابته بالداء، بدل أن تزيده "تعاطفاً" لم تغيّر من نهجه "الاستهتاري" قيد أنملة. وتقدّم بايدن على ترامب بـ16 نقطة (41% مقابل 57% في نوايا الاصوات)، وفق آخر استطلاع للرأي لـ"سي ان ان" و"اس. اس. ار.اس". وتفوق كذلك عليه بـ21 نقطة في استطلاعات حول "الرئيس الأكثر ثقةً لمعالجة الداء"، وبـ16 نقطة بالنسبة الى "الرئيس الأكثر مصداقية".

ورغم إنكار جمهور ترامب لهذا التراجع مروّجين لصورته كمحاربٍ باسل، كما فعل مستشاره السابق سيباستيان غوركا الذي غرّد قائلاً: "تشخيص المرض: غير قابل للهزيمة"، والسناتورة الجمهورية عن ولاية تينيسي مارشا بلاكبرن بنشرها صورة للرئيس مذيلة بعبارة "تغلب الرئيس ترامب مجدداً على الصين"، يبدو مسار ترامب حتى هذه اللحظة مقلقاً نتيجة أدائه المتخبّط مقابل ثبات بايدن على الوتيرة نفسها من التقدّم، فهل يكون ترامب الرئيس المنتخب لولايةٍ واحدة فحسب على نقيض أسلافه الثلاثة باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون؟


MISS 3