د.أسد فايز عيسى

قانون "الدولار الطالبي" وصرخة الطلاب الجدد في الجامعات الأجنبية

9 تشرين الأول 2020

02 : 00

أقرّ مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 ايلول 2020 قانون "الدولار الطالبي" الذي ينص على إلزام المصارف تحويل مبلغ لا يتجاوز 10000 دولار لكل طالب لبناني يتابع دراسته في الخارج عن العام 2020–2021، ويصبح القانون نافذاً بعد توقيع رئيس الجمهورية عليه وصدور تعميم عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بطلب تحويل الأموال عبر المصارف وليس عبر الصرافين. وفي نظرة تحليلية لمندرجات هذا القانون وبخاصة في ما يتعلق بالمستفيدين منه من الطلاب، لوجدنا التالي: يجبر القانون المصارف على السماح لعملائها بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار الى أبنائهم الطلاب في الخارج على سعر الصرف الرسمي 1515. يستفيد منه كل الطلاب الذين التحقوا بالجامعات الأجنبية في السنوات الماضية.

فور انتهاء الجلسة التشريعية بدأت وسائل الإعلام التداول بهذا القرار، بحيث قامت كل وسيلة اعلامية بنقل الخبر بطريقة مغايرة عن الأخرى، فنقل بعضها أن هذا القرار يطال كل الطلاب الذين في الخارج، ونقلت أُخرى بانه لا يطال إلا الطلاب الجدد الذين التحقوا بجامعاتهم الأجنبية في العام الجامعي الحالي 2020 – 2021، وساد جو من الإرباك الإعلامي ما اضطر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم الى التوضيح عبر حسابه على "تويتر" وكتب ما حرفيته: "تداولت بعض المواقع الإخبارية ان قانون الدولار الطالبي يسري على الطلاب الذين غادروا لبنان سنة 2020-2021. تصحيحاً نوضح انه أُقر لمن هم قبل هذه السنة، ولن تشمل 2020 -2021، بل قبل هذه السنة فقط كي لا يلتبس الأمر على الطلاب وعائلاتهم". مردّ هذا الإرباك الإعلامي في نقل محتوى القانون كان ناتجاً عن خطأ يدفع القارئ الى سلسلة تساؤلات:

أولاً: لماذا تمّ استثناء الملتحقين الجدد بالجامعات الأجنبية؟ وتحت أي مسوغ قانوني وأخلاقي؟ ألا يحملون الجنسية اللبنانية؟

ثانياً: ألا يعاني أهل هؤلاء الطلاب أسوة بأهل زملائهم الذين شملهم هذا القانون من فشل هذه السلطة ومن الأعباء في هذا الوطن الجريح؟ ولماذا تقسّمونهم "ناس بسمنة وناس بزيت؟".

ثالثاً: يجب ان يشمل هذا القانون كل الملتحقين بالجامعات الخارجية من دون استثناء لأن هذا حق مكتسب ومقدس لكل مواطن، بخاصة وأن إقراره يعتبر تهرباً فاضحاً للدولة من واجباتها ومخالفة قانونية صريحة. ولكن طالما ان الحجة بالحجة تقرع، ونطرح على مهندسي هذا القرار الذي وُضع لسنة واحدة واستثنى الطلاب الجدد ما يلي: برأيكم، من يستحق أن يُشمل به أكثر؟ الطالب الجديد الذي يمر في الخارج بمرحلة التأقلم والتعرف على مجتمع جديد وذهنية جديدة تاركاً أهله يتخبطون في بلد مدمر، أم الطالب الذي تأقلم اصلاً على ظروف حياته في الخارج. ألا تعلمون يا اصحاب الدولة والمعالي والسعادة أن معظم طلاب الدراسات العليا، خصوصاً طلاب الدكتوراه والطلاب القدامى، وفي سياق متابعتهم الدراسية يحصلون على رواتب من مراكز الأبحاث تسمح لهم بالعيش بكرامة في بلد الإغتراب؟

رابعاً: بغض النظر عن كل الحجج والحجج المضادة التي رافقت مناقشات هذا القانون حتى اقراره، هل أجريتم دراسة حول أعداد الملتحقين الجدد؟ ألا تعلمون أن أعدادهم أقل بكثير من أعداد الطلاب القدامى الذين شملهم القانون؟ وهل على الطلاب الجدد يتوقف نجاح أو فشل الخطة الإقتصادية إن لم نقل مستقبل لبنان الإقتصادي؟ وهل اصبح شملهم بهذا القانون مصدر الهدر الذي يهدد مستقبل البلد؟

خامساً: ألا تعلمون أن تقديم طلبات الإلتحاق بالجامعات الأجنبية وبخاصة الأوروبية بدأ في شهري كانون الثاني وشباط من هذا العام الحالي؟ أي عندما كان الوضع المالي للبلد مقبولاً ولم تكن جائحة كورونا قد وصلت بعد الى لبنان؟ ولم يكن أحد يدري بأن الأوضاع ستتدهور الى هذا الحد المخيف؟ وهل تحاسبون الطلاب الجدد لأنهم استكملوا ملفاتهم بالرغم من الأوضاع الإقتصادية الصعبة؟ أم كنتم تريدونهم ان يبقوا في هذا البلد المخلّع؟ أمام هذه الوقائع والتساؤلات، لا يستطيع المرء ان يجد تفسيراً منطقياً لهذا القانون المجحف، فعلى هؤلاء الطلبة كما على زملائهم القدامى نعوّل جميعاً لبناء وطن جديد بذهنية جديدة، فلا تبدأوا معهم "بدعسة ناقصة" تبدد آمالهم ببناء وطن جديد يريدونه على قياسهم.

MISS 3