جولي مراد

"تعادل سلبي" في مناظرة هاريس وبنس

ترامب: بايدن معتوه وكوفيد- 19 "نعمتي من الله"

9 تشرين الأول 2020

02 : 00

نقاش جديّ وهادئ بين بنس وهاريس في الماظرة التي جمعتهما (أ ف ب)

في مشهد جاء على نقيض ما شهدناه بين قطبي الحزبين الجمهوري والديمقراطي إبان المناظرة الأولى قبل ثمانية أيام، كان اللقاء، بين مايك بنس (61 عاماً) نائب المرشح الجمهوري ترامب والسناتورة كامالا هاريس (55 عاماً) نائبة رئيس المرشّح الديموقراطي جو بايدن، هادئاً للغاية فغابت الشتائم المبتذلة وانعدمت المقاطعة العشوائية ليسود نقاشٌ جديّ ومحترم حول شؤون البلاد، مع عبارات شكر متبادلة وإن لم تخلُ المواجهة من اتهاماتٍ متبادلة، وهو أمر رائج طبعاً في أيّ سباق سياسي.

وكما كان متوقعاً هيمنت جائحة كوفيد- 19 وتداعياتها على الحملة في مسرح اللقاء أولاً حيثُ عزّزت الإجراءات الاحترازية الصحية وفُصل بين المتناظرين بحاجزين زجاجيين فجلس بنس وهاريس خلف مكتبين تفصل بينهما أربعة أمتار. وكانت وفاة أكثر من 210 آلاف شخص بالوباء في أميركا حيث تسجل أعلى أعداد الوفيات في العالم، أمضى سلاح شهرته هاريس على خصمها فانهالت على نظيرها الجمهوري باتهاماتٍ مباشرة محاولةً إظهاره في موقع المدافع الضعيف عن أداء سياسيّ رئاسيّ فاشل فقالت له بالفمّ الملآن: "كان الأميركيون شهوداً على أضخم فشلٍ لإدارة رئاسية في تاريخ بلدنا".

لم يفقد بنس أعصابه بل ردّ لهاريس الصاع صاعين برباطة جأش وأعصابٍ باردة وهي من السمات التي تلازمه كسياسي متهماً إياها بـ«تقويض ثقة» الأميركيين بالجهود التي يبذلها الرئيس لتسريع العثور على لقاحٍ ضد الوباء ملمحاً الى أنّ التشكيك بمحاولات الرئيس وفريقه الصادقة لا ينمّ عن رفعة أخلاقٍ أبداً. ولم يفت بنس تذكير نظيرته بأن ترامب سارع منذ اللحظات الأولى لظهور الفيروس الى وقف الرحلات من وإلى الصين البلد المنشأ لـ«المصيبة»، محمّلاً الأخيرة مسؤولية إغراق العالم بأسره في محنة شديدة ومصابٍ كريه، أسوةً برئيسه الداعي الى فرض عقوباتٍ عليها واعداً بمحاسبتها.

وحاولت هاريس إظهار نقاط قوة بايدن بالتركيز على نجاحاته الاقتصادية حين كان نائباً للرئيس باراك أوباما من 2009 إلى 2017، مقابل أداء الثنائي ترامب- بنس، المنتهية ولايتهما بـ«ركود يشبه الكساد العظيم»، متهمةً الملياردير الجمهوري باتباع سياسة مناسبة للأثرياء، فسارع بنس الى الردّ قائلاً: «بايدن سيزيد ضرائبك في أول يوم يصبح فيه رئيساً».

ورفضت هاريس «تلقي دروس» من خصمها مدافعةً عن «أوباماكير» (قانون التأمين الصحي الذي تريد الإدارة الجمهورية التخلص منه)، فيما عرض مايك بنس المسيحي المتشدّد والمقرب من التيار المحافظ مواقفه «المؤيدة للحياة»، متهماً خصومه بدعم «الإجهاض المتأخر» الذي يسدد كلفته «دافع الضرائب». وأصبحت هذه القضايا الاجتماعية في دائرة الضوء منذ عيّن ترامب قاضية في المحكمة العليا في أيلول ما يعزّز الأغلبية المحافظة داخل المؤسسة المذكورة. ويطالب الديموقراطيون مجلس الشيوخ بعدم التصويت على هذا الترشيح قبل الانتخابات. وسأل مايك بنس كامالا هاريس بإلحاح عما إذا كان فريقها سيحاول زيادة عدد قضاة المحكمة العليا إذا فاز، لكن المرشحة رفضت الإجابة.

وحضرت السياسة الخارجية أيضاً في اللقاء فهاجمت هاريس ترامب قائلةً: «خان أصدقاءنا وأقام صداقاتٍ مع طغاة العالم جميعهم».

وفي حال فوز بايدن في انتخابات الثالث من تشرين الثاني ستكون هاريس، التي اعتبر ترشيحها «تاريخياً» كونها من أب جامايكي وأم هندية وأول مرشحة سوداء عن حزب كبير، أول سيدة تشغل منصب نائب الرئيس.

وبعد نهاية المناظرة مباشرةً راح الطرفان يروجان لفوزٍ أكيد فغرّد ترامب مهنئاً مرشحه بنس لفوزه على هاريس «بفارقٍ كبير»، فيما عبّر بايدن عن افتخاره الشديد بهاريس معتبراً اياها الفائزة. ورغم أنّ استطلاع الرأي في «السي.ان.ان» أعطى الغلبة لهاريس 59% مقابل بنس الذي لم يحصد إلا 38% من التأييد إلا أنّ أرقام الاستطلاعات الأخرى لم تنتج فائزاً واضحاً، فتحدّثت معظم وسائل الاعلام المكتوبة عن تعادل سلبي، فيما انشغلت شبكات التواصل الاجتماعي بذبابةٍ حطّت لدقيقتين على شعر بنس أثناء المناظرة.

مصير المناظرة الرئاسية الثانية في 15 من الشهر الحالي ما زال ضبابياً رغم إعلان اللجنة المنظمة أنها ستتم عبر الانترنت، فقد رفض ترامب المشاركة في لقاء افتراضي معتبراً أن ذلك «غير مقبول» و»تضييع للوقت» مؤكداً أنه غير معدٍ، متهماً اللجنة بالمسارعة لإنقاذ بايدن بسبب نتائجه المخيبة للآمال.

وحاول ترامب ترسيخ صورته كمنتصر على كوفيد -19 معتبراً إياه «نعمة من الله»، علماً أنه استأنف العمل في المكتب البيضوي، وإن بعدد محدود من الموظفين بالرغم من التحذيرات بتعريض حياة الآخرين للخطر. وحرص سيد البيت الأبيض على إعلام مواطنيه بمتابعته لروتينه الرئاسي بحماسة معلناً تلقيه «تقريراً حول الاعصار دلتا»، ومركزاً في الوقت عينه على الاقتصاد معلناً تفاؤله لفرصةٍ تلوح في الأفق بالتوصّل إلى اتفاق مع المعارضة الديموقراطية على خطة جديدة في هذا المجال.

وعكف الرئيس المرشح كذلك على كسر صورته كشخصٍ أناني وغير متعاطف بحديثه عن تجربة الاصابة التي مرّ بها وخروجه منتصراً منها ورغبته في أن يتلقى «الجميع العلاج الذي تلقاه رئيسهم ومجاناً» معيداً التأكيد على تعافيه بالكامل مستنداً الى تقارير طبية أفادت سابقاً بأنّه لم يعد يعاني أعراض الوباء منذ 24 ساعة ولم تسجّل لديه حمى منذ أربعة أيام.

وسخر ترامب من آخر الاستطلاعات التي تظهر فوزاً واضحاً لبايدن عليه، إذ أظهر استطلاع لـ«سي إن إن» أن الديموقراطي يتفوّق عليه بنسبة 57 في المئة مقابل 41 في المئة في أوساط الناخبين المحتملين، وتفضله 66 في المئة من الناخبات مقابل 32 في المئة يفضلنه هو، فعالج الأمر بالتجريح الشخصي، كما اعتاد دوماً، مغرّداً: «بايدن معتوه والجميع يعرف ذلك. ألا ترون انّ معدل ذكائه منخفض جداً؟!».