مريم سيف الدين

الأرمن مصرّون على الانتصار مهما كان الثمن... وأذربيجان تثأر من شوشي

10 تشرين الأول 2020

02 : 00

استهداف كنيسة المخلّص في شوشي يعود لكونها رمزاً مهمّاً (أ ف ب)

هي حرب غير متكافئة بين ناغورني قره باغ أو "جمهوريّة أرتساخ" كما يُسميها الأرمن، وبين أذربيجان. وفي وقت تُشارك فيه تركيا إلى جانب أذربيجان في الحرب بين الطرفين، ما سعّر الصراع بشكل لم يشهده من قبل منذ اندلاعه قبل أكثر من ثلاثين عاماً، يلعب تمسّك الأرمن في مختلف أنحاء العالم، بانتمائهم القومي، دوراً فاعلاً في الحرب الدائرة اليوم، حيث يقدّمون الدعم المادي والمعنوي وصولاً إلى الدعم الإعلامي والعسكري للإقليم. ففي حين تقصف أذربيجان بلا رحمة ناغورني قره باغ، التي تتّهمها بالإنفصال عنها وتصرّ على إعادتها إليها ولو من دون مدنييها، نظراً لأهميتها الجيوسياسية، يصرّ سكان الإقليم على تثبيت استقلالهم ولو كلّفهم الأمر كلّ ما يملكون. هو موقفهم الواضح يعبرون عنه للوفود الإعلاميّة الزائرة ومنها الوفد اللبناني.

في الإقليم نازحون في أحد الفنادق، نسأل هل هم يدفعون أجرة الفندق؟ فيُقال لنا أن صاحب الفندق أرمني من تشيكيا، قدم إلى المنطقة ليُقاتل على الجبهة مع أولاده، ووضع فندقه بتصرّف النازحين مجاناً كمأوى لهم. في الفندق نازحون أولادهم أيضاً على الجبهات، فقدوا الاتصال معهم لكن بقي لديهم الأمل بأن يعودوا إليهم منتصرين. هي معركة يصرّ الأرمن على إنهائها للمرّة الأخيرة وإلى الأبد. تقول إحدى النازحات بأنّها مستعدّة لدفع ثمن غالٍ للدفاع عن أرضها وبأنّها مستعدّة لإرسال حفيديها للقتال على الجبهة، ومثلها كثر.

في قره باغ كلّ شيء وكلّ إنسان معرّض للقصف، فالكلّ هدف مشروع بالنسبة إلى أذربيجان، حتّى الوفود الإعلاميّة. وكأنّه ممنوع على الإعلام تصوير الحرب من أراضي قره باغ. الأمر الذي صعّب مهمّة الوفد الإعلامي اللبناني، وجعل أفراده عرضة للقصف، ما اضطرّهم إلى الخروج أكثر من مرّة من الحافلة التي تقلّهم في طريقهم من ستيباناكرت، عاصمة "أرتساخ"، إلى مدينة شوشي، والاحتماء بين الشجر. ولم يسلم الإعلاميّون من الخطر حتّى بعد زيارة أماكن كانت قد تعرّضت سابقاً للقصف، فأثناء زيارة كنيسة المخلّص في مدينة شوشي للاطّلاع على الأضرار التي لحقتها، عاد الأذريّون واستهدفوا محيطها بعد يوم من قصفها. احتمى الصحافيّون داخل ملجأ مقابل الكنيسة ومُنعوا من المغادرة لحين توقف القصف. هي لحظات اختبرها هؤلاء كانت كفيلة بأن توثق ما يعيشه سكّان تلك المنطقة من خوف وخطر، حيث تُرافق طائرات الاستطلاع المعادية وصفارات الإنذار يوميّاتهم لتنذرهم بخطر تعرّض مناطقهم ومنازلهم للقصف وبضرورة الاحتماء.

ويرى الأرمن أن استهداف كنيسة المخلّص في شوشي يعود لكونها رمز المدينة التي استطاع الأرمن السيطرة عليها بعد معركة شرسة مع الأذريين، ما ولّد لديهم شعوراً بالثأر منذ خسروها في التاسع من أيّار في العام 1994. كذلك يجري استهداف المدينة نظراً لموقعها الاستراتيجي، "فمن يحكم شوشي يحكم أرتساخ".