الصراع الروسي - الإيراني: فلتان أمني وتصفيات في درعا

"رايتس ووتش" تُطالب بمحاسبة الأسد وبوتين على "جرائم حرب"

02 : 00

معتقلون مرتبطون بـ"داعش" وهم يُغادرون سجن "علايا" أمس (أ ف ب)

حذّرت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" أمس من أن الهجمات التي شنّتها القوّات السوريّة والروسيّة على بنى تحتيّة مدنيّة في شمال غربي سوريا، قد ترقى إلى "جرائم ضدّ الإنسانيّة"، مطالبةً بمحاسبة المسؤولين عنها وعلى رأسهم الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين.

ووثّقت المنظّمة في تقرير من 167 صفحة نشرته بعنوان: "يستهدفون الحياة في إدلب"، "46 هجوماً جوّياً وبرّياً شملت استخدام الذخائر العنقوديّة، وأصابت مباشرة أو ألحقت أضراراً بالمدنيين والبنى التحتيّة في إدلب، في انتهاك لقوانين الحرب".

وأشارت المنظّمة إلى أن الهجمات التي حصلت في الفترة الممتدّة بين نيسان 2019 وآذار 2020، تسبّبت بمقتل 224 مدنيّاً على الأقلّ، و"شكّلت جرائم حرب على ما يبدو، وقد ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانيّة". وبحسب المنظّمة، فإنّ الهجمات التي وثّقتها ليست إلّا "جزءاً بسيطاً" من إجمالي الهجمات خلال تلك الفترة في إدلب والمناطق المحيطة بها.

وإذ اعتبر المدير التنفيذي للمنظّمة كينيث روث أنّ "ضربات التحالف السوري -الروسي على المستشفيات والمدارس والأسواق في إدلب أظهرت استخفافاً صارخاً بالحياة المدنيّة"، أضاف: "تبدو الهجمات غير القانونيّة المتكرّرة جزءاً من استراتيجيّة عسكريّة متعمّدة لتدمير البنية التحتيّة المدنيّة وطرد السكّان، ما يُسهّل على الحكومة السوريّة استعادة السيطرة".

وقابلت المنظّمة أكثر من 100 من ضحايا الهجمات والشهود عليها. كما راجعت عشرات صور الأقمار الإصطناعيّة وأكثر من 550 صورة ومقطع فيديو التُقطت في مواقع الهجمات. وأكدت المنظّمة أنّها لم تجد "أي دليل على وجود أهداف عسكريّة" في المواقع المستهدفة، ما يُشير إلى أن "هذه الهجمات غير القانونيّة كانت متعمّدة". ودعت المنظّمة، الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، إلى تبنّي قرار أو بيان يدعو إلى فرض عقوبات محدّدة الهدف على القادة العسكريين والمدنيين السوريين والروس الضالعين بشكل موثوق في "جرائم الحرب" و"الجرائم المحتملة ضدّ الإنسانيّة" والتجاوزات الخطرة الأخرى. وحدّدت أسماء 10 منهم.

وبين القادة المدنيين والعسكريين "الذين قد يتحمّلون مسؤوليّة القيادة عن الإنتهاكات خلال هجوم إدلب"، وفق المنظّمة، الرئيسان الأسد وبوتين. وفي هذا الصدد، شدّد روث على أنّه "يجب أن تتضافر الجهود الدوليّة لإثبات أن الهجمات غير القانونيّة لها عواقب، وردع الهجمات المستقبليّة، وإظهار أنّه لا يُمكن لأي أحد الإفلات من المساءلة عن الجرائم الجسيمة بسبب رتبته أو منصبه".

وعلى صعيد آخر، لا يزال الصراع الروسي - الإيراني يتصاعد بقوّة في الجنوب السوري، وفي محافظة درعا تحديداً، حيث تُواصل روسيا محاولتها تقوية نفوذ "الفيلق الخامس" المدعوم من قبلها، بينما تُكثّف إيران عمليّات التجنيد لصالحها إذ بلغ عدد المتطوّعين في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري أكثر من 7900 مقاتل، هذا فضلاً عن "الفرقة الرابعة" التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، والتي تُعرف بولائها لطهران، وهي تُعتبر بمثابة "رأس حربة" في الصراع مع "الفيلق الخامس" الذي أنشأته روسيا، في وقت يكتفي فيه النظام السوري بدور "اللاعب الثانوي"، بحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان".

وتُترجم الصراعات على الأرض بتوسيع مناطق النفوذ، التي تنتج عنها توتّرات أمنيّة ناجمة عن عمليّات الاغتيال والتصفيات الكبيرة، في ظلّ فوضى عارمة وفلتان أمني في المحافظة الجنوبيّة. وكان آخر عمليّات الإغتيال يوم الأربعاء، بحيث تمّ قتل أحد أبرز قياديي الفصائل سابقاً في درعا المدعو "أدهم أكراد" ومعه 4 أشخاص، اثنان منهم من القيادات السابقة للفصائل في درعا، وذلك بعد استهداف السيّارة التي كانت تقلّهم من قبل مجهولين عند مفرق تبنة قرب مدينة أزرع.

وفي الغضون، أفرجت "قوّات سوريا الديموقراطيّة" (قسد) عن 631 سجيناً سوريّاً كانوا معتقلين لديها بتهم متعلّقة بارتباطهم بتنظيم "داعش"، في إطار عفو عام يتناول للمرّة الأولى قضايا "إرهاب". وأوضحت الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سوريا الديموقراطيّة" أمينة عمر خلال مؤتمر صحافي في مدينة القامشلي أنّ من أُطلق سراحهم هم من السوريين الذين تعاملوا مع "داعش"، إلّا أنّهم "لم يرتكبوا أعمالاً إجراميّة".

وأشارت عمر إلى أنّه تمّ الإفراج عنهم "بوساطة وطلب من رؤساء العشائر" العربيّة، في حين أوضح الرئيس المشترك لـ"مجلس العدالة الاجتماعيّة" في "الإدارة الذاتيّة" عماد كراف لوكالة "فرانس برس" أن عدد "المعتقلين السوريين المتّهمين بارتباطهم بـ"داعش" كان يبلغ 4418 شخصاً"، بينهم المفرج عنهم حديثاً في إطار "أوّل عفو عام يتعلّق بجرائم الإرهاب تصدره الإدارة الذاتيّة".

وأمام سجن "علايا" في أطراف القامشلي، شوهد عشرات السجناء لدى خروجهم. بعضهم يحمل حقائب وآخرون فقدوا أحد أطرافهم، وسط حراسة أمنيّة مشدّدة. وكان في انتظارهم أفراد عائلاتهم. وسبق لـ"قسد"، التي تضمّ فصائل كرديّة وسريانيّة وعربيّة، أن أفرجت عن العشرات من السوريين المتّهمين بارتباطهم بالتنظيم الإرهابي، بعد الحصول على ضمانات من زعماء العشائر.


MISS 3