جولي مراد

ترامب VS بايدن... اللعبة لم تنته بعد!

17 تشرين الأول 2020

02 : 00

18 يوماً تفصل الولايات المتحدة عن تغيير جذري في المصير أو ربما استمرارية في المسار في حال بقاء الرئيس ترامب في سدّة البيت الأبيض. 18 مليون أميركي صوتوا حتى اليوم في الانتخابات. ومع أنّ مسيرة ترامب الانتخابية بدت حتى الآن في مدّ وجزر بميل نحو دفة السلبية إلا أنّ الأمور لا تبدو بوضوحٍ يقصيه تماماً عن الظفر بولاية ثانية، رغم استشراس وسائل الاعلام الأميركية المكتوبة والمرئية في محاربته بترسانةٍ مسننة من المقالات والتقارير التلفزيونية، محاولة تشويه صورته كمرشح يتمتع بمصداقية وتقويض فرصه للحفاظ على منصبه الرئاسي.

ما هو مؤكّد هو سير الانتخابات الأميركية على منوال "الغريب العجيب"، فهي أول انتخابات يصاب فيها مرشح بفيروسٍ فتاك، وأول مناظرة بقالبٍ تلفزيوني غريب ومواجهة على حلبتين متباعدتين جغرافياً بين مرشحين يتحدثان بالتزامن على قناتين مختلفتين من فلوريدا وبنسلفانيا، علماً أن ترامب فاز في الولايتين الرئيسيتين المذكورتين في العام 2016 بينما تشير المؤشرات كلّها حالياً الى قدرة خصمه الأكيدة على منافسته للفوز فيهما. وقبل ساعات قليلة من المقابلة، مهد الرئيس لأجوائها بتهكمه الدائم على جو "النعسان": "أتمنّى أن أتابعه لأعرف إن كان قادراً على الاستمرار حتى النهاية".

وكما في كلّ انعطافة بالحملات الانتخابية الحالية نال كوفيد- 19 حصة الأسد من اللقاءين فتمحورت الأسئلة حوله. وبقي ترامب على ثباته بشأن المسألة مخففاً من أهمية الفيروس مشيداً بإنجازاتٍ حققها في المجال بجملٍ تسطّر نصره المبين: "قمنا بعملٍ رائع! اللقاحات قادمة والعلاج في طريقه إلينا!". وشأنه دوماً رفض المرشح الجمهوري الاقرار بأي خطأ ارتكبه وجنح الى العدوانية حين سئل عن امتناعه عن وضع الكمامة طوال الوقت، فانتفض بسخرية: "أنا رئيس وواجبي أن أرى الناس. مستحيل أن أكون محبوساً في غرفة فاخرة بمكانٍ ما في البيت الأبيض". وكان لافتاً تهرّبه المستمرّ من الاجابة على أسئلة حول آخر فحص للفيروس خضع له متذرّعاً بالنسيان رغم المحاولات الحثيثة لانتزاع جوابٍ شاف منه حول ما يقض مضاجع الأميركيين منذ اللحظات الأولى لإعلانه عن إصابته بالداء.

جواب المرشح الديمقراطي بايدن حول المسألة نفسها جاء بهدوء تام ملقياً اللوم على إدارة الرئيس للأزمة المستفحلة: "لدينا أكثر من 210 آلاف حالة وفاة وماذا يفعل رئيسنا؟ لا شيء إطلاقاً!".

وطوال اللقاء حاول بايدن أن يبدو على نقيض خصمه، هادئاً متمكناً مركّزاً مرة أخرى على مسائل طابعها "أخلاقي" مؤكّداً أنّه رئيس "جامع" لا "مُفرّق" سيعمل على إعادة اللُّحمة بين الأميركيين: "في حال انتخبت لن تجدوني مشجعاً على الانقسام، بل سأعمل بكلّ جوارحي على لمّ شمل شعبي". وحين سئل عما سيفعله لإعادة السياسة الأميركية الى "لياقتها وشرفها" أجاب بثقة عمياء: "علينا أن نصغي للآخر، اذا انتُخبت سأتصل حتماً بالجمهوريين"، مذكّراً بتاريخه بمجلس الشيوخ لأكثر من 35 عاماً كرجلٍ قادر على تجاوز الحواجز الحزبية. وبعد انتهاء اللقاء حرص بايدن على البقاء لثلاثين دقيقة إضافية للردّ على أسئلة المشاهدين بعيداً عن الميكروفون، وفي الأمر تسويق موفّق لنفسه لعلمه الأكيد أنّ مشاهد من اللقاء ستبث من دون انقطاع على القناة التي استضافته.

ويتقدّم نائب الرئيس الديموقراطي السابق بنحو عشر نقاط مئوية في المعدل الوطني لاستطلاعات الرأي على خصمه ولكن بهامشٍ أضيق في الولايات الرئيسة التي تصنع الانتخابات في الولايات المتحدة وتتأرجح بين الحزبين. ويعتبر بعض المحللين أنّ تقدّم بايدن في الاستطلاعات حتى الآن ليس دليلاً قاطعاً على فوزه المضمون، مستندين في ذلك الى ما حصل مع ترامب في انتخابات العام 2016، فحين يقارن المرء الأرقام التي سجلها في الاستطلاعات في منتصف تشرين الأول من العام نفسه بنتائج الانتخابات بعد 3 أسابيع، يتبين بوضوح أنّ المرشح الجمهوري قلّص الهوة بينه وبين كلينتون في الولايات الحاسمة هذه قالباً الميزان لمصلحته في النتائج النهائية: في فلوريدا تجاوز نسبة الاستطلاع المذكور بـ5 نقاط مئوية، في ميشيغان بـ 10.9 نقاط مئوية، في نورث كارولاينا بـ 6.6 نقاط مئوية، وفي بنسلفانيا بـ 9 نقاط مئوية، وفي يسكونسن بـ 7.4 نقاط مئوية، وفي أوهايو بـ 9.6 نقاط مئوية. وبالتالي اذا حقق ترامب تفاوتاً شبيهاً في الولايات المذكورة هذه السنة فإنه سيفوز بولاية ثانية. يدلّ ذلك على أنّ الاحتمالات كلّها واردة والأجواء تنذر بمنافسة شديدة. المحطة التالية إذاً المناظرة الثالثة في 22 تشرين الأول في ناشفيل في ولاية تينيسي وستكون في إطارها التقليدي مع تمنيات بايدن بأن يخضع ترامب لفحصٍ جديد قبل مشاركته فيها "بدافع اللباقة"!