الحكومة التركيّة تُقيل رؤساء بلديّات بحجّة "الإرهاب"

11 : 08

متظاهرون يُندّدون بقرار الإقالة أمام المقرّ الرئيسي لـ "حزب الشعوب الديموقراطي" في اسطنبول أمس (أ ف ب)

أقالت الحكومة التركيّة أمس ثلاثة رؤساء بلديّات منتخبين ديموقراطيّاً، من مناصبهم، لاتهامهم بالارتباط بالمتمرّدين الأكراد، في وقت تُصعّد فيه السلطة حملة قمعها للمعارضين. وأقيل كلّ من رؤساء بلديّات مدن دياربكر وماردين وفان، الواقعة جنوب شرقي تركيا، وجميعهم أعضاء في "حزب الشعوب الديموقراطي" الموالي للأكراد وانتخبوا في آذار، لاتهامهم بالارتباط بحزب "العمال الكردستاني" المحظور.

وأوضحت وزارة الداخليّة التركيّة في بيان أن في حق الثلاثة قضايا مفتوحة حول "نشر الدعاية الإرهابيّة أو الانتماء إلى منظّمة إرهابيّة". ومن بين التهم المشاركة في تشييع "إرهابيين" وزيارة قبورهم، وإعادة تسمية شوارع وحدائق بأسماء أعضاء مسجونين من حزب العمّال وتوظيف أقرباء للمتمرّدين. ولفتت الداخليّة التركيّة إلى استبدال رؤساء البلديّات الثلاثة حتّى الساعة بحكّام محافظاتهم المعيّنين من قبل الحكومة المركزيّة.

ونفّذت الشرطة التركيّة في الأثناء مداهمات في 29 محافظة، من بينها دياربكر وماردين وفان، وأوقفت 418 شخصاً يُشتبه في ارتباطهم بحزب "العمال الكردستاني"، بحسب الداخليّة التركيّة. وفي دياربكر، طوّقت الشرطة مبنى البلديّة، وفق ما أفادت وكالة "فرانس برس"، وعمد عناصر الشرطة إلى تفتيش الموظّفين في البلديّة عند دخولهم المبنى.

وفي ردود الفعل، رأى "حزب الشعوب الديموقراطي" في بيان أن "قرار الحكومة هو بوضوح خطوة عدائيّة ضدّ الأكراد"، ودعا "القوى الديموقراطيّة" كافة إلى التضامن معهم.

بدوره، صرّح رئيس بلديّة دياربكر سلجوق ميزراكلي للصحافيين خارج مقرّ البلديّة بأنّ في هذه الخطوة "تجاهلاً لإرادة الشعب". وتعود القضايا المفتوحة بحقّ ميزراكلي ورئيسة بلديّة فان بديعة أوزغوكتشي إرتان، إلى الفترة التي كانا فيها نائبين في البرلمان.

كذلك، أكّد النائب عن "الشعوب الديموقراطي" غارو بايلان أن على كلّ الأحزاب كما على الرأي العام رفض هذا "الانقلاب الدنيء"، لافتاً إلى أنّ "البقاء صامتين يعني أن دور أنقرة واسطنبول سيكون التالي"، في إشارة إلى أكبر مدينتَيْن في البلاد حيث خسر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم سيطرته عليهما خلال الانتخابات البلديّة الأخيرة.

ولقيت خطوة الحكومة التركيّة انتقاداً أيضاً من رئيس بلديّة اسطنبول أكرم إمام أوغلو من حزب "الشعب الجمهوري" الرئيسي المعارض، الذي أُجبر على إعادة الترشّح من جديد هذا العام بعدما أُلغي فوزه في الانتخابات المرّة الأولى في خطوة مثيرة للجدل. وحذّر إمام أوغلو من أن "تجاهل إرادة الشعب أمر غير مقبول".

وفاز رؤساء البلديّة الثلاثة المقالون بالمنصب بغالبيّة ساحقة في انتخابات آذار، إذ نال ميزراكلي في دياربكر نسبة 63% من الأصوات، فيما فاز رئيس بلديّة ماردين أحمد تورك بنسبة 56%، وإرتان بنسبة 54% في فان.

واتّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً "الشعوب الديموقراطي" بالارتباط بـ"العمال الكردستاني" المحظور، الذي يخوض تمرّداً دامياً ضدّ الدولة التركيّة منذ 35 عاماً. وينفي حزب الشعوب أيّ ارتباط له بحزب العمال، لكنّه سعى إلى التوسّط في محادثات سلام بين المتمرّدين والحكومة. والمئات من أعضائه بالإضافة إلى نحو 40 رئيس بلديّة ينتمون إليه، موقوفون حاليّاً. كما أن رئيسه السابق صلاح الدين دميرتاش موقوف منذ تشرين الثاني 2016، في قضيّة لاقت تنديداً من المحكمة الأوروبّية لحقوق الإنسان.

وأطلقت الحكومة حملة قمع ضدّ سياسيين معارضين، كما ضدّ عاملين في القطاع العام والإعلام والمجتمع المدني، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016. وعلى الرغم من أنّه ليس للانقلاب علاقة مباشرة بالمسألة الكرديّة، إلّا أن الحكومة استبدلت رؤساء 95 بلديّة من بين 100 وبلديّتَيْن فاز برئاستها موالون للأكراد خلال انتخابات العام 2014، وعيّنت بدلاً منهم شخصيّات موالية لها. وفي نيسان، ألغت الهيئة الانتخابيّة التركيّة نتائج انتخابات خمس مقاطعات ومدن، بعدما أصدرت حكماً ينصّ على أن من أقيلوا من مراكزهم بموجب مرسوم خلال فترة حال الطوارئ التي امتدّت لعامَيْن، لا يُمكنهم تولّي مناصبهم.


MISS 3