تحرير التجارة والتكامل عاملان حيويان لخفض معدلات الفقر

البنك الدولي: اقتصادات منطقة الـMena تنكمش 5.2%

02 : 00

مع انهيار النمو الاقتصادي بالمنطقة جراء "كورونا" تتدهور أرصدة الموازنة والمعاملات ما يرفع الدين

ذكر البنك الدولي في تقريره الاقتصادي أن التجارة والتكامل داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومع بقية بلدان العالم، سيشكّلان عاملاً حيوياً في خفض معدلات الفقر وتمكين الفقراء وإحياء النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد كورونا.

ويرسم تقرير أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الصادر تحت عنوان تعزيز التعاون التجاري: إحياء التكامل الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عصر ما بعد جائحة كورونا، صورة شاملة للوضع الاقتصادي في المنطقة بعد ستة أشهر من تفشي الجائحة. وهو يدرس الآثار الدائمة للصدمة الاقتصادية المزدوجة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، ويوصي بإجراء تغييرات في السياسات العامة وتطبيق إصلاحات لبناء إطار جديد للتكامل في جميع أنحاء المنطقة.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج "كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متخلفة عن الركب اقتصادياً قبل أن تنتشر جائحة كورونا، وبعد مرور ستة أشهر على التفشي، يمكننا أن نرى - بوضوح صارخ - شدة الدمار الذي لحق بالأرواح وسبل العيش والرخاء على مستوى المنطقة".

وأكّد استمرارهم "في مساعدة بلدان المنطقة على وقف انتشار المرض وحماية ورعاية شعوبها. وسنواصل التأكيد على ضرورة أن تولي بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأولوية القصوى للشفافية والحوكمة وسيادة القانون والقدرة على المنافسة في السوق، وغرس الثقة، وتعزيز القطاع الخاص، وبناء إطار جديد للتكامل الاقتصادي الإقليمي المستدام الذي سيجعل التجارة أداة قوية لتخفيف حدة الفقر وزيادة إمكانية الجميع في الوصول للفرص".

الصدمة الاقتصادية

وأثّرت الصدمة الاقتصادية المزدوجة الناجمة عن جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط على جميع جوانب اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي من المتوقع أن تنكمش بنسبة 5.2% في العام 2020، بانخفاض 4.1 نقطة مئوية عن التوقعات في نيسان 2020، و7.8 نقطة مئوية عن التوقعات في تشرين الأول 2019. وتعكس أحدث البيانات توقعات متشائمة بشكل متزايد لاقتصاد المنطقة، الذي من المتوقع ألا يتعافى جزئياً إلا في العام 2021.

كما تدهورت التوقعات لحسابات المعاملات الجارية وأرصدة المالية العامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدهوراً حاداً. ومن المتوقع أن تسجّل أرصدة المعاملات الجارية والموازنة بالمنطقة عام 2020 -5% و-10.2% من إجمالي الناتج المحلي على التوالي، وهي نسب أسوأ كثيراً من التوقعات في تشرين الأول 2019، وذلك لأسباب ترجع إلى انخفاض عائدات تصدير النفط وانخفاض إيرادات المالية العامة والمصروفات اللازمة للاستجابة لمكافحة الجائحة. وتشير التوقعات إلى أن الدين العام سيرتفع كثيراً في السنوات القليلة المقبلة، من نحو 45% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019 إلى 58% عام 2022.

وفي هذا الصدد، قال خبير اقتصادي أول وشارك في إعداد التقرير ها نغوين، وهو "تستمر الجائحة في إلحاق خسائر اقتصادية، ويتأثر الفقراء والمحرومون بشكل غير متناسب. وتشير توقعات النمو لعام 2021 إلى أن الانتعاش السريع على شكل حرف V غير محتمل، على الرغم من أن التوقعات دائمة التغير والتي تخضع لحالة شديدة من عدم اليقين".

التجارة والتكامل الإقليمي

ووفقاً للتقرير، كان أداء التكامل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - داخل المنطقة ومع بقية أنحاء العالم - ضعيفاً قبل تفشي الجائحة. ويرجع ذلك إلى أسباب اقتصادية، مثل ضعف الأداء اللوجستي، وعدم كفاءة الجمارك، وارتفاع تكلفة البنى التحتية، وعدم كفاية الأطر القانونية للاستثمارات، وتضارب الأنظمة التي تزيد من التكلفة المرتفعة للتجارة وأصبحت تمثل حواجز غير جمركية أمام التجارة.

كما أن عقبات الاقتصاد السياسي حالت دون التعاون، في حين أن آثار الصراعات والعنف أعاقت التجارة وثبطت النمو الاقتصادي.

ويقترح التقرير إطاراً جديداً للتكامل التجاري يتجاوز خفض الرسوم الجمركية. وتشير بعض الاقتراحات إلى أن تحرير التجارة يجب أن يكون شاملاً وأن يفيد جميع القطاعات، بما فيها الزراعة والخدمات. فبدون تحسين بيئة أنشطة الأعمال عموماً وتشجيع دور القطاع الخاص، لن تجني المنطقة فوائد تحرير التجارة. ومن حيث التنفيذ، ستكون هناك حاجة إلى تحقيق توازن أفضل بين الأهداف السياسية والاقتصادية لضمان عدم فشل الاتفاقات التجارية. إن الإصلاحات المتزامنة وراء الحدود – داخل المنطقة وبالتعاون مع أوروبا وأفريقيا – سوف تتطلب قواعد واضحة وآليات تنفيذ فعالة.

ومن شأن وجود إطار منسق للتكامل التجاري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يعمل على تيسير سلاسل القيمة الإقليمية، ويمهد في الوقت ذاته الطريق للاندماج بشكل أفضل في سلاسل القيمة العالمية. ويوصي التقرير بالتركيز على التجارة إقليمياً في قطاعات مثل الأمن الغذائي، والنظم الصحية، والطاقة المتجددة، واقتصاد المعرفة. وعلاوة على ذلك، يقترح إنشاء سوق رقمية مشتركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث تحسّن بلدان المنطقة كلاً من التجارة والربط الرقمي مع أسواق أوسع في أفريقيا وبلدان البحر المتوسط. وهذا من شأنه أن يساعد على زيادة الإنتاجية؛ وتنسيق الاستجابات الفعالة للجائحة؛ وتشجيع فرص العمل الشاملة المرنة والمستدامة في المنطقة.

كما تتيح منطقة التجارة الحرة لقارة أفريقيا فرصة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء لتبسيط ومواءمة الإجراءات غير الجمركية، ينبغي أن يركز الحوار الثنائي الجاري مع الاتحاد الأوروبي على إدراج الزراعة والخدمات، الأمر الذي من شأنه أن يعود بالنفع العظيم على بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع معالجة قضايا تنقّل العمالة من حيث صلتها بالتجارة.