موسكو تتنازل وتُلاقي الموقف الأميركي

الآمال بتمديد معاهدة "نيو ستارت" تتعزّز

02 : 00

المخاوف من العودة إلى سباق التسلّح بين واشنطن وموسكو لا تزال قائمة (أ ف ب)

سُجّل تقارب أميركي - روسي أمس إزاء مستقبل معاهدة "نيو ستارت" لنزع السلاح النووي، التي تنتهي في مطلع العام 2021، مع عرض روسيا "تجميد مشترك" لعدد رؤوسهما النوويّة، في ما يبدو تلاقياً مع الموقف الأميركي.

واقترحت الخارجيّة الروسيّة في بيان "تمديد المعاهدة لعام"، مبديةً استعدادها "بشكل مشترك مع الولايات المتحدة إلى تجميد عدد الرؤوس النوويّة التي يملكها الطرفان خلال هذه المدّة". وأضافت الخارجيّة الروسيّة أن هذا التجميد يجب ألّا يصحبه "أي طلب إضافي آخر من الولايات المتحدة"، وأن يُتيح "كسب الوقت" من أجل مواصلة المشاورات الثنائيّة حول مستقبل الحدّ من الأسلحة النوويّة.

وسارعت واشنطن إلى الترحيب بالتحوّل في الموقف الروسي، وأبدت استعدادها "للقاء فوري لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق". وقالت الخارجيّة الأميركيّة في بيان: "نُقدّر نيّة روسيا الاتحاديّة تحقيق تقدّم في مسألة الحدّ من التسلّح". وأضافت أن "الولايات المتحدة مستعدّة للقاء فوري لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق قابل للتحقّق"، و"نأمل في أن تُكلّف روسيا ديبلوماسييها القيام بالأمر نفسه".

ويُمدّد اتفاق من هذا القبيل مفاعيل المعاهدة إلى شباط 2022. وكان المفاوض الأميركي مارشال بيلينغسلي قد اقترح الأسبوع الماضي صيغة لتمديد معاهدة "نيو ستارت" لمدّة عام، مع "تجميد" الترسانات النوويّة. وتحدّث عن "اتفاق مبدئي"، لكن موسكو رفضت الأمر في البدء باعتبار أن الشروط "غير مقبولة".

وأبقت معاهدة "نيو ستارت"، التي أُبرمت في العام 2010، ترسانتَيْ البلدَيْن عند مستوى يقلّ كثيراً عمّا كانت عليه الحال خلال الحرب الباردة، فحدّت من عدد منصّات الإطلاق النوويّة الاستراتيجيّة المنصوبة عند 700 وعدد الرؤوس النوويّة عند 1550.

ويُثير انتهاء مفعول الاتفاقيّة الثنائيّة الرئيسيّة الأخيرة، التي تُحدّد جزئيّاً ترسانتَيْ الخصمَيْن الجيوسياسيَيْن، مخاوف من العودة إلى سباق التسلّح. وقد يتسبّب ذلك أيضاً بتدهور العلاقات بين البلدَيْن العملاقَيْن في مجال حسّاس للغاية. ولا تزال روسيا والولايات المتحدة تملكان سويّاً أكثر من 90 في المئة من الأسلحة النوويّة في العالم.

توازياً، ندّد الكرملين بما أسمّاه "المشاعر المعادية لروسيا" في الولايات المتحدة، بعد إعلان القضاء الأميركي اتهام 6 عناصر في الإستخبارات العسكريّة الروسيّة بشنّ هجمات إلكترونيّة على مستوى العالم، من بينها اختراق حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين إنّ "هذه الاتهامات هي جزء من المشاعر المحمومة المعادية لروسيا والتي ليس لها بشكل بديهي أي علاقة بالواقع"، مستنكراً "الاتجاه إلى إلقاء كلّ الذنوب على كاهل روسيا والأجهزة الروسيّة الخاصة". كما شدّد على أن روسيا "والأجهزة الروسيّة الخاصة لم تُنفّذ مطلقاً هجمات إلكترونيّة، لا سيّما في ما يتعلّق بالألعاب الأولمبيّة".

وكانت واشنطن قد وجّهت الإثنين لائحة اتهام إلى 6 من عملاء الإستخبارات العسكريّة الروسيّة بارتكاب هجمات إلكترونيّة نفّذت بين عامَيْ 2015 و2019. واستهدفت هذه الهجمات بشكل خاص حزب ماكرون قبل الإنتخابات الفرنسيّة في العام 2017، والألعاب الأولمبيّة العام 2018 في كوريا الجنوبيّة وشبكة الكهرباء الأوكرانيّة. وبات قراصنة الإنترنت الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و35 عاماً، مطلوبين من قبل العدالة الأميركيّة.

وفي الغضون، اتهمت الإستخبارات الروسيّة الولايات المتحدة بالرغبة في إحداث ثورة بمناسبة الإنتخابات الرئاسيّة في مولدوفا في الأوّل من تشرين الثاني، على غرار ما حصل في بيلاروسيا وقرغيزستان اللتَيْن تشهدان احتجاجات شعبيّة، بحسب موسكو. واعتبر رئيس الاستخبارات الخارجيّة الروسيّة سيرغي ناريشكين في بيان أن "الولايات المتحدة تُواصل بلا وازع التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول الصديقة لموسكو"، مضيفاً: "نرى اليوم الأميركيين يُخطّطون لسيناريو ثوري في مولدوفا في تشرين الثاني". ويتنافس في الإنتخابات الرئاسيّة في مولدوفا بشكل خاص الرئيس الحالي إيغور دودون، الذي يُعدّ موالياً لروسيا، ورئيس الوزراء السابق مايا ساندو، الذي يُعتبر أكثر قرباً من أوروبا والغرب.


MISS 3