وجّه رسالة ضمنيّة إلى واشنطن

شي يُلوّح بقوّة الصين العسكريّة

02 : 00

شي خلال إلقائه خطابه في ذكرى مرور 70 عاماً على تدخّل بلاده في الحرب الكوريّة (أ ف ب)

في خضمّ "الحرب الباردة" المستعرة بين واشنطن وبكين على أكثر من جبهة وفي ملفات شائكة عدّة، حذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ أمس "أي غزاة محتملين" من "عزيمة بكين العسكريّة"، خلال خطاب أدلى به بمناسبة ذكرى مرور 70 عاماً على تدخّل بلاده في الحرب الكوريّة، وهي المرّة الوحيدة التي شهدت مواجهة بين القوّات الصينيّة والأميركيّة.

واعتبر شي خلال خطابه الطويل المفعم بالوطنيّة والأمثلة على بسالة القوّات الصينيّة، أنّ النصر الذي تحقّق في الحرب التي استمرّت بين 1950 و1953 يُعدّ تذكيراً بأنّ بلده مستعدّ "لمحاربة أي جهة تتسبّب باضطرابات على عتبة الصين". وعادةً ما تستغلّ الصين مناسبات كهذه لتوجيه تحذيرات مبطّنة للولايات المتحدة من "قوّة الصين العسكريّة الجديدة".

وندّد شي بنزعات اليوم "الأحاديّة والحمائيّة وجنون العظمة الشديد"، من دون أن يُسمّي الولايات المتحدة بشكل صريح، لافتاً إلى أن "الصينيين لا يتسبّبون باضطرابات، كما أنّنا لا نخشاها أيضاً". وتابع: "لن نجلس مكتوفي الأيدي ونتفرّج على أي ضرر يلحق بسيادتنا الوطنيّة، ولن نسمح قطّ لأي قوّة بأن تغزو أو تُقسّم أراضي الوطن الأم المقدّسة"، في إشارة منه إلى تايوان.

ووافقت الولايات المتحدة أخيراً على بيع تايوان 135 صاروخ "كروز" دفاعيّاً من طراز "سْلام إي آر"، الذي يكفي مداه لبلوغ الصين، في صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار. كما قرّرت واشنطن، التي تعتبر التصدّي لتنامي النفوذ الصيني في المنطقة أولويّة إستراتيجيّة، بيع تايبيه قاذفات صواريخ تكتيّة مقابل 436 مليون دولار ومعدّات تصوير للإستطلاع الجوّي مقابل 367 مليون دولار، لتصل بذلك القيمة الإجماليّة لهذه المبيعات إلى أكثر من 1.8 مليار دولار، بينما تتمسّك السلطات الشيوعيّة في بكين بمطالبها بالهيمنة على الجزيرة التي تحظى بحكم ذاتي، إذ تُهدّد الصين باستمرار باجتياح تايوان عسكريّاً باعتبارها جزءاً من أراضيها.

كذلك، تُعدّ الحرب الكوريّة محطّة أساسيّة بالنسبة إلى الحزب الشيوعي في الصين الذي كان هدفاً في السنوات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في إطار نزاع جيوستراتيجي امتدّ من التجارة مروراً بالتكنولوجيا والحرب السيبرانيّة وحقوق الإنسان وصولاً إلى هونغ كونغ وبحر الصين الجنوبي وتايوان.

وكانت الحرب الكوريّة المرّة الأولى والوحيدة التي انخرطت فيها القوّات الصينيّة والأميركيّة في مواجهة عسكريّة واسعة النطاق ومباشرة. وتُفيد الحكومة الصينيّة بأنّ أكثر من 197 ألف جندي صيني قُتِلوا خلال الحرب التي استمرّت 3 سنوات. وعلى وقع ارتفاع منسوب التوتّر الجيوسياسي مجدّداً بين واشنطن وبكين، تُولي الصين أهمّية كبيرة لذكرى تدخّل قوّاتها في الحرب الكوريّة، في خطاب موجّه للداخل من جهة ولخصومها على الساحة الدوليّة من جهة أخرى.

وجاء في افتتاحيّة لصحيفة "غلوبال تايمز" الصينيّة هذا الأسبوع أنّه "عندما كانت الصين فقيرة للغاية، لم تستسلم أمام الضغوط الأميركيّة". وأضافت: "تحوّلت الصين اليوم إلى بلد قويّ، لذا لا سبب لدى بكين للخوف من التهديدات الأميركيّة والقمع"، فيما قالت المحلّلة المتخصّصة في الشأن الصيني لدى مؤسّسة الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنيّة أليس إكمان: "شي يستنهض روح الحرب بمفهومها الأوسع"، في حين أشار أستاذ السياسة الدوليّة لدى جامعة "رينمين" إلى أنّه من خلال إحياء ذكرى الحرب "تُعلن الصين للولايات المتحدة بأنّها لم تكن تخشاها في الماضي ولا تخشاها اليوم"، معتبراً أنّه "تمهيد لنزاع عسكري محدود محتمل مع الولايات المتحدة".


MISS 3