الاشتراكي "مش مستقتل" على الصحة... والحصة الدرزية "محلولة"

"مداورة طائفية" خارج المالية... والداخلية "عونية"!

01 : 59

خلال اعتصام أولياء الطلاب في الخارج أمام المصرف المركزي أمس للمطالبة بالإفراج عن "الدولار الطالبي" (رمزي الحاج)

على خطين متوازيين، يلتقيان في أبعادهما الجيوسياسية، يسير "الترسيم" الحدودي والحكومي في البلد بسلام ووئام تحت مظلة الزخم الغربي الراعي للترسيمين. فعلى السكة الحدودية ينطلق قطار التفاوض العملي مع إسرائيل اليوم في الناقورة بعد جلسة أولى تعارفية استهلالية بين الوفدين المتفاوضين والوفدين الضامنين للمحادثات. وكذلك على السكة الحكومية، تسير عجلات التأليف بسلاسة ملحوظة باتجاه بلوغ محطة التشكيل، وإن كان هاجس الارتطام بلغم مباغت في أي لحظة لا يزال حاضراً في الأذهان قياساً على التجارب التاريخية مع الطاقم الحاكم.

وتحت سقف هذه الخشية، تجهد الحركة المكوكية "الكاسحة للألغام" التي يقوم بها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ذهاباً وإياباً نحو قصر بعبدا، في سبيل تعبيد الطريق أمام تصوره الحكومي وسحب الصواعق التي تعترض تشكيلته العتيدة. وتشي المعلومات الشحيحة المتوافرة حول حركة الحريري، أنه قطع شوطاً قياسياً في تأمين أرضية توافقية مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول جملة مسلّمات وتفاهمات شكلاً ومضموناً إزاء البنية الوزارية، وفي مقدمها مبدأ "المداورة" في الحقائب بين الطوائف مع استثناء المالية، بعدما لم تعد عقدة "المعاملة بالمثل" مع الثنائي الشيعي تحكم توجهات "التيار الوطني الحر" لا سيما بالنسبة لحقيبة الطاقة التي ستخرج من حصته مقابل دخول حقيبة الداخلية والبلديات في الجعبة "العونية".

فللمرة الثالثة في أقل من أسبوع، اجتمع الرئيس المكلف أمس برئيس الجمهورية بعيداً من الإعلام وسط تعتيم وتعميم "جو التفاهم على ما تحقق حتى الآن من تقدم" بين الجانبين. وأفادت مصادر مواكبة "نداء الوطن" أنّ لقاء الأمس "حسم مسألة التشكيلة العشرينية وأسقط الطوائف على الحقائب من دون دخول في الأسماء والحصص، باعتبار أنّ ذلك متروك للمرحلة النهائية بعد التوافق على صيغة وتركيبة التوزيع الطائفي للحقائب"، معربةً عن اعتقادها بأنّ "الساعات القليلة المقبلة ستحمل مؤشرات فاصلة لجهة بلورة صورة التوافقات المتقاطعة رئاسياً وسياسياً، على أن يكون اللقاء المقبل بين عون والحريري حاسماً في عملية استيلاد الحكومة، لأنّ أي تأخير في الحسم سيعني تعمقاً أكثر في شياطين التفاصيل وعودة الأمور إلى نقطة الصفر، وهذا ما لا يريده أي طرف من الأطراف".

وفي الغضون، لفت أمس دخول قصر بعبدا على خط الحصة الدرزية الوزارية، من خلال لقاءين منفصلين عقدهما مع النائب طلال أرسلان ووئام وهاب خلصا إلى تسريب أجواء إيجابية عنهما. وإذ تواترت أنباء خلال الساعات الأخيرة عن تباين في وجهات النظر حول الحصة الدرزية في الحكومة، تؤكد مصادر قيادية اشتراكية لـ"نداء الوطن" أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي لن يخوض في أي "مشكل درزي – درزي" ولن يهدي أحداً فرصة العزف على هذا الوتر، فالقضية "محلولة" وكل ما يهم رئيس الحزب وليد جنبلاط هو تمثيل وازن لطائفة الموحدين بغض النظر عمن سيتولى هذه الحقيبة أو تلك.

وعما أشيع عن وجود تجاذب بين "الاشتراكي" و"حزب الله" حول حقيبة الصحة، آثرت المصادر عدم الدخول في "بورصة" الحقائب مكتفيةً بالتشديد على أنّ الحزب الاشتراكي "مش مستقتل" لا على الصحة وعلى سواها وهو يمارس أقسى درجات المرونة منذ تكليف السفير مصطفى أديب إلى تكليف الرئيس الحريري، ولا مشكلة في مقاربة الأمور "فالخيارات كلها مفتوحة، باعتبار أنّ المسألة لا تتصل بالتمثيل الحزبي إنما تنطلق من مبدأ احترام الحق بالتمثيل الوزاري اللائق للدروز، ولا مانع تحت هذا السقف من الانفتاح على مختلف التصورات المطروحة سواءً بالنسبة للحقيبة أو الحصة أو التسمية".

وإذ أكدت أنّ "الحزب كحزب" لن يسمي مرشحين للتوزير، لفتت إلى أنّ آلية التسميات ستفرض نفسها في وقت لاحق سواء بتقديم قائمة أو بتلقي أخرى لتبادل الآراء حول الترشيحات المحتملة بحسب نوعية الحقيبة والمجال التخصصي الذي يقتضي توافره في من سيتولاها، مشيرةً إلى "ثلاثة اعتبارات تحكم الموقف الاشتراكي إزاء الملف الحكومي، أولاً وجوب الإسراع في التشكيل، ثانياً ألا تكون نسخة عن سابقاتها لا على نسق حكومة حسان دياب ولا على شاكلة حكومات التعطيل السابقة، وثالثاً أن يتم تشكيلها على أساس أن تكون بنود الورقة الفرنسية الإصلاحية هي برنامج عملها".