توقيف مُشتبه فيه آخر وإحباط هجوم جديد

لودريان يُحذّر من تهديدات "في كلّ مكان"

02 : 00

فرنسا عزّزت إجراءاتها الأمنيّة حول كنائس البلاد (أ ف ب)

بينما تباينت ردود الفعل الدوليّة على الإعتداء الإرهابي الذي استهدف كنيسة "نوتردام دو لاسومبسيون" في نيس، دعت فرنسا مواطنيها المقيمين خارج البلاد إلى الحيطة فيما عزّزت تأمين أراضيها، خصوصاً أماكن العبادة والمؤسّسات التعليميّة.

ودعا وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان مواطني بلاده الذين يعيشون في الخارج إلى توخّي الحذر غداة اعتداء نيس الدموي، مشيراً إلى وجود تهديد للمصالح الفرنسية "في كلّ مكان". وقال بعد اجتماع لمجلس الدفاع: "وجّهت رسالة تحذير من احتمال وقوع اعتداءات إلى كلّ رعايانا في الخارج، أينما كانوا، لأنّ التهديد في كلّ مكان".

وأضاف لودريان: "ننتقل سريعاً من الكراهية الافتراضيّة إلى العنف الفعلي، وقرّرنا أن نتّخذ كلّ الإجراءات لضمان أمن مصالحنا ورعايانا"، موضحاً أنّ التعليمات أعطيت للسفراء "لتعزيز الإجراءات الأمنيّة" حول الممثليّات الفرنسيّة في العالم من سفارات وقنصليّات، هذا فضلاً عن المدارس.

وبعد أسابيع قليلة على قتل المدرّس صامويل باتي بقطع الرأس بعدما عرض على تلاميذه رسوماً كاريكاتوريّة لنبي الإسلام في إطار حصّة حول حرّية التعبير، دعا وزير الخارجيّة الفرنسي إلى الحذر الشديد في محيط المدارس. ولفت إلى "أنّنا اتخذنا قراراً بعدم فتح المؤسّسات التربويّة إلّا بعد اتخاذ الإجراءات الضروريّة والاهتمام بأولياء الأمور والمدرّسين والتلاميذ"، مشيراً إلى أنّ هذه التدابير تتّخذ "بالتعاون مع السلطات المحلّية التي تُساعدنا عموماً".

وبخصوص قتل شاب مسلّح بسكين ثلاثة أشخاص داخل كنيسة "نوتردام دو لاسومبسيون" في قلب مدينة نيس صباح الخميس، أوضح المدّعي العام لمكافحة الإرهاب المسؤول عن التحقيق جان فرانسوا ريكار أنّ منفّذ الهجوم الذي أُصيب بجروح خطِرة على يد الشرطة ونُقل إلى المستشفى، تونسي يُدعى إبراهيم عويساوي، ويبلغ من العمر 21 عاماً، وصل إلى فرنسا في تشرين الأوّل بعدما نزل في جزيرة لامبيدوسا الإيطاليّة في 20 أيلول.

وأكد مصدر في وزارة الداخليّة الإيطاليّة هذه المعلومات لوكالة "فرانس برس"، مُضيفاً أنّ الرجل لم يكُن معروفاً لدى الإستخبارات الإيطاليّة. وهو غير معروف أيضاً لدى الإستخبارات الفرنسيّة. وفَتحت نيابة مكافحة الإرهاب الفرنسيّة تحقيقاً في الاعتداء الذي دفع فرنسا إلى رفع التأهّب إلى درجة "طوارئ لمواجهة اعتداء"، وهي الدرجة القصوى في إطار خطّة "فيجيبيرات" لحماية الأراضي.

وأعلن مصدر قضائي أنّ رجلاً يبلغ من العمر 47 عاماً، يُشتبه في أنّه كان على صلة بالمهاجم، أوقف قيد التحقيق لدى الشرطة. وبعدما تمكّن فريق من شرطة بلديّة نيس من شلّ حركته، تقدّم المهاجم نحو قوّات الأمن "بطريقة تهديديّة مردّداً "الله أكبر"، ما اضطرّها لإطلاق النار"، بحسب المدّعي العام. وأوضح ريكار أيضاً أنّ المحقّقين وجدوا بالقرب منه مصحفَيْن وهاتفَيْن وسلاح الجريمة وهو "سكين طوله 30 سنتمتراً يبلغ طول شفرته 17 سنتمتراً".

وفي الأثناء، أفادت وكالة "رويترز" بأنّ الشرطة الفرنسيّة اعتقلت رجلاً مسلّحاً بسكينَيْن في باريس أمس. ونقلت "رويترز" عن مصدر في الشرطة أنّ الحادث الجديد حصل في الدائرة 15 جنوب غربي العاصمة، حيث هدّد المسلّح ضبّاطاً بسكينَيْه. وأكد المصدر أنّ الشرطيين تمكّنوا من السيطرة على الرجل، من دون وقوع أي إصابات جرّاء الحادث.

ودان ماكرون خلال تفقّده الكنيسة في نيس الخميس "الهجوم الإرهابي الإسلامي"، وأعلن تعزيز خطّة "فيجيبيرات" الأمنيّة ليرتفع عدد الجنود الذين يقومون بدوريّات في الشوارع من 3 آلاف إلى 7 آلاف. وعكست صحف الجمعة في فرنسا الصدمة التي سبّبها الإعتداء الجهادي في البلاد، حيث كتبت "لوفيغارو" في عنوانها الرئيسي: "نيس: فلتان الوحشيّة الإسلاميّة في فرنسا"، بينما تحدّثت ليبراسيون" عن "دوامة الإرهاب". أمّا صحيفة "لاكروا" الكاثوليكيّة، فكتبت: "صمود".

وفي الغضون، أعلنت وزارة خارجيّة البرازيل أنّ امرأة برازيليّة من بين ضحايا الإعتداء. وقالت إنّ "الحكومة البرازيليّة تُعلن بأسف شديد أنّ واحدة من الأشخاص الذين قُتلوا، امرأة برازيليّة تبلغ من العمر 44 عاماً وهي أمّ لثلاثة أطفال تعيش في فرنسا". وهذه المرأة التي فرّت من الكنيسة، "فارقت الحياة في مطعم قريب، متأثّرةً بجروح متعدّدة" أُصيبت بها.

وفي تونس، أكد نائب وكيل الجمهوريّة في المحكمة الابتدائيّة في العاصمة محسن الدالي أنّه "تمّ التعهّد بفتح (تحقيق) في شبهة ارتكاب تونسي لعمليّة إرهابيّة خارج البلاد"، مُضيفاً أنّ "التحرّيات متواصلة". وأوضح أنّ النيابة العموميّة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت لوحدة أمنيّة مختصّة بالتحرّي في حقيقة وصدقيّة وجود تنظيم يُدعى "المهدي بالجنوب التونسي" تبنّى تنفيذ عمليّة نيس الإرهابيّة، فيما أفادت عائلة العويساوي بأنّ الأخير أصبح متديّناً قبل سنتَيْن تقريباً.

وبينما تواصلت التظاهرات العنيفة المناهضة لفرنسا في دول إسلاميّة عدّة، توافد آلاف الفرنسيين إلى كنيسة "نوتردام دو لاسومبسيون" حيث وضعوا الزهور وأضاؤوا الشموع تكريماً لضحايا الهجوم البربري الذي فصل خلاله المهاجم رأس إمرأة عجوز.