طهران تدعو واشنطن إلى التعويض عن "الأخطاء"

بايدن يَعد بتوحيد أميركا... وترامب يشكو التزوير

02 : 00

ترامب يُحيي أنصاره من داخل سيّارته أمام ملعب الغولف الذي يملكه في ستيرلينغ أمس (أ ف ب)

لا يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وارد رفع "الراية البيضاء" والإقرار بخسارته الإنتخابات الرئاسيّة "عبر إعلان وسائل الإعلام بذلك"، أقلّه ليس قبل الاحتكام إلى القضاء، إذ أكد مرّة أخرى أمس ضرورة القيام "بتدقيق في أصوات"، متحدّثاً عن وقوع "تزوير واسع"، بينما وعد الرئيس المنتخب جو بايدن خلال احتفاله بـ"فوزه المقنِع" في مدينته ويلمينغتون السبت، بأن يكون الرئيس الذي سيوحّد الولايات المتحدة.

وفيما توجّه إلى ملعب الغولف الذي يملكه في ستيرلينغ بفرجينيا قرب واشنطن لليوم الثاني توالياً، أشار ترامب في تغريدة إلى ما اعتبرهُ "تزويراً" في ولاية بنسلفانيا التي منحت بايدن 20 صوتاً في المجمع الإنتخابي، الذي يختار ناخبوه الكبار رئيس الولايات المتحدة، لافتاً إلى قرار للمحكمة العليا كان قد قضى بضرورة عزل الأصوات "البريديّة" التي وصلت بعد انقضاء الأجل الزمني المحدّد.

ورأى ترامب كذلك أن ما حصل كان "مشكلة منهجيّة"، لأنّ الأمر يتعلّق بالتحقق والتدقيق في تلك الأصوات، وهذا الأمر "يمسّ الإنتخابات برمّتها على نحو خطر"، بينما كان قد أعلن في رسالة وجّهها إلى أنصاره أنّه يعمل على تشكيل فريق دفاع "سيضمّ أقوى ما لديّ من محامين"، مكرّراً مزاعمه في شأن التزوير "في كلّ المدن الفاسدة التي يُديرها الديموقراطيّون"، متّهماً اليسار بالسعي إلى "نزع السلطة من الشعب الأميركي" عبر عمليّة تزوير "لم يسبق لها مثيل".

وعلى الرغم من أن بعض الجمهوريين وقفوا على الحياد بخصوص "نزاهة الإنتخابات"، لكن ترامب يتلقّى جرعات دعم من وجوه بارزة في الحزب المحافظ كان آخرهم العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ ليندسي غراهام، الذي حضّ الرئيس على "القتال بشراسة" وعدم الإقرار بخسارته أمام بايدن، واصفاً عمليّة الاقتراع عبر البريد بأنّها "فوضى عارمة". ويتوقّع أن يُعاد فرز الأصوات في كلّ من ويسكنسن وجورجيا، وربّما في ولايات أخرى أيضاً، في وقت أفادت فيه شبكة "سي أن أن" بأنّ صهر ومستشار الرئيس جاريد كوشنر يتواصل مع ترامب لحثّه على "الإعتراف" بفوز منافسه.

وفي المقابل، دعا بايدن أمام حشد كبير تجمّع داخل سيّارات في جوّ احتفالي في مدينته ويلمينغتون السبت، الأميركيين، إلى عدم معاملة "خصومهم كأعداء"، قائلاً: "هؤلاء ليسوا أعداءنا. إنّهم أميركيّون". وتعهّد بأن يكون "رئيساً يسعى إلى التوحيد لا إلى التقسيم"، مشدّداً على أنّه "حان الوقت لمعالجة جرح" البلاد، و"وضع حدّ للشيطنة". كما أشاد بالأميركيين الأفارقة الذين لعبوا دوراً أساسيّاً في فوزه. وتوجّه بايدن، الكاثوليكي الملتزم، صباح الأحد إلى الكنيسة في ويلمينغتون في ولاية ديلاوير، لحضور القداس.

وسيتعيّن على بايدن خوض معركة سياسيّة كبيرة جديدة بحلول كانون الثاني لمحاولة تأمين غالبيّة في مجلس الشيوخ، إذ من المقرّر أن تحسم معركة الغالبيّة في المجلس في 5 كانون الثاني في انتخابات فرعيّة مزدوجة في ولاية جورجيا، حيث لا يزال هناك مقعدان لم يحسما بعد الأمر.

وبعدما هنّأ قادة من كلّ أنحاء العالم بايدن بفوزه بالرئاسة وسط صمت المعسكر الجمهوري الذي يرفض الإعتراف بالهزيمة، كان لافتاً بالأمس تهنئة الرئيس الأميركي الأسبق الجمهوري جورج دبليو بوش، الذي انتزع فوزه بالرئاسة أمام المحاكم العام 2000، بايدن، بفوزه في انتخابات "نزيهة ونتيجتها واضحة"، وقال في بيان: "رغم خلافاتنا السياسيّة، أعلم أن جو بايدن رجل صالح فاز بفرصة قيادة وتوحيد بلادنا". لكنّه اعتبر في الوقت عينه أن "الرئيس ترامب له الحق في طلب إعادة فرز أصوات وتقديم طعون قضائيّة، وسيتمّ حلّ كلّ المشكلات العالقة".

وفي الغضون، رأى الرئيس الإيراني حسن روحاني أن فوز بايدن يُشكّل "فرصة لواشنطن للتعويض عن أخطاء" عهد ترامب و"العودة إلى مسار احترام الإلتزامات الدوليّة"، وقال: "سياسة الإدارة الأميركيّة المؤذية والخاطئة في الأعوام الثلاثة الماضية لم تكن مدانة من قبل الناس في كلّ أنحاء العالم فحسب، بل أيضاً لقيت معارضة من سكان هذا البلد (الولايات المتحدة) في الإنتخابات الأخيرة".

وشدّد روحاني على أن الشعب الإيراني "بفضل مقاومته البطوليّة للحرب الاقتصاديّة المفروضة عليه، أظهر أن سياسة الضغوط القصوى الأميركيّة محكومة بالفشل"، فيما كتب وزير الخارجيّة محمد جواد ظريف عبر حسابه على "تويتر": "رحل ترامب ونحن وجيراننا باقون"، معتبراً أن "الرهان على الأجانب لا يجلب الأمن ويُخيّب الآمال". وتابع: "نمدّ أيدينا إلى الجيران للتعاون في سبيل تحقيق المصالح المشتركة لشعوبنا وبلداننا"، داعياً الجميع إلى "الحوار باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الخلافات والتوترات".

وبعدما رأى المرشد الأعلى للجمهوريّة الإسلاميّة علي خامنئي أن المشهد الإنتخابي في الولايات المتحدة يكشف "الوجه القبيح" للديموقراطيّة الليبراليّة، بادر وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو إلى الردّ عليه بقوّة، قائلاً: "لقد سرقت، وبشكل شخصي، مئات الملايين من الدولارات من شعبك. أمّا انتخاباتك فمثل المزحة، لأنّ مئات المرشّحين يتمّ إقصاؤهم حتّى من الترشيح والتقدّم للإنتخابات". وأضاف: "شعبك يتضوّر جوعاً لأنّك أنفقت المليارات على حروب الوكالة من أجل أن تحمي نظامك القائم على حكم اللصوص".


MISS 3