البنتاغون: خفض العديد في أفغانستان والعراق

هل تتحوّل "البطة العرجاء" "نسراً كاسراً" ضدّ إيران؟

02 : 00

دول عدّة تترقّب بحذر ما قد يتّخذه ترامب من قرارات في الفترة المقبلة (أ ف ب)

في كلّ شيء كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مختلفاً واستثنائيّاً عن بقيّة الرؤساء الذين سبقوه في المكتب البيضوي، هكذا يراه المتابعون سواء كانوا من مؤيّديه أو من معارضيه. فرض الرجل "الإيقاع الصادم" منذ لحظة دخوله إلى البيت الأبيض ويبدو أنّ هذه الحالة ستستمرّ حتّى خروجه منه في 20 كانون الثاني من العام المقبل، إن ثُبّت رسميّاً فوز الديموقراطي جو بايدن.

لطالما كانت الأشهر الأخيرة من نهاية أي عهد رئاسي خالية من القرارات الإستراتيجيّة، واستُخدم لهذا السبب مصطلح "البطة العرجاء" على هذه الفترة، لكن يبدو واضحاً أن ترامب سيقلب هذا المصطلح رأساً على عقب في أكثر من ملف جيوسياسي حسّاس حول العالم، أهمّه الملف الإيراني، بحيث قد تُواجه طهران "نسراً أميركيّاً كاسراً" قبل مغادرة الرئيس الجمهوري للبيت الأبيض، خصوصاً في ضوء ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" من أنّ الرئيس الأميركي استطلع الأسبوع الماضي آراء عدد من مستشاريه وكبار المسؤولين، في شأن إمكانيّة "التحرّك" في غضون أسابيع ضدّ موقع "نطنز" النووي الإيراني.

وكشفت الصحيفة أنّه خلال اجتماع ترأسه الخميس في المكتب البيضوي، سأل ترامب معاونيه، وبينهم نائبه مايك بنس ووزير الخارجيّة مايك بومبيو ووزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، ما "إذا كانت لديهم أي خيارات للتحرّك ضدّ" هذا الموقع النووي "خلال الأسابيع المقبلة". وأضافت أنّ هؤلاء المسؤولين الكبار "أقنعوا الرئيس بعدم المضيّ قدماً في شنّ ضربة عسكريّة" ضدّ طهران، خوفاً من أن تؤدّي إلى نزاع واسع النطاق.

ولفتت الصحيفة النيويوركيّة إلى أنّ ترامب طرح هذا السؤال على معاونيه غداة تقرير للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة كشف أنّ طهران تُواصل تكديس اليورانيوم المخصّب، وأن كمّية اليورانيوم المنخفض التخصيب المتوافرة لديها الآن تجاوزت 12 ضعفاً الحدّ الذي سمح به الإتفاق النووي.

وردّاً على سؤال في شأن التقرير، كرّر المتحدّث باسم الحكومة الإيرانيّة علي ربيعي خلال مؤتمر صحافي، موقف بلاده المحذّر من أي استهداف عسكري، وقال: "إجابتنا المختصرة كانت دائماً أن أي تحرّك ضدّ إيران سيُواجه بردّ ساحق (...) وأُرجّح ألّا يرغبوا بزيادة عدم الإستقرار في العالم والمنطقة".

وكان بومبيو قد كشف خلال تصريحات لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسيّة أن "الولايات المتحدة ما زال لديها مزيد من العمل في الأسابيع المقبلة لتقليل قدرة إيران على تعذيب الشرق الأوسط"، وقال: "حرصنا على أن يكون لديهم أقلّ قدر ممكن من الدولارات والموارد لبناء برنامجهم النووي"، في وقت حذّر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال خطاب ألقاه في قمة "بريكس" من المخاطر المستمرّة في الشرق الأوسط، وقال: "لا تزال هناك مخاطر من تفاقم الوضع في العراق ولبنان وأفغانستان ومنطقة الخليج".

وفي الغضون، أعلن البنتاغون أن الولايات المتحدة ستُخفض عديد قوّاتها في أفغانستان إلى 2500 جندي بحلول كانون الثاني 2021، في عدد هو الأدنى منذ بدء خوضها عمليّات قتاليّة في هذا البلد قبل عقدَيْن. وأوضح وزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر أن نحو 2000 جندي سيُغادرون أفغانستان بحلول كانون الثاني، على أن يُغادر 500 آخرون العراق، بحيث لا يبقى في كلّ من البلدَيْن سوى 2500 جندي أميركي، مؤكداً أنّ هذا القرار يعكس رغبة ترامب "في إنهاء حربَيْ أفغانستان والعراق بنجاح ومسؤوليّة وإعادة جنودنا الشجعان إلى الوطن".

وكان لافتاً بُعيد الإعلان عن تخفيض عديد القوّات الأميركيّة في العراق، إطلاق صواريخ في اتجاه سفارة الولايات المتحدة في بغداد مساء أمس، بينما تمّ تشغيل منظومة الدفاع الأميركية "سي رام" المضادة للصواريخ، في انتهاك هو الأوّل منذ شهر لهدنة أعلنتها الفصائل العراقيّة المسلحة الموالية لإيران.

وفي وقت سابق، حذّر الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ من أن انسحاباً متسرّعاً للحلف من أفغانستان سيكون "ثمنه باهظاً جدّاً" مع خطر تحوّل هذا البلد "مجدّداً إلى قاعدة للإرهابيين الدوليين". كما حذّر زعيم الغالبيّة الجمهوريّة في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور ميتش ماكونيل من مغبّة تسريع وتيرة انسحاب القوّات الأميركيّة من أفغانستان أو العراق، معتبراً أنّ من شأن مثل هكذا إجراء أن يُهدي الحركات الإسلاميّة المتطرّفة "نصراً دعائيّاً عظيماً".

أمّا على الصعيد الداخلي الأميركي، فقد أعلن الرئيس المنتخب جو بايدن أنّه اختار 9 من كبار مسؤولي حملته الإنتخابيّة لتولّي مناصب رفيعة في البيت الأبيض، مؤكداً في بيان أن الولايات المتحدة "تُواجه تحدّيات كبرى، وهم (هؤلاء التسعة) يحملون وجهات نظر متنوّعة ولديهم التزام مشترك بالتصدّي لهذه التحدّيات لإخراج البلاد منها أقوى وأكثر اتحاداً". ويعتزم بايدن تعيين المئات في مناصب في البيت الأبيض في الأشهر المقبلة، بينهم مديرة حملته الإنتخابيّة جين أومالي ديلون، نائبة لكبير الموظّفين رون كلين.


MISS 3