أمهل "قادة المسلمين" 15 يوماً لوضع "ميثاق للقيم الجمهورية"

ماكرون يسعى إلى فصل الإسلام عن السياسة في فرنسا

02 : 00

زاد ماكرون ضغوطه على قادة الديانة الإسلامية في فرنسا لتنقيتها من النفوذ الأجنبي والتطرّف والنزعات السياسية (أ ف ب)

لا مجال للتراجع في الحرب على "الإرهاب الإسلامي" في نظر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المصمّم على تنظيم "البيت الداخلي"، إذ كشف قصر الإليزيه أنّ الرئيس الفرنسي استقبل مساء الأربعاء مسؤولي الديانة الإسلامية في فرنسا الذين عرضوا أمامه، بناءً على طلبه، الخطوط العريضة لتشكيل مجلس وطني للأئمة يكون مسؤولاً عن إصدار الاعتمادات لرجال الدين المسلمين في فرنسا وسحبها منهم عند الاقتضاء.

وأوضحت الرئاسة الفرنسية أنّ ماكرون طلب أيضاً من محاوريه أن يضعوا في غضون 15 يوماً "ميثاقاً للقيم الجمهورية"، يتعيّن على المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والاتحادات التسعة التي يتألّف منها الإلتزام به. وشدّدت على أنّ الرئيس الفرنسي أمهل مسؤولي المجلس مدّة أسبوعَيْن ليحضّروا له هذا الميثاق، مؤكّدةً بذلك معلومات نشرتها صحيفتا "لوفيغارو" و"لو باريزيان".

كما طلب ماكرون من محاوريه أن يتضمّن الميثاق تأكيداً على الإعتراف بقيم الجمهورية، وأن يُحدّد أنّ الإسلام في فرنسا هو دين وليس حركة سياسية، وأن ينصّ على إنهاء التدخّل أو الإنتماء إلى دول أجنبية. وشارك في الاجتماع رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي وعميد مسجد باريس شمس الدين حافظ، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتّحادات التسعة التي يتشكّل منها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

وفي اجتماعه مع قادة الديانة الإسلامية، لفت ماكرون لممثّلي الاتحادات التسعة المنضوية في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى أنّه يعلم أنّ عدداً منها لديه مواقف غامضة من هذه الموضوعات، مشدّداً على مسامعهم على أنّه من الضروري "الخروج من هذا الإلتباس". ومن بين هذه الاتّحادات التسعة التي تُمثّل قسماً كبيراً من مسلمي فرنسا، هناك 3 اتحادات لا تعتمد "رؤية جمهورية"، وفقاً للإليزيه. وحذّر ماكرون محاوريه من أنّه "في حال لم يُوقّع البعض على هذا الميثاق، فسنستخلص النتائج"، مشيراً إلى أنّه "أخذ علماً بمقترحاتهم".

ولن يكون مجلس الأئمة مخوّلاً إصدار التصاريح للأئمة ومنحهم بطاقة رسمية فحسب، بل سيكون قادراً أيضاً على سحب هذه البطاقات منهم إذا ما خرقوا "ميثاق قيم الجمهورية" وشرعة أخلاقية سيتمّ الاتفاق عليها. واعتماداً على دور كلّ منهم: إمام صلاة وخطيب مسجد وداعية، سيتعيّن على كلّ إمام الإلمام بمستوى مختلف من اللغة الفرنسية وحيازة شهادات دراسية يُمكن أن تصل إلى المستوى الجامعي. ومن شأن انضمام المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى هذه المبادرة أن يُشكّل انتصاراً لماكرون، الذي تعرّض لهجوم شعبوي عنيف بسبب تصريحاته في شأن الإسلام المتطرف.

ومنذ خطابه في مطلع تشرين الأوّل ضدّ "الإنفصالية والإسلام المتطرّف"، وبعد الهجومين الجهاديَيْن اللذَيْن راح ضحيّتهما المدرّس سامويل باتي ذبحاً قرب باريس و3 أشخاص قُتِلوا داخل كاتدرائية في نيس، زاد ماكرون ضغوطه على قادة الديانة الإسلامية في فرنسا لتنقيتها من النفوذ الأجنبي والتطرّف والنزعات السياسية. ويأمل ماكرون من وراء تشكيل "المجلس الوطني للأئمة" في أن يُنهي في غضون 4 سنوات وجود 300 إمام أجنبي في فرنسا "مبتعثين" من تركيا والمغرب والجزائر.

وكانت الحكومة الفرنسية قد وضعت اللمسات الأخيرة على مشروع قانون ضدّ التطرّف الإسلامي أعلن عنه ماكرون عقب اغتيال الأستاذ سامويل باتي، ويشمل المشروع تشديد الرقابة على تمويل الجمعيات ومعاقبة المحرّضين على الكراهية عبر الإنترنت، ويحمل اسم "مشروع قانون تعزيز القيم الجمهورية".

ويُجرّم مشروع القانون، بحسب وكالة "فرانس برس"، كلّ من يُشارك معلومات حول شخص تتسبّب في كشف هويّته أو مكانه لأشخاص يُريدون إيذاءه. ويورد النصّ أنّه "في مواجهة الإسلام المتطرّف، وفي مواجهة كلّ النزعات الإنعزالية، علينا الإقرار بأن ترسانتنا القانونية عاجزة جزئيّاً". وجاء في المشروع أيضاً أنه يجب على كلّ جمعية تتلقى دعماً ماليّاً أن "تحترم مبادئ وقيم الجمهورية". كما سيتمّ اعتبار التبرّعات الأجنبية التي تتجاوز 10 آلاف يورو موارد يجب التصريح بها لجهاز الضرائب.

ويوجد فصل "ضدّ الإنقلاب"، ويهدف إلى تجنّب سيطرة متشدّدين على المساجد، ومنع أشخاص من ارتياد أماكن العبادة "في حال الإدانة بالتحريض على أفعال إرهابية أو التحريض على التمييز أو الكراهية أو العنف". وتوجد فصول أخرى حول منع شهادات العذرية وتعزيز الترسانة القانونية ضدّ تعدّد الزوجات والزواج بالإكراه.