محمد دهشة

معلّم صيداوي يتحدّى صعوبات التعليم عن بعد: على الرصيف للحصول على "الإنترنت"

21 تشرين الثاني 2020

02 : 00

سعد قرب مقهى للحصول على "الإنترنت"

لم يتوقّع المعلّم الصيداوي سليم سعد أن يتحوّل نجماً مشهوراً بين ليلة وضحاها في زمن جائحة "كورونا" وتداعياتها من التعبئة العامة والحجر المنزلي، بعدما سلّط الضوء على معاناة المعلّمين في عملية التعليم عن بعد والمشاكل التي تواجهها من انقطاع متكرّر للتيار الكهربائي، الى ضعف الانترنت، وصولاً الى عدم قدرة جميع الطلاب على تأمين الأجهزة المطلوبة (كومبيوتر، لابتوب، تابلت وهاتف) ولا سيّما طلاب المدارس الرسمية. والمعلّم سعد الذي يدرّس مادة الإجتماع منذ خمس سنوات في ثانوية الدكتور نزيه البزري الرسمية وثانوية البنات الرسمية في صيدا، عانى من ضعف الانترنت والانقطاع المتكرّر عن التواصل مع طلابه، فلم يجد حلّاً الّا بمغادرة المنزل على عجل الى قارعة الرصيف قرب مقهى قريب، اعتاد بين الحين والآخر على ارتياده ليحصل على النت أسرع بهدف اكمال حصصه، في مبادرة لافتة دلّت على روح المسؤولية ولاقت تشجيعاً كبيراً وانتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الإجتماعي.

ويقول سعد لـ"نداء الوطن": "لم أتوقّع كل ردّات الفعل هذه والتشجيع والتحّية الى المعلمين بعد انتشار الصورة على رصيف امام مقهى مقفل، لمتابعة التدريس عبر جهاز لابتوب. هذه الصورة المختصرة جسّدت الواقع الحقيقي بأنّ لبنان غير مجهّز بالخدمات المطلوبة للقيام بعملية التعليم عن بعد، ثمّة مشاكل لا تنتهي من كهرباء وانترنت ووسائل تقنية، ما يرتّب على المعلمين مسؤولية ومعاناة مضاعفة معاً، غير انّنا حريصون على عدم خسارة العام الدراسي عن الطريق التعليم المدمج الحضوري وعن بعد، وتأدية الرسالة التي نذرنا أنفسنا لها".

وأقسم سعد بأنّ الكهرباء انقطعت بشكل متكرّر في اليوم الذي سبق التقاط الصورة، وقال: "راحت وإجت بين الشركة واشتراك المولّد الخاص أكثر من سبع مرات خلال أقلّ من ساعة واحدة، ما سبّب توتّراً غير مسبوق خشية ضياع الحصّة بعد الإنتظار لبعض الوقت لعودة الانترنت. أدرك أنّه ليس هناك حلّ مجدٍ أو قريب، ما نقوم به أفضل الممكن، نحن نشعر بعبء مضاعف في آلية إيصال المعلومة وشرحها إلكترونياً من جهة، ومعرفة ما اذا كان كلّ الطلاب يواصلون الإنتباه من جهة أخرى، لكنّنا نعتبر الأمر رسالة أخلاقية، ومن واجبنا إنجازها مهما كانت الصعوبات". ومعاناة المعلّمين ليست الوحيدة في التعليم عن بعد، اذ يشكو الطلّاب من صعوبات في العملية ذاتها، بعدما حلّت الصفوف الافتراضية محلّ الواقعية، والهوية الرقمية للطالب مكان صورته ووجهه. وبات المعلّم يشرح من خلف شاشة بدلاً من اللوح و"الطبشورة"، كذلك الأهالي الذين يعانون ضغوطات عدّة جرّاء مواكبة أولادهم، وكأنّه لا يكفيهم ما يعانون بسبب الحجر المنزلي. وتقول الطالبة ريما البنّي: "بلدنا غير مهيّأ في بنيته لهذا النظام التعليمي، لذلك نواجه مشاكل مختلفة، لأنّ الأمر فرض علينا ولم نقم به كخطوة على طريق تطوير التعليم الحديث في القرن الواحد والعشرين".

وقد لجأت المدارس الرسمية والخاصة إلى تقنية التعليم عن بعد عبر مواقع تعليمية على شبكة الإنترنت، وتطبيقات وسائل التواصل الإجتماعي كخطوة ضرورية اتّخذتها وزارة التربية للحفاظ على العام الدراسي مع "كورونا". وتقول أوساط تربوية لـ"نداء الوطن" إنّ "هذه التجربة أفضل حلّ الآن، لأنّ البديل الآخر هو الإقفال، ما يعني نوعاً من الإستسلام، وهذا ما لا نقبل به".