النجاح في تعدّد المهام ليس حكراً على النساء!

16 : 15

استناداً إلى حكايات شائعة أو صور نمطية مبنية على الانتماء الجنسي، يُقال إن المرأة تبرع في أداء مهام متعددة أكثر من الرجل. وفق استطلاع من العام 2015، عبّر 80% من المشاركين عن اقتناعهم بتفوق المرأة في هذا المجال. لكن ما هي نتائج الأبحاث العلمية؟ ينسف بحث جديد هذه الخرافة! أرادت باتريسيا هيرش وزملاؤها من "معهد علم النفس" في جامعة "آخن" الألمانية اختبار هذا التصنيف النمطي. فطلبوا من 96 شخصاً (48 رجلاً و48 امرأة) المشاركة في اختبارَين. نُشرت النتائج في مجلة "بلوس ون". يشير مفهوم تعدد المهام إلى أداء مجموعة مختلفة من النشاطات خلال فترة زمنية محددة.

يتطلب هذا العمل تحسين القدرات المعرفية كونه يرتكز على تداخل زمني بين العمليات المعرفية المرتبطة بأداء المهام. بعبارة أخرى، نحتاج إلى تشغيل طاقة معرفية إضافية لتنفيذ نشاطات متعددة في الوقت نفسه، مقارنةً بتلك التي نحتاجها للقيام بعمل واحد. بدل إتمام نشاطات متعددة دفعةً واحدة، يتنقل الدماغ البشري بسرعة بين مختلف المهام، ما يزيد الضغط على سِعَة الانتباه والموارد المعرفية.

لاختبار الاختلافات القائمة في القدرات المرتبطة بتعدد المهام، طلبت هيرش وزملاؤها من المتطوعين المشاركة في مجموعتَين من النشاطات.

في المجموعة الأولى من التجارب، واسمها "تعدد المهام المتزامنة" أو "المهام المزدوجة"، طلب الباحثون من المشاركين التنبه إلى مهمتَين في الوقت نفسه. وفي المجموعة الثانية، واسمها "تعدد المهام المتسلسلة" أو "تبديل المهام"، اضطر المشاركون لتحويل انتباههم بين مختلف المهام.

لاختبار هذين المعيارَين، طُلِب من المشاركين تصنيف الحروف بين ساكنة ومتحركة، والأرقام بين فردية وزوجية، باستعمال إصبعَي السبابة والأوسط.

وضع الفريق الحوافز في يسار ويمين نقطة تثبيت في وسط شاشة. كانت هذه المعايير متطابقة مكانياً مع الأزرار التي يجب أن يضغط عليها المشاركون لتصنيف الحروف والأرقام. تطابقت الحوافز على يسار نقطة التثبيت مع الزرَين Y وX على لوحة مفاتيح QWERTZ، وظهرت الحوافز على يمين نقطة التثبيت المتطابقة مع الزرَين N وM.

عرض الباحثون الحوافز في الوقت نفسه في مجموعة المهام المتزامنة، بينما عرضوها بالتناوب في مجموعة المهام المتسلسلة.

خلال هذه التجارب، قاس الباحثون مدة ردود أفعال المشاركين ودقة تنفيذ المهام. فكشفت النتائج أن تعدد المهام أثّر على هذين المعيارين لدى الرجال والنساء على حد سواء. كان أثره بارزاً ومتشابهاً في المجموعتين إذاً.

كذلك، قدّم الرجال والنساء أداءً جيداً أو سيئاً بالدرجة نفسها حين طبقوا مبدأ تعدد المهام بناءً على ثلاث عمليات معرفية كامنة: تحديث الذاكرة العاملة، والالتزام بالمهام أو التخلي عنها، وضبط النفس. أوضحت هيرش: "تطرح هذه النتائج أدلة قوية على غياب أي اختلافات بارزة بين الجنسَين عند أداء مهام متبدلة أو مزدوجة".