مايز عبيد

محاولات لإحياء الثورة في طرابلس... فهل تنجح؟

26 تشرين الثاني 2020

02 : 00

تظاهرات جديدة في ساحة النور

على وقع الإقفال العام الذي فرضه ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس" كورونا" والتراجع الإقتصادي غير المسبوق الذي يصيب قطاعات طرابلس وأسواقها، يحاول ناشطون من حراك 17 تشرين في طرابلس إعادة إحياء ثورتهم وحراكهم بخطوات معيّنة، لكنّ محاولاتهم لا تزال خجولة بعض الشيء حتى اللحظة، ولم ترقَ إلى مستوى فعاليات 17 تشرين 2019 وما كان يحصل قبل هذا التاريخ من اعتصامات أسبوعية في ساحة النور ضدّ الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي وصلت إليها المدينة.

فثورة 17 تشرين التي اعتزلت كلّ أنواع النشاط الثوري قبل مدّة، وأعيد فتح الساحات التي كانت مقفلة بداعي الإنتفاضة ضدّ السلطة، ومنها ساحة عبد الحميد كرامي (النور) في طرابلس، كانت انطلقت بزخم لمجرّد فكرة زيادة 6 دولارات على اتصالات "الواتساب"، حين كان الدولار الأميركي الواحد يوازي 1515 ليرة لبنانية، لكن البعض يرى "أنّ هذه الثورة لم يرفّ لها جفن، وقد تخطّى سعر صرف الدولار الـ 8 آلاف ليرة لبنانية هذه الأيام".

التحرّكات الشعبية هذه والمستمرّة منذ أكثر من 10 أيام في شوارع طرابلس ومناطقها، لا تحظى حتى اللحظة بالتغطية الإعلامية المطلوبة، إن لم نقل أن هناك تعتيماً إعلامياً كاملاً عليها. وللتعويض عن ذلك، يلجأ أصحابها إلى وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما "فيسبوك"، من أجل نشر تحرّكاتهم والإضاءة عليها. أما ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، فلا تزال ملجأ الثوار للتعبير عن الوجع. ومساء كل يوم عند الساعة الخامسة تنظّم المجموعات الثورية وقفة احتجاجية قبل أن تنطلق بمسيرات في الأحياء والشوارع للإنتفاض على الواقع. وللمرة الثانية خلال أيام، يوزّع عدد من ثوار 17 تشرين في طرابلس مناشير على أهالي المدينة كتبوا عليها: "انزال عالشارع القرار الك، أو بتعيش بكرامة أو ضلك عايش بالذلّ... القرار الك". هدفهم من هذه المناشير إعادة إحياء الثورة مُجدّداً، ففي اعتقادهم هي الخيار الوحيد المتبقّي أمام الشعب.

ويقول الناشط في ثورة المحرومين وثورة "17 تشرين" أحمد باكيش "أبو عمر" لـ"نداء الوطن": "صحيحٌ أنّ فعاليات التحرّكات التي تحصل لا تزال دون التوقّعات المطلوبة، ولكن وتيرتها ستشتد من دون شكّ. هكذا بدأت تحرّكات ما قبل 17 تشرين، وعلينا ألا نغفل أيضاً أنّ الناس اليوم صارت في وضع مأسوي أصعب بكثير، والعائلات لا تدري من أين تؤمّن قوتها اليومي".

ويضيف: "لم ينفكّ السياسيون ورجال الأمن وكل من ناهض ثورة الشعب، عن العمل على تفخيخ الثورة وعرقلة اندفاعتها، لكنّني أجزم بالرغم من كلّ العراقيل بأنّ الثورة ستعود، وهذه المرّة بوتيرة أقوى وأشدّ، لأنّ أنين الناس لا مكان له إلّا في الساحات لكي يُسمع".

ويشير باكيش إلى أنّ "ارتفاع سعر صرف الدولار حصل قبل بداية الثورة، وأظهر ذلك أنّ الإنهيار قد بدأ بسبب سياسة السلطة". ويرى في توزيع المناشير "خطوة ضرورية للتأكيد على أنّ هذه السلطة لن تقوم بأي خطوة لتحسين واقع الناس، وبالتالي لا خيار أمامنا كلبنانيين إلا الشارع، فالثورة عرّت الطبقة السياسية أمام الرأي العام الدولي فصارت عُرضة للعقوبات المتزايدة".

وإذ يضع باكيش ورفاقه علامات استفهام حول تجاهل بعض الإعلام لتحرّكاتهم منذ مدّة، يشير إلى أنّ "الثورة اليوم صار لها وجه جديد، والثوّار لديهم هدف إضافي، هو مساعدة المحتاجين في بيوتهم والعائلات في ظلّ الإقفال العام، هذا ما نقوم به، إلى جانب التحرّكات المطلبية اليومية في ساحة النور". ويختم "هذا الشعب الذي ألهوه وضيّعوه وهو يبحث عن لقمة العيش وربطة الخبز، لن ينتظر طويلاً، والثورة ستعود من جديد وستنجح أيضاً".