عشرات الآلاف من أنصار الصدر يتظاهرون في بغداد

"الثوّار" يدفعون ثمن "استعراض الصدريين" في جنوب العراق

02 : 00

"الصدريون" يستعرضون "عضلاتهم الشعبية" في "ساحة التحرير" في بغداد أمس (أ ف ب)

قُتِلَ أكثر من 4 أشخاص بالرصاص وأصيب العشرات أمس خلال صدامات دموية بين متظاهرين معارضين للمنظومة الحاكمة وآخرين من مؤيّدي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مدينة الناصرية في جنوب العراق، بحسب ما أفادت مصادر طبية لوكالة "فرانس برس"، في حين تجمّع عشرات الآلاف من أنصار الصدر في الناصرية وبغداد في استعراض للقوّة السياسية مع اقتراب موعد الإنتخابات التشريعية المقرّرة في حزيران المقبل.

ولا يزال الثوّار المناهضون للطبقة السياسية الفاسدة المدعومة من طهران ينصبون الخيام في ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية، وقد حمّل الناشط البارز محمد الخياط أنصار الصدر المسؤولية عن العنف، وقال لوكالة "فرانس برس" إنّ "صدريين مسلّحين بمسدّسات وبنادق حاولوا إخراجنا من الساحة"، مضيفاً: "نخشى أن يتصاعد العنف".

وكشفت مصادر طبّية في المدينة إصابة نحو 51 شخصاً، 9 منهم بالرصاص، مشيرةً إلى مقتل 4 آخرين، فيما جاء في تغريدة للمسؤول الصدري السابق في المدينة أسعد النصيري أنّه ثمّة "تقصير واضح من الأجهزة الأمنية في منع العصابات المسلّحة التي تُريد اقتحام ساحة الحبوبي".

ودعا التيار الصدري إلى تنظيم هذه التظاهرات للمطالبة بمحاربة الفساد، لكنّها تأتي أيضاً في سياق التحضيرات لانتخابات العام المقبل، بحيث رأى مقتدى الصدر في تغريدة هذا الأسبوع أنه يتوقع تحقيق فوز كبير في الإنتخابات المقبلة، لافتاً إلى أنه سيدفع في اتجاه أن يكون رئيس الوزراء المقبل من التيار الصدري للمرّة الأولى. وعلى الرغم من الأزمة الوبائية، أدّى عشرات الآلاف صلاة الجمعة في "ساحة التحرير" في بغداد والشوارع المحيطة بها، وقال ممثل عن الصدر في الخطبة: "اليوم نحن ملزمون بأن نُدافع عنه (العراق) تحت قبة البرلمان بغالبية صدرية مؤمِنة بالإصلاح".

وقال المتظاهر طلال السعدي، وهو رجل دين شيعي، في "ساحة التحرير"، إنّ هذه "تظاهرة ضدّ الفاسدين والظالمين الذين أوصلوا العراق إلى حافة الهاوية والإفلاس"، في حين قال المتظاهر أحمد رحيم: "طاعةً للسيّد (مقتدى الصدر)، قمنا بهذه الوقفة التي إن شاء الله يسمعها العالم"، مضيفاً: "لا نُريد فاسداً أو حراميّاً في العراق، نحن أصحاب القرار!".

ورفع أنصار التيار الصدري أعلام العراق وصوراً لرجل الدين، يظهر في بعضها وهو يرتدي لباساً عسكريّاً، وهي تعود إلى فترة تزعّمه تنظيم "جيش المهدي" المسلّح. ولم يُشارك مقتدى الصدر في التظاهرة ببغداد، وهو نادراً ما يظهر في تجمّعات عامة.

وبالعودة إلى الناصرية، تواصلت الصدامات فيها حتّى المساء، بينما أُحرقت الكثير من خيم المتظاهرين من قبل أنصار الصدر.

وتُمثّل الناصرية معقلاً رئيسيّاً للحركة الثورية ضدّ الطغمة الحاكمة. كما شهدت المدينة إحدى أكثر الحوادث دموية منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأوّل من العام الماضي، إذ سجّلت سقوط أكثر من 30 قتيلاً في أعمال عنف رافقت التظاهرات في 28 تشرين الثاني 2019.

وأثارت تلك المجزرة غضباً واسعاً في أنحاء العراق كافة، ما دفع المرجع الشيعي الأعلى السيّد علي السيستاني إلى دعوة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي للإستقالة.

ومدّ رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يده للمتظاهرين، وهو يسعى إلى تحقيق أحد أهم مطالبهم عبر إقراره انتخابات برلمانية في حزيران 2021. وستجري الإنتخابات وفق قانون جديد بدلاً من التصويت على اللوائح، إذ سيتمّ التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الإنتخابية.

لكن يتوقع مراقبون تأجيل موعد الإقتراع بضعة أشهر على الأقلّ، فيما يُرجّح خبراء أن يستفيد الصدر ومرشّحوه من قانون الإنتخابات الجديد. وحقّق "الصدريّون" نتائج متقدّمة في انتخابات أيّار 2018، إذ حازوا على 54 من إجمالي 329 مقعداً في البرلمان، ليُشكّلوا أكبر كتله.