تعرّف على "باري": هدفه الوحيد في الحياة هو الإصغاء بتمعن، ثم الاحتجاج أو التنهد قليلاً حين تطرده من وظيفة خيالية! هذا البطل من ابتكار شركة "تاليسبين" التي تقدم تدريبات في أماكن العمل عبر تقنية الواقع الافتراضي. نشأ "باري" وغيره من الشخصيات لتعليم الناس مهارات إدارية "ديبلوماسية"، مثل تسريح شخص من العمل من دون إثارة فضيحة. إذا كنت فظاً أكثر من اللزوم مع "باري"، سيضع رأسه بين يديه، وستجعله أي سلوكيات شائبة أخرى يصرخ!
قد تبدو هذه المعلومة غريبة، أو حتى مريعة، لكن بدأ الواقع الافتراضي يكسب زخماً متزايداً كأداة تدريبية. تستطيع هذه التقنية أن تضمن حساً عالياً من الواقعية، ما يُسهّل مسار التعلم. حتى أنها تسمح للناس بالتدرب على خطوات لا يمكن تطبيقها بأي طريقة أخرى. يُستعمَل الواقع الافتراضي لتعليم الأفراد كيفية تنفيذ مهام متعلقة بالسلامة العامة مثلاً. لكنه يُستخدَم في مناسبات إضافية أيضاً لتدريب الموظفين الجدد في أماكن مثل "والمارت" و"شيبوتل".
من المتوقع أن تنتشر هذه النزعة في المكاتب خلال السنوات المقبلة. يقول كايل جاكسون، المدير التنفيذي في "تاليسبين": "نلاحظ اهتماماً متزايداً بابتكار منتجات تدريبية لتحسين مهارات إجراء المقابلات، وتجاوز المحادثات الصعبة، والبيع الاستشاري، وتقييم الأداء، ورصد التنوع، وإدراج أفضل الممارسات...".
اليوم، تُستعمَل أجهزة الكمبيوتر وأنظمة الحلول الحسابية أحياناً لمراقبة إنتاجية العاملين وأدائهم. قد نظن أن المهارات الاجتماعية والعاطفية تبقى بعيدة عن هذه النزعة المؤتمتة المريبة، لكن يثبت "باري" العكس! يوضح جاكسون: "تُعتبر المهارات "الديبلوماسية" من أهم العوامل في أي منظمة تناقش حاجاتها المستقبلية في قطاع الأعمال. لا نتوقع أن تتباطأ هذه النزعة في أي وقت قريب".
لكن من الناحية السلبية، تتوقف فاعلية الشخصيات الافتراضية التي تشبه "باري" على درجة إقناعها. يبدو "باري" واقعياً جداً بالنسبة إلى صورة رمزية، لكن يقول جاكسون إن هذه الشخصية تلتزم بسيناريو محدد، لذا تعجز عن التفاعل بطريقة طبيعية جداً. تتصرف الصور الرمزية بدرجة إضافية من التلقائية عند تدعيمها بالتعلم الآلي، لكن سيمر وقت طويل قبل أن تتمكن هذه الشخصيات من استعمال لغة الجسد أو التفاعل معها بطرقٍ واقعية. في هذا الإطار، تقول دانيال ليفاك، أستاذة متخصصة باستعمال الواقع الافتراضي لإعادة التأهيل في جامعة "نورث وسترن": "إذا كنت لا تتناسى أنه شخص غير واقعي، فلن يحقق بالضرورة الهدف المطلوب منه".
