سيول بدأت مناورات عسكريّة ضدّ "هجوم ياباني محتمل"

كيم يُشرف على تجربة "منصة إطلاق صواريخ متعدّدة"

12 : 00

المناورات تُعزّز تصميم الجيش الكوري الجنوبي على الدفاع عن جزر دوكدو (أ ف ب)

اطّلع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون على تجربة "منصّة إطلاق صواريخ متعدّدة فائقة الضخامة"، ما يزيد من الغموض المحيط بإمكان استئناف مفاوضات نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكوريّة، في وقت أطلقت كوريا الجنوبيّة مناورات عسكريّة تستمرّ يومَيْن للتدرّب على الدفاع عن جزر متنازع عليها قبالة سواحلها الشرقيّة ضدّ هجوم ياباني محتمل، ما قد يُساهم في تأجيج التوتر بين الجارتَيْن الآسيويّتَيْن.

وأوضح الجيش الكوري الجنوبي أن بيونغ يانغ أطلقت صاروخَيْن باليستيَيْن قصيري المدى أمس الأوّل، في أحدث تجربة من نوعها في الأسابيع الأخيرة احتجاجاً على إجراء مناورات عسكريّة أميركيّة - كوريّة جنوبيّة مشتركة، اختُتِمت قبل أسبوع تقريباً. وتنشر واشنطن قرابة 30 ألف جندي في كوريا الجنوبيّة للدفاع عن حليفتها بوجه بيونغ يانغ النوويّة المدعومة من بكين.

وفي هذا الإطار، صرّح كيم بأنّ المنظومة التي طوّرت حديثاً هي "سلاح عظيم"، وفق وكالة الأنباء المركزيّة الكوريّة الشماليّة، معرباً عن "تقديره البالغ للعلماء الذين صمّموا هذا السلاح وقاموا بتصنيعه". واعتبر أن بلاده تحتاج إلى "المضي في تسريع تطوير الأسلحة من أجل إحباط التنامي المستمرّ للتهديدات العسكريّة والضغط على القوى المعادية". وتابع: "24 آب يوم جيّد لا يُنسى"، مستذكراً تجربة ناجحة على صاروخ باليستي استراتيجي من غوّاصة أُجريت في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات.

وأظهرت إحدى الصور التي نشرتها صحيفة "رودونغ سينمون" الرسميّة، الزعيم الكوري الشمالي وعلى وجهه ابتسامة عريضة، واقفاً أمام منصّة إطلاق بثمانية إطارات، وعلى متنها اسطوانات كبيرة تخرج منها صواريخ. وكشفت الوكالة أن "اختبار الاطلاق أثبت أن كلّ المواصفات التكتيكيّة والتقنيّة للنظام تطابقت مع المعايير الموضوعة مسبقاً".

وكتب الاستاذ المساعد في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا فيبين نارنغ على "تويتر" أن عمليّة الإطلاق الأخيرة هي "للمنظومة الصاروخيّة الرابعة الجديدة التي بدأتها كوريا الشماليّة منذ انتكاسة هانوي"، معتبراً أن "هذه حملة كيم من الضغوط القصوى".

والمحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ متوقفة منذ انهيار قمّة ثانية بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب في هانوي في شباط الماضي، وسط خلافات حول تخفيف العقوبات وحجم التنازلات من كوريا الشماليّة. واتفق الزعيمان على استئناف المحادثات على مستوى فرق العمل، وذلك خلال اجتماع لم يكن مقرّراً في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريّتَيْن في حزيران، لكن تلك المحادثات لم تبدأ بعد.

وفي ردود الفعل، قال ترامب للصحافيين إنّه "لست مسروراً من ذلك"، مضيفاً: "لكن أكرّر أن ليس فيها (التجارب) خرقاً للاتفاق"، مقلّلاً بذلك من أهمّيتها. وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي في وقت يُشارك فيه مع قادة عالميين في قمّة مجموعة السبع في بياريتس جنوب غربي فرنسا. لكن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي اعتبر من جهته أن التجربة الصاروخيّة الكوريّة الشماليّة الأخيرة "انتهاك واضح لقواعد وقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة، وهي مؤسفة للغاية".


التجربة تأتي في سياق حملة كيم من "الضغوط القصوى" (أ ف ب)


على صعيد آخر، بدأت سيول أمس مناورات عسكريّة للتدرّب على الدفاع عن جزر متنازع عليها قبالة سواحلها الشرقيّة ضدّ سيناريو يُحاكي هجوماً يابانيّاً محتملاً. وتأتي المناورات بعد أيّام من إلغاء سيول اتفاقاً لتبادل المعلومات مع طوكيو بسبب الخلاف بين البلدَيْن حول استخدام اليابان كوريين كعمالة قسريّة خلال الحرب العالميّة الثانية.

وأوضحت البحريّة الكوريّة الجنوبيّة في رسالة نصيّة أن المناورات التي تستمرّ يومَيْن ستشمل السفن الحربيّة والطائرات، مشيرةً إلى أن المناورات التي أُعيد تسميتها "التدريب على الدفاع عن منطقة بحر الشرق"، ستُعزّز تصميم الجيش على الدفاع عن جزر دوكدو والمنطقة المحيطة ببحر اليابان.

من ناحيتها، انتقدت اليابان المناورات "غير المقبولة تماماً"، مطالبةً "بقوّة" بأنّ يتمّ تعليقها. وذكرت وزارة الخارجيّة اليابانيّة في بيان أن المناورات "مؤسفة للغاية"، كاشفةً أنّها قدّمت احتجاجاً لدى سيول من خلال القنوات الديبلوماسيّة.

وفي حين يُعدّ حصول هجوم ياباني أمراً غير مرجّح إلى حدّ كبير، فقد بدأت كوريا الجنوبيّة بإجراء هذه التدريبات العسكريّة للمرّة الأولى العام 1986. وتُنظّمها مرّتَيْن في العام، عادةً في شهرَيْ حزيران وكانون الأوّل. وتأتي التدريبات المتأخّرة هذا العام مع استمرار التوتر مع اليابان المجاورة.

وسيطرت سيول على جزر دوكدو الصخريّة في بحر اليابان منذ العام 1945، مع انتهاء الاستعمار الياباني الذي استمرّ 35 عاماً لشبه الجزيرة الكوريّة. لكن طوكيو لا تزال تُطالب بهذه الجزر، وتتّهم كوريا الجنوبيّة باحتلالها بشكل غير قانوني. وبالرغم من أن الدولتَيْن تتّبعان اقتصاد السوق والنظام الديموقراطي وتتحالفان مع الولايات المتّحدة، وهما مهدّدتان أيضاً من قبل النظام الشيوعي في بيونغ يانغ الذي يمتلك السلاح النووي، الّا أنّهما تنخرطان في نزاعات تجاريّة وديبلوماسيّة.