ناس غير شكل

مبتورو الأطراف بالحرب الليبيّة... علاج وانتظار

02 : 00

يفتح رضوان جبريل أبواب متجره الصغير لبيع الأسماك في مدينة مصراتة الواقعة شرق العاصمة الليبية كل يوم، متخطياً إعاقة في ساقه اليمنى تعرض لها قبل حوالى عشر سنوات بفعل المعارك التي شهدتها المدينة إبان الانتفاضة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.

يعرض جبريل الأسماك ويبيع الزبائن ويتحرك بساقه الاصطناعية برشاقة تفوق أحياناً الأصحاء من أقرانه، في المتجر الذي افتتحه بمساعدة أخيه، لكن ذلك لا يعني أن هذا العمل الذي يتطلب حركة متواصلة ليس صعباً على إنسان فقد ساقه. ويروي جبريل (38 عاماً)، المقاتل السابق كيف أصيب، قائلاً: "في بداية الثورة، أصيبت ساقي جراء شظايا صاروخ. وبعد رحلات علاج داخل البلاد وخارجها، أبلغني الأطباء أن لا أمل في علاجها، وجاء قرار بترها الذي تلقيته بشيء من الصدمة والصبر في آن". ويضيف: "وضعتُ ساقاً اصطناعية في إيطاليا، وتخطيت الأمر. لكن بعد هذه السنين، صارت متهالكة وأنا بحاجة لساق جديدة. لكن يبدو أن العملية ليست سهلة، إذ هناك المئات وربما الآلاف الذين ينتظرون دورهم لتركيب أطراف اصطناعية". وخلّفت النزاعات المسلحة في ليبيا منذ العام 2011 آلاف الجرحى ومبتوري الأطراف.

من جهته، فقد محمد النوري من مدينة الزاوية غرب طرابلس يده اليسرى في المعركة التي شارك فيها لصد هجوم قوات المشير خليفة حفتر على العاصمة قبل أشهر، وهو يكابد العناء من أجل تركيب يد اصطناعية لاستعادة جزء من حياته التي تغيرت تماماً. ويقول النوري (28 عاماً): "فقدت يدي جراء الإصابة بغارة جوية، وركبت يداً موقتة في انتظار استكمال العلاج في ألمانيا لتركيب يد دائمة". ويتابع: "كل شيء تغيّر بعد خسارتي يدي. كنت أعمل في مقهى خاص، لكن لم يعد العمل فيه ممكناً. أحتاج الى وقت طويل لاستعادة الثقة". ويطالب النوري السلطات بالاهتمام بالشباب الذين فقدوا أطرافهم، وليس فقط بعلاجهم. ويقول: "نحتاج إلى تأهيلنا نفسياً أولاً، وثانياً والأهم توفير عمل لاستكمال حياتنا بشكل طبيعي، والاندماج من دون تمييز" في المجتمع.

ولمواجهة الأعباء الناتجة عن ارتفاع أعداد مبتوري الأطراف، استحدثت حكومة الوفاق الوطني قبل ثلاثة أعوام مركزاً حكومياً لتوفير الأطراف الاصطناعية يعيد تأهيل المصابين ذوي الإعاقات الدائمة. ويتوقع افتتاحه في نهاية آذار المقبل.

ويشير المدير العام للمركز الوطني للأطراف الاصطناعية الصادق الحداد الى أن "عدد المصابين المسجلين للحصول على أطراف، ثلاثة آلاف وربما يرتفع إلى أربعة آلاف عقب استكمال عمليات الإحصاء للحرب الأخيرة في غرب ليبيا"، مؤكداً أن "20 في المئة منهم" يحتاجون "الى تركيب أطراف اصطناعية". وتمكّن مركز الجامعة منذ العام 2016 من تركيب أكثر من ألف طرف اصطناعي لمبتوري الأطراف.


MISS 3