حملة إستقالات من الإدارة الأميركية وتعهّد رئاسي بـ"انتقال منظّم"

بعد "غزوة الكابيتول"... الأصوات تتعالى لـ"عزل ترامب"!

02 : 00

أعمال التنظيف وإعادة التنظيم تكثّفت داخل مبنى الكابيتول أمس (أ ف ب)

لقد فعلت "غزوة الكابيتول" فعلها في الأيّام الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في السلطة، بحيث بات "أقوى رجل على الكرة الأرضيّة" شبه "محاصر" من خصومه وقسم كبير من حلفائه السابقين على حدّ سواء، وممنوع من الولوج إلى مواقع التواصل الإجتماعي، والأخطر أنّه مهدّد بـ"سيف العزل" الذي بات مصلتاً مجدّداً فوق رأسه بعد تحميله مسؤوليّة اقتحام الكونغرس من قبل بعض مناصريه ليل الأربعاء، في مشهد غير مألوف في أحد أعرق "الهياكل الديموقراطية" حول العالم، ما صدم الداخل الأميركي والمعمورة برمّتها، بينما سارع الرئيس الجمهوري إلى التعهّد بـ"انتقال منظّم" للسلطة في 20 كانون الثاني، بعد دقائق على مصادقة الكونغرس على انتخاب جو بايدن رئيساً.

وعلى الرغم من المخاطر التي قد تحملها مثل هكذا خطوة قبل أقلّ من أسبوعَيْن على مغادرته البيت الأبيض، خصوصاً أن الإنقسام السياسي والفكري والمجتمعي العمودي في البلاد بلغ ذروته، تعالت الأصوات التي تدعو إلى عزل ترامب، إذ طالبت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي نائب الرئيس مايك بنس والحكومة بتفعيل التعديل الخامس والعشرين للدستور الأميركي، الذي يسمح لبنس وغالبية أعضاء الحكومة أن يُقيلوا الرئيس إذا ما وجدوا أنّه "غير قادر على تحمّل أعباء منصبه".

وحذّرت بيلوسي من أنّه إذا لم يتنحّ ترامب بموجب هذه الآلية الدستورية، فإنّ الكونغرس مستعدّ لإطلاق آلية لعزله من خلال محاكمته برلمانياً، معتبرةً أن ترامب "شخص خطر للغاية ولا ينبغي أن يستمرّ في منصبه"، فيما دعا زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر بنس أيضاً إلى تنحية الرئيس الجمهوري في الحال بسبب "تحريضه أنصاره"، الذين اقتحموا الكابيتول، على "تنفيذ تمرّد".

واعتبر شومر أنّه "لا ينبغي للرئيس أن يبقى في منصبه ولو ليوم واحد بعد الآن"، مهدّداً بمحاكمة ترامب في الكونغرس بهدف عزله إذا لم تُبادر حكومته إلى تنحيته. كما رأى أنّ "ما حصل في الكابيتول كان تمرّداً ضدّ الولايات المتّحدة بتحريض من الرئيس"، في حين أرسل جميع النوّاب الديموقراطيين الأعضاء في لجنة العدل النيابية، رسالة إلى بنس يُطالبونه فيها بتفعيل التعديل الخامس والعشرين "دفاعاً عن الديموقراطية". واعتبر النوّاب في رسالتهم القاسية أنّ الرئيس الجمهوري "مريض عقليّاً وغير قادر على التعامل مع نتائج انتخابات 2020 وتقبّلها"، فيما أفادت وسائل إعلام أميركية بأنّ عدداً من الوزراء في إدارة ترامب ناقشوا إمكانية تنحيته.

من جهته، اتّهم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ترامب بشنّ "هجوم لا هوادة فيه على المؤسّسات الديموقراطية"، معتبراً أن ما حصل في الكابيتول "يُمثّل في نظري أحد أكثر الأيّام قتامة" في تاريخ الولايات المتحدة، واصفاً من شارك في هذه الإضرابات بأنّهم "إرهابيّون"، بينما كان بنس قد صادق أمام مجلسَيْ الكونغرس فجر الخميس على انتخاب بايدن رئيساً بأصوات 306 من كبار الناخبين مقابل 232 لترامب، خلال جلسة كان يُفترض أن تكون شكلية، لكن الصور التي لم يكن بإمكان أحد أن يتخيّلها، والتي التُقطت من داخل مبنى الكابيتول العريق، ستدخل التاريخ.

وفيما توالت الإستقالات في صفوف موظّفي البيت الأبيض، أعلنت وزيرة النقل إيلين تشاو استقالتها من منصبها، في أوّل خطوة من نوعها يُقدم عليها وزير في إدارة ترامب احتجاجاً على ما حصل. وتشاو هي زوجة زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.

وفي المحصّلة، تجاوزت بلاد "العم سام" امتحاناً قاسياً بشكل سلس وسريع، وأعطت من خلاله دروساً في الديموقراطيّة للعالم أجمع، في وقت تكاثرت فيه النظريات حول ما حصل في مبنى الكابيتول، خصوصاً أن ترامب كان الخاسر الأكبر من التطوّرات التي حدثت، إذ اعتبر بعض المتابعين أن طرفاً ثالثاً قد يكون قد دخل على خطّ التظاهرات الأربعاء وحرّض بعض أنصار ترامب للهجوم على مبنى الكونغرس، وسط غياب لإجراءات أمنية كان من المفترض أن تكون استثنائية، فيما حذّرت وزارة العدل الأميركية من أن هناك مخاوف على الأمن القومي بسبب سرقة مواد من مبنى الكونغرس.


MISS 3