جاد حداد

ما هي آثار "كوفيد - 19" على المدى الطويل؟

12 كانون الثاني 2021

02 : 00

يقال إن معدل الوفيات بسبب فيروس "كوفيد - 19" بدأ يتراجع لكن يبقى المتعافون من هذه العدوى مرضى لوقتٍ طويل. ما صحة هذه المعلومة؟

د. أنتوني كوماروف

هذه المعلومة صحيحة، لكننا لا نعرف بعد حجم المشكلة التي يطرحها الفيروس. تعرّفنا على "كوفيد - 19" منذ سنة واحدة ولم يستطع العلماء بعد أن يحللوا آثاره على المدى البعيد.

حين بدأ الناس يمرضون للمرة الأولى بسبب فيروس "كوفيد - 19"، ظن الأطباء أن العدوى تصيب الرئتين في المقام الأول. لكننا استنتجنا سريعاً للأسف أنها قد تؤثر أيضاً على القلب والكلى والدماغ وأعضاء أخرى. هذا الجانب فاجأ عدداً كبيراً من العلماء. في أواخر شباط 2020، شعر شاب في الثلاثين من عمره بالقلق من احتمال إصابته بفيروس كورونا بعد نوبات متكررة من الحمى والصرع، وسرعان ما تبيّن أنه محق في مخاوفه. خلال الأسابيع الأربعة اللاحقة، أبلغ الأطباء حول العالم عن رصدهم مشاكل دماغية متنوعة لدى المصابين بهذه العدوى.

على صعيد آخر، لوحظ أن أشخاصاً كانوا أصحاء في السابق ونجوا من فيروس كورونا تعرضوا لإصابات في القلب والكلى. لا يزال الوقت مبكراً للتأكيد على حصول أضرار دائمة وتقييم تأثيرها على وظائف الأعضاء.

في حالات أخرى، ينجو الناس من "كوفيد - 19" ولا يحملون أي مؤشرات على تضرر القلب أو الكلى أو الدماغ، لكنهم لا يسترجعون وضعهم الصحي السليم بالكامل، فيشعرون مثلاً بالإرهاق والأوجاع الجسدية، وضيق التنفس، وصعوبة التركيز، والصداع، ويعجزون عن ممارسة التمارين الجسدية أو يجدون صعوبة في النوم. تذكر دراسات عدة أن هذه الأعراض تستمر لدى أكثر من 50% من "المتعافين" من فيروس كورونا بعد مرور ثلاثة أشهر على الإصابة الأصلية. تعجز هذه المجموعة من الناس عن العودة إلى العمل وأداء واجباتها المنزلية. لوحظت هذه الأعراض المستمرة غداة "التعافي" من بعض الأمراض المعدية، بما في ذلك داء كثرة الوحيدات ومرض لايم وسارس (مرض آخر يسببه فيروس كورونا). ليس مفاجئاً إذاً أن يظهر هذا المرض الذي يشبه التهاب الدماغ والنخاع العضلي ومتلازمة التعب المزمن غداة التقاط عدوى "كوفيد - 19".

بعبارة أخرى، قد تتراجع حالات الوفاة التي يسببها فيروس كورونا، لكن لا يتعافى جميع المصابين بالعدوى نهائياً. لا نعرف بعد عدد المعرّضين لاستمرار هذه الأعراض على المدى الطويل، لكن قد لا يسترجع عشرات آلاف الناس وضعهم الطبيعي يوماً.

سُجّلت الحالات الأولى من "كوفيد - 19" في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في اليوم نفسه. طبّقت كوريا الجنوبية استراتيجيات احتواء طوّرتها "المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها"، لكن لم تطبّقها الولايات المتحدة. منذ ذلك الحين، تسجّل الولايات المتحدة حالاة وفاة بسبب "كوفيد - 19" أكثر من كوريا الجنوبية بخمسين مرة، ما يعني أن عدد الأميركيين المعرضين لأعراض طويلة الأمد سيكون أعلى منها بخمسين مرة أيضاً. على صعيد آخر، انكمش الاقتصاد الأميركي مقابل نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي. باختصار، نادراً ما تؤدي الأخطاء الفادحة إلى أضرار موقّتة وبسيطة.


MISS 3