تحذير من "احتجاجات مسلّحة" تجتاح الولايات المتحدة

الديموقراطيّون يُسرّعون إجراءات عزل ترامب

02 : 00

بايدن بعد تلقيه جرعة اللقاح الثانية بأحد مستشفيات ديلاوير أمس (أ ف ب)

لا بوادر حلحلة حتّى اللحظة في التجاذب السياسي الأميركي الداخلي الذي قد يتفجّر في الشارع عند اتخاذ أي "خطوة دستورية" غير محسوبة الأكلاف. فالديموقراطيّون يعملون على قدم وساق لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت دخل فيه الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على هذا الخطّ، إذ وبعدما كان متحفّظاً على إطلاق إجراءات العزل لما قد تحمله من تداعيات دراماتيكية خطرة على إنطلاقة عهده، خصوصاً أن "أميركا الموحّدة" سيكون شعار حفل توليته رئيساً للولايات المتحدة، شدّد أمس على أن ترامب "يجب ألّا يبقى في المنصب"، بينما "الغليان" في الشارع قد يتحوّل إلى "تمرّد مسلّح" قد يخرج عن سيطرة الوكالات الفدرالية في ظلّ التصعيد غير المسبوق في الخطابات و"الخطوات" السياسية.

وعلى وقع "الشحن الداخلي"، السياسي والإعلامي والافتراضي، الذي يأخذ أوجهاً متعدّدة ومتنوّعة، مضى الديموقراطيون أمس في تحرّكهم الهجومي الهادف إلى البدء بإجراء عزل ثان بحق "عدوّهم اللدود" ترامب، بتهمة "التحريض على العنف" الذي شهده الكابيتول مع دعوة نائبه مايك بنس في الوقت عينه إلى إقالته من مهامه.

وإذ قرّر الديموقراطيون تسريع خروج الرئيس الجمهوري من البيت الأبيض قبل أيّام من انتهاء ولايته الرئاسية، معتبرين أنّه رئيس "غير متزن" يُشكّل "تهديداً وشيكاً" على الديموقراطية الأميركية، لجأوا إلى التحرّك على مسارَيْن. فقد أودع برلمانيّون نصّ الاتهام بحق ترامب، الخطوة الأولى نحو إطلاق إجراء عزل رسميّاً. ويُمكن أن يُنظّم تصويت خلال جلسة عامة لاعتماد هذا النصّ اعتباراً من الأربعاء في مجلس النوّاب.

وفي موازاة ذلك، طلب الديموقراطيون أن يتمّ اعتماد مشروع قرار بالإجماع يطلب من بنس إقالة ترامب عبر تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور. وقد اعترض نائب جمهوري على اعتماد مشروع القرار فوراً بالإجماع، وبالتالي يتعيّن إجراء تصويت خلال جلسة عامة اعتباراً من اليوم، بينما رأت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي أن الجمهوريين "يُعرّضون أميركا للخطر" عبر "تواطئهم" مع ترامب، معتبرةً أن "الرئيس يُمثّل تهديداً وشيكاً لدستورنا وبلدنا والشعب الأميركي ويجب عزله على الفور". وأمهلت بنس 24 ساعة في هذا الإطار.

والنصّ الذي يدعمه عدد كبير من الديموقراطيين في مجلس النوّاب يُرتقب أن يتمّ تبنيه بسهولة. لكنّ الشك يبقى محيطاً بمسار ونتيجة المحاكمة التي يُفترض أن تحصل لاحقاً في مجلس الشيوخ، والذي يُعدّ حاليّاً غالبية جمهوريّة. وسيتولّى الديموقراطيّون السيطرة عليه في 20 كانون الثاني، لكنّهم سيكونون بحاجة لجمع أصوات العديد من الجمهوريين من أجل بلوغ غالبية الثلثَيْن المطلوبة لإدانة الرئيس.

وترامب شبه المعزول في البيت الأبيض، والذي أُغلقت حساباته على "تويتر" ووسائل تواصل اجتماعي أخرى، يعتزم القيام بزيارة إلى تكساس اليوم للإشادة بسياسته المتعلّقة بالهجرة وبناء الجدار الحدودي مع المكسيك، في وقت أفاد مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" بأنّه تمّ التخطيط لـ"احتجاجات مسلّحة" في كلّ الولايات الأميركية الخمسين، خلال الأسبوع الذي يسبق تولية بايدن، وفق شبكة "أي بي سي" نيوز الأميركية.

وكشفت نشرة داخلية لـ"أف بي آي" صدرت أمس ونشر الصحافي آرون كاترسكي من الشبكة مقتطفات منها، أن المكتب الفدرالي تلقى "معلومات حول مجموعة مسلّحة محدّدة تنوي السفر إلى العاصمة واشنطن في 16 كانون الثاني"، وحذّر من أنّه "إذا حاول الكونغرس تنحية ترامب... فستحدث انتفاضة ضخمة". وأضافت النشرة أنّه "يجري التخطيط لاحتجاجات مسلّحة في عواصم الولايات الخمسين كافة من 16 إلى 20 كانون الثاني على الأقلّ، وفي مبنى الكابيتول في الفترة من 17 إلى 20 الشهر الحالي".

وأوضح كاترسكي أن مجموعة تدعو إلى "اقتحام" المحاكم المحلّية والفدرالية والمباني الإدارية في حال تنحية ترامب قبل يوم التنصيب، فيما أوضح قائد "الحرس الوطني" الأميركي الجنرال دانيال هوكانسون أنّه تمّ تكليف "الحرس" بتعبئة ما يصل إلى 15 ألفاً من القوّات في واشنطن لدعم حفل تولية بايدن، على الرغم من منع إدارة المتنزهات الوطنية دخول الجمهور إلى نصب واشنطن حتّى 24 كانون الثاني، محذّرةً من تهديدات محيطة بموعد تولية بايدن.

ومباشرةً بعد أداء اليمين في 20 كانون الثاني، سيُحيط بايدن نفسه بأسلافه باراك أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون لتوجيه دعوة إلى "الوحدة". وفور أدائه اليمين، سيتوجّه إلى "مقبرة أرلينغتون" الوطنية لوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول.

توازياً، أعلن بايدن اختيار وليام بيرنز، الديبلوماسي المخضرم الذي كان أحد مهندسي الحوار مع إيران، لتولّي إدارة وكالة الإستخبارات المركزية "سي آي ايه". وفي حال صادق مجلس الشيوخ على تسميته، سيكون بيرنز أوّل ديبلوماسي مخضرم يُدير الـ"سي آي ايه"، فهو ليس سياسيّاً ولا عسكريّاً ولا شخصاً من أوساط الاستخبارات على غرار ما كان العديد من أسلافه.

وفي غضون ذلك، أثار إغلاق حساب ترامب على "تويتر" وغيره من مواقع التواصل الإجتماعي مخاوف كبيرة حول "صلاحيات" إدارات تلك الشركات و"حرّية الرأي والتعبير"، إذ اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن قيام العديد من شبكات التواصل الاجتماعي بإغلاق حسابات ترامب بشكل نهائي "يطرح إشكالية"، مشدّدةً على أن "حرّية التعبير حق جوهري له أهمّية أساسية"، فيما قال مفوّض الاتحاد الأوروبي المكلّف سياسات التكنولوجيا تييري بريتون: "أن يكون مدير تنفيذي قادراً على إطفاء منبر (ترامب) من دون أي ضوابط، مسألة تُثير الحيرة"، مضيفاً: "إنّه ليس فقط تأكيداً على سطوة هذه المنصّات، بل يُظهر أيضاً مكامن ضعف عميقة في طريقة تنظيم مجتمعنا في الفضاء الرقمي".

ودافع بريتون عن مقترحات الاتحاد الأوروبي الأخيرة لفرض مزيد من الرقابة على شركات تكنولوجيا كبرى، بما في ذلك قانون الخدمات الرقمية الذي ينصّ على فرض غرامات على منصّات لإخفاقها في التصدّي لمحتوى غير قانوني، في حين رأى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن "تنظيم العمالقة الرقميين لا يُمكن أن تقوم به الأوليغارشية الرقمية نفسها"، في وقت هوى فيه سهم "تويتر" المدرج في ألمانيا والولايات المتحدة 8 في المئة في أولى جلسات الأسبوع بعد إغلاق حساب ترامب.


MISS 3