جاد حداد

بين الحساسية وفيروس كورونا

13 كانون الثاني 2021

02 : 00

حتى لو كنت تحجر نفسك لتجنب عدوى "كوفيد - 19"، من الضروري أن تستبق أي نوع من الحساسية المحتملة.



في هذا الوقت من السنة، من الطبيعي أن تفكر بأخذ الأدوية للاحتماء من حساسية الربيع المقبلة بعد بضعة أشهر. من خلال أخذ العلاج قبل أسابيع من بدء الموسم، يحصل الدواء على الوقت الكافي لإعطاء كامل مفعوله ومنع ظهور الأعراض المزعجة.

لكن قد يشكك البعض بهذه المقاربة بعد انتشار فيروس كورونا: هل سيكون هذا العلاج المبكر ضرورياً إذا كنت تعزل نفسك ولا تخرج في مناسبات متكررة؟ تبقى هذه الخطوة ضرورية برأي الدكتورة آنا وولفسون، اختصاصية في حالات الحساسية والأمراض المناعية في مستشفى "ماساتشوستس" العام التابع لجامعة "هارفارد": "يسهل أن يتعرض الناس لمسببات الحساسية عبر المشي لوقتٍ قصير في الحي أو الجلوس في الفناء الخارجي أو فتح النوافذ بكل بساطة للسماح بدخول الهواء المنعش".

أثر مسببات الحساسية

تنجم حساسية الربيع بشكل عام عن غبار الطلع على الأشجار. إذا كنت مصاباً بالحساسية، يعتبر جسمك غبار الطلع (أو أي نوع آخر من مسببات الحساسية) تهديداً عليه حين تتنشق هذه الجزيئات. تطلق خلايا الجهاز المناعي في الأنف تحذيراً عبر إفراز مواد كيماوية تُسبب أعراض الحساسية، منها الحكّة، ودمع العين، والعطس، وسيلان الأنف أو احتقانه، وألم الحلق بسبب التنقيط الأنفي الخلفي. حين تحتدم هذه المعركة، تستدعي الخلايا المناعية قوة احتياطية لمتابعة القتال. وكلما طالت مدة هذه الدفاعات الجسدية، تزيد الأعراض سوءاً.

علاجات استباقية

لإخماد الإنذار الذي أطلقه جهاز المناعة، يوصي الخبراء بأخذ دواءين طوال ثلاثة أو أربعة أسابيع قبل ظهور الأعراض الاعتيادية:

رذاذ الأنف الستيرويدي لمحاربة الالتهاب مثل بروبيونات الفلوتيكازون (فلوناز): يمكن استعماله يومياً بدل الاكتفاء به عند ظهور الأعراض. تتراكم كمياته في الجسم لتخفيف الالتهاب والأعراض مع مرور الوقت. تتعلق الخطوة الأساسية باستعمال الرذاذ بالشكل المناسب. يميل الناس إلى ضخ الرذاذ بشكلٍ مستقيم نحو الأعلى، باتجاه قصبة الأنف. لكن يجب أن نوجّهها بشكلٍ جانبي، باتجاه العين، لتجنب وسط الأنف المعرّض للنزيف عند تعرّضه لهذا الدواء.

مضادات الهيستامين: يُستعمل هذا العلاج لمحاربة عنصر الهيستامين الذي يطلق ردود الأفعال التحسسية في الجسم. يوصي الخبراء باختيار مضادات الهيستامين طويلة المفعول مثل السيتيريزين (زيرتيك) أو الفيكسوفينادين (أليغرا). يمكن أخذها يومياً بشكل عام. لا يتحمل معظم الناس الديفينهيدرامين (بينادريل) نظراً إلى آثاره المهدئة على نحو مفرط. في المقابل، يجب أن تتجنب أي دواء من نوع مضادات الاحتقان لأن هذه العلاجات قد تسرّع ضربات القلب وترفع ضغط الدم ولا يمكن استعمالها لفترة طويلة.

لا تُخفّف هذه الأدوية الاستجابة المناعية تجاه فيروس "كوفيد - 19". تقوم الستيرويدات التي تُؤخذ عن طريق الفم بإخماد نشاط جهاز المناعة. لكن تكون كمية الستيرويدات التي يمتصها الجسم عبر رذاذ الأنف صغيرة لدرجة ألا تؤثر على الاستجابة المناعية. كذلك، تعيق مضادات الهيستامين مستقبلات الهيستامين لكنها لا تكبح قدرة الجسم على محاربة فيروس كورونا الجديد.

علاجات في بداية موسم الحساسية

حين يقترب موسم الحساسية، يوصي الأطباء باستعمـــــال علاجَين آخرين:

• محلول ملحي لغسل الأنف (يمكن استعماله عند الحاجة).

• قطرات للعين من نوع مضادات الهيستامين عند الشعور بالحكة أو تراكم الدموع في العين: تتعدد الخيارات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، منها الكيتوتيفين (زاديتور) والأولوباتادين (باتانول).

على صعيد آخر، يمكنك أن تتخذ الخطوات التالية للسيطرة على الحساسية:

• أبقِ النوافذ مغلقة لتجنب مسببات الحساسية.

• تجنّب الخروج من المنزل حين ترتفع مستويات غبار الطلع في الهواء.

• نظّف أنابيب وفلاتر مكيّف الهواء.

ضع كمامة على وجهك حين تخرج لإعاقة مسببات الحساسية وفيروس "كوفيد - 19" في آن. لكن إذا كنت متواجداً في الخارج وأصرّيتَ على نزع الكمامة حين يخلو محيطك من الناس، لن تكون هذه الخطوة فعالة للاحتماء من مسببات الحساسية.

منفعة إضافية

إذا نجحتَ في السيطرة على أعراض الحساسية، من الأسهل عليك أن ترصد مؤشرات فيروس كورونا. إنه عامل ضروري لأن حالات الحساسية وعدوى "كوفيد - 19" تتقاسم عدداً من الأعراض المشتركة. لا تُسبّب الحساسية أعراض الحمى، وضيق التنفس، والأوجاع العضلية، والإسهال، والقشعريرة، والتعب، وفقدان الشهية، وضعف حاستَي الذوق والشم على غرار كورونا. لكن إذا كانت الحساسية التي تصاب بها حادة، قد لا تتمكن من رصد أول مؤشرات فيروس كورونا. لذا من الأفضل ألا تتكل على التخمينات غير الدقيقة. سيطر إذاً على أعراض الحساسية مسبقاً كي تصبح أكثر قدرة على رصد أعراض كورونا.


MISS 3