واشنطن "ثكنة عسكريّة"

ترامب إلى المحاكمة أمام "الشيوخ"

02 : 00

عشرات من جنود "الحرس الوطني" أمضوا الليل داخل مبنى الكونغرس (أ ف ب)

قبل 7 أيّام من تولية الرئيس الديموقراطي المنتخب جو بايدن، بات الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوّل رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُحال أمام مجلس الشيوخ مرّتَيْن لمحاكمته بقصد عزله، بعدما وجّه إليه مجلس النوّاب أمس تهمة "التحريض على التمرّد".

وبغالبيّة 232 صوتاً مقابل 197، صوّت جميع النوّاب الديموقراطيين و10 نوّاب جمهوريين لمصلحة قرار "العزل" هذا، فيما يُتوقّع أن تبدأ محاكمة ترامب في "الشيوخ" بعد انتهاء ولايته في 20 الحالي، إذ أعلن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل أنّه من غير الممكن إجراء محاكمة "عادلة أو جادّة" للرئيس ترامب في غضون الفترة القصيرة المتبقية له في البيت الأبيض.

وفي هذا الإطار، قال ماكونيل: "بالنظر إلى القواعد والإجراءات والسوابق في مجلس الشيوخ والتي ترعى المحاكمات الرامية إلى عزل الرؤساء، فبكلّ بساطة ليست هناك أيّ فرصة لإنجاز محاكمة عادلة أو جادّة قبل أن يؤدّي الرئيس المنتخب بايدن اليمين الدستورية في الأسبوع المقبل".

وبينما أكدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النوّاب نانسي بيلوسي قبل التصويت أن ترامب يُشكّل "خطراً مؤكداً وفوريّاً" على الولايات المتحدة و"يجب أن يرحل"، متّهمةً إيّاه بـ"التحريض على التمرّد" و"الثورة المسلّحة"، دعا ترامب في بيان مقتضب جميع الأميركيين إلى المساعدة في تهدئة التوترات، قائلاً: "في ضوء تقارير عن مزيد من التظاهرات، أُطالبكم بعدم اللجوء إلى العنف وعدم انتهاك القانون وعدم ممارسة التخريب من أي نوع. ليس هذا ما نُمثله وليس هذا ما تُمثله أميركا".

وفي وقت أدلى فيه النوّاب بآراهم تحت قبّة البرلمان، مهاجمين ترامب أو مدافعين عنه، اعتبر زعيم الجمهوريين في المجلس كيفن ماكارثي أن اتهام ترامب قبل أسبوع من انتهاء ولايته يُشكّل "خطأً". وقال: "لم يجر تحقيق ولم تُعقد جلسات استماع. إضافةً إلى ذلك، فإنّ مجلس الشيوخ أكد أن أي محاكمة لن تبدأ قبل تولية الرئيس المنتخب بايدن"، في 20 كانون الثاني. لكن ماكارثي أقرّ بأنّ ترامب "يتحمّل مسؤوليّة" في أعمال العنف في الكابيتول، لأنّه "كان يستطيع أن يُندّد فوراً بالحشد حين شاهد ما حصل".

كما دعا ماكارثي إلى تشكيل "لجنة تحقيق" والتصويت "على الثقة" بالرئيس، في خطوة رمزيّة، في حين لم يستبعد زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل التصويت لصالح عزل ترامب أمام "الشيوخ". وكتب ماكونيل في رسالة إلى زملائه الجمهوريين: "لم أتّخذ قراري النهائي بالنسبة إلى كيفية التصويت، أعتزم الإستماع إلى الحجج القانونية حين يتمّ تقديمها في مجلس الشيوخ".

وفي وقت سابق، أعلن نائب الرئيس مايك بنس رسميّاً رفضه اللجوء إلى التعديل الـ25 للدستور لتنحية ترامب. وقال بنس في رسالة إلى بيلوسي إنّه "مع بقاء 8 أيّام فقط في فترة ولاية الرئيس، أنتِ والكتلة الديموقراطية تطلبان منّي ومن الحكومة تفعيل التعديل الـ25" للدستور، وأضاف: "لا أعتقد أنّ مثل هذا الإجراء يصبّ في مصلحة أمّتنا أو يتماشى مع دستورنا"، مشدّداً على أنّ التعديل الدستوري يُمكن اللجوء إليه في حالة وحيدة هي "إصابة الرئيس بالعجز أو الإعاقة"، ولا يُمكن بتاتاً استخدامه "وسيلة للعقاب أو لاغتصاب السلطة".

توازياً، نُشِرَت صور معبّرة تُظهر عشرات من جنود "الحرس الوطني" وقد أمضوا الليل داخل مبنى الكونغرس، وكانوا ما زالوا نائمين على الأرض في الغرف والممرّات لدى وصول أعضاء البرلمان، فيما نُصِبَت حواجز اسمنتية لسدّ أبرز محاور وسط المدينة، كما أحاطت أسلاك شائكة بعدد من المباني الفدرالية، بينها البيت الأبيض، بينما كان "الحرس الوطني" حاضراً بقوّة. وبدأ عناصر "الحرس الوطني" المنتشرون في شوارع واشنطن بكثافة القيام بدوريّات مسلّحة في ساعة متأخرة الثلثاء.

وكان لافتاً تنديد قادة أركان الجيش الأميركي في رسالة مشتركة الثلثاء باقتحام حشد من أنصار ترامب الأسبوع الماضي، الكابيتول، مؤكّدين أنّ ما حصل كان "هجوماً مباشراً" على الآليات الدستورية في البلاد. وفي رسالة إلى العسكريين رأت هيئة الأركان المشتركة، التي تضمّ قادة القوّات المسلّحة بأفرعها كافة، أنّ "أعمال الشغب التي حصلت في العاصمة واشنطن في 6 كانون الثاني كانت اعتداءً مباشراً على الكونغرس الأميركي، وعلى صرح الكابيتول، وعلى مسارنا الدستوري".

وشدّد الجنرالات في رسالتهم على أنّ "الحقّ في حرّية التعبير والتجمّع لا يمنح أحداً الحقّ في اللجوء إلى العنف أو العصيان أو التمرّد". وحرصت الرسالة، التي وقّعها خصوصاً رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، على تنبيه جميع العسكريين الأميركيين إلى أنّ من واجب كلّ منهم الدفاع عن الولايات المتحدة ودستورها ومؤسّساتها.


MISS 3