اعتُقل فور وصوله إلى موسكو

نافالني "الجريء" يتحدّى بوتين!

02 : 00

الشرطة وهي تعتقل نافالني أثناء توجّهه لختم جواز سفره في مطار شيريميتييفو في موسكو أمس (أ ف ب)

بجرأته المعهودة والتي تبلورت أكثر فأكثر بعد محاولة اغتياله الفاشلة بغاز الأعصاب "نوفيتشوك"، عاد غريم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللدود أليكسي نافالني إلى موسكو أمس، آتياً من ألمانيا حيث خضع لعلاج دقيق وأمضى فترة نقاهة لأشهر عدّة بعد نجاته من التسميم على يد الإستخبارات الروسيّة بأمر مباشر من بوتين، بحسب ما يؤكد المعارض الأبرز لساكن الكرملين، فيما رأى مراقبون أنّ "القيصر الروسي" استبعد عودة "المعارض المزعج" إلى البلاد بهذه السرعة، والتي تُرجمت على أرض الواقع كـ"رسالة تحدّ" من نافالني إلى بوتين بأنّه مستمرّ في نضاله السياسي والاجتماعي من أجل روسيا أكثر ديموقراطيّة وحرّية وحداثة.

لكن موسكو لا تحتمل "المنافسة السياسيّة" التي تُهدّد ركائز النظام القائم ومكتسباته، بحيث سارعت سلطات السجون الروسية إلى اعتقال نافالني فور وصوله، بحجّة أنّه لم يمثل أمامها مرّتَيْن كلّ شهر كما تقتضي شروط حكم بالسجن 5 أعوام مع وقف التنفيذ صدر بحقه العام 2014. وفيما كان يستعدّ لختم جواز سفره إلى جانب زوجته يوليا في أحد مطارات العاصمة الروسية، دنا منه عناصر الشرطة واقتادوه.

وإذ أوضحت السلطات أن نافالني "مدرج على لائحة أشخاص مطلوبين منذ 29 كانون الأوّل 2020 بتهمة انتهاكات متكرّرة للفترة الانتقالية"، ذكرت أنّه "سيبقى معتقلاً إلى أن تتّخذ المحكمة قراراً في شأنه"، من دون أن تُحدّد موعد حصول هذا الأمر، في حين كان قد تمّ تحويل مسار الطائرة التي أقلّت نافالني من برلين إلى مطار آخر في موسكو في اللحظة الأخيرة، في موازاة توقيف غالبيّة حلفائه الذين توجّهوا إلى المطار الأساسي لاستقباله.

ولوحظ انتشار كثيف لشرطة مكافحة الشغب التي فرّقت في شكل تدريجي المئات من أنصار نافالني الذين حضروا لاستقباله، في وقت ذكرت فيه منظمة "أو في دي - انفو" المتخصّصة أن 37 شخصاً اعتُقلوا في موسكو قبل وصول نافالني الذي علّق من مطار برلين قائلاً: "على عادتها، ما يُميّز السلطات الروسية هو خوفها"، وأبدى "سروره الكبير" بالعودة، مؤكداً أن "ليس هناك ما يخشاه في روسيا".

وسارع الاتحاد الأوروبي على لسان رئيس مجلسه شارل ميشال إلى رفض اعتقال نافالني، مطالباً بالإفراج الفوري عنه. كما دعا وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل السلطات الروسية إلى "احترام حقوق" نافالني، مطالباً أيضاً بـ"الإفراج عنه فوراً". واعتبر أن "تسييس النظام القضائي غير مقبول"، فيما طالب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، جايك سوليفان، بالإفراج الفوري عن نافالني. ورأى أن "هجمات الكرملين على الأخير ليست انتهاكاً للحقوق الإنسانية فحسب، بل إهانة للشعب الروسي الذي يُريد أن يكون صوته مسموعاً".

كذلك، اعتبرت منظّمة العفو الدولية أن اعتقال نافالني يجعل منه "سجين رأي ضحية حملة لا هوادة فيها" للسلطات الروسية بهدف "اسكاته"، بينما دعت ليتوانيا الاتحاد الأوروبي إلى "مناقشة فرض عقوبات جديدة" على روسيا.

وبعدما أعلنت ألمانيا السبت أنّها أرسلت إلى موسكو غالبيّة عناصر التحقيق القضائي المتعلّق بقضية تسميم نافالني، أكدت المتحدّثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس أن موسكو تلقت الوثائق التي أرسلتها ألمانيا، لكنّها أوضحت "أنّها لا تتضمّن أساساً أي شيء" ممّا طلبته موسكو.

ولا يزال نافالني، غير الممثل في البرلمان والذي لا يحق له الترشّح بسبب إدانته بتهمة التهرّب الضريبي التي وصفها بأنّها "قرار سياسي"، أبرز أصوات المعارضة في "بلاد القياصرة"، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى نشاطه السياسي الكثيف وقناته على موقع "يوتيوب" التي يُتابعها 4.8 ملايين شخص ومنظّمته الخاصة بمكافحة الفساد.