جنى جبّور

الأعياد ليست وحدها مسؤولة... سلالة جديدة في لبنان تنذر بالخطر الداهم

21 كانون الثاني 2021

02 : 00

الدكتور فادي عبد الساتر
مع الارتفاع الجنوني في عدد الاصابات اليومية، وتوقع "تسونامي وبائي" في الأيام المقبلة، ما زال البعض يربط سبب هذه الاعداد بالتفلت وعدم الالتزام بفترة أعياد الميلاد عموماً ورأس السنة خصوصاً. الّا أنّ الاكتشاف المخبري الجديد قد ينسف هذه النظرية، ويتطلب منّا وقاية أكثر للحفاظ على صحتنا وأرواح أهلنا.



تستمرّ جائحة كورونا في تطوير نفسها يوماً بعد يوم، متسببةً في انتشار سلالات متنوعة في العالم أجمع. وفي لبنان، وصلت إلينا حديثاً سلالة اجتمعت فيها سلسلة من الطفرات، ما جعلها سريعة الانتشار 70 في المئة أكثر من أي سلالة أخرى. هذه المعلومة، توصل إليها المتخصص في العلوم البيولوجية الدكتور فادي عبد الساتر والمتخصص في العلوم الجرثومية الدكتور قاسم حمزة، والتي تحولت في ما بعد الى جدل بيزنطي بينهما وبين زملائهم الأطباء الذين ينكر بعضهم وجود سلالة كهذه في لبنان، أو يستخفون بأهمية التداول بها. أما عن كيفية اكتشاف السلالة الجديدة فيجيب د. عبد الساتر: "في 20 كانون الأول، لاحظ طلابي (متخرّجو الجامعة اللبنانية) اختصاصيّو العلوم الجزيئية، ظاهرة غريبة في مختبرات مستشفى "بهمن" و"الرسول الأعظم"، خلال فحوصات الـ"PCR"، إذ اختفى جينٌ من أصل ثلاثة يتم تتبعها عادةً خلال تحليل نتائج المصابين. وبعد مشاركتي هذه المعلومة، بدأت مع زميلي د. حمزة بتتبع الحالات المشابهة، ليتبين لنا لاحقاً أنّ الحالة المكتشفة ليست الوحيدة بل هناك الكثير منها مرتبطة بالنسخة المتحورة من الفيروس، لنشهد بعدها تصاعداً جنونياً في أرقام الاصابات والوفيات اليومية على مستوى لبنان ككل".


السلالة الجديدة... في كل لبنان

في بريطانيا، اكتشفت هذه الطفرة خلال فحوصات الـ"PCR" (أجريت بمعدات معينة). وبعد عملية الرصد تبين ايضاً أنّ هناك جيناً غير واضح، فانتقلوا الى مرحلة تحديد تسلسل شيفرة الفيروس أو ما يعرف بالـ"sequencing" مكتشفين تغيره. بعدها، نصحت منظمة الصحة العالمية والـ"CDC" باستعمال المعدات التي استعملت في بريطانيا في ما يخص الـ" PCR" لرصد السلالة البريطانية الجديدة.

وبالانتقال الى لبنان، لا تتوفر هذه المعدات بشكل كامل في كل المستشفيات. على الاثر، طوّر عبد الساتر وحمزة بروتوكولاً خاصاً لتقنية "PCR"، ليتبين تراكم الاصابات المشابهة، اذ ارتفعت النسبة من 16 في المئة في كانون الاول، الى 70 و80 في المئة باصابات اليوم. ويوضح د. عبد الساتر أنّ "هذه النتائج تقتصر فقط على مستشفى "بهمن" والرسول الأعظم"، ولكني تواصلت مع عدد من المختبرات الأخرى خارج بيروت، وتبين أنهم يواجهون نتائج مشابهة، من دون إبدائهم أي نية في متابعة هذه الحالات".





زيادة الضغط على المستشفيات

لا يمكن التأكيد إذا كان هذا التحوّر المكتشف في لبنان هو نفسه النسخة البريطانية أم نسخة مختلفة، ولكن النتائج المخبرية تجزم بانتشار سلالة جديدة في لبنان، ويلفت د. عبد الساتر الى "أهمية العمل على الترصد الوبائي في كل المناطق. وهنا لا بدّ من الاشارة، الى أنّ هدفنا ليس إحداث ضجة اعلامية كما يتهمنا بعض الأطباء، ونتمنى على كل من لا يفهم في كيفية عمل بالـ"PCR"، عدم التكلم في الموضوع ونشر المعلومات المغلوطة. وأشدد في هذا الاطار، أننا لم نتطرق الى عوارض مختلفة قد ترافق هذه السلالة، ولكننا نؤكد مرّة جديدة قدرتها على الانتشار السريع جدّاً، ما يفسر عدد الاصابات المرتفعة التي وصلنا اليها، وبالتالي يمكن القول إنّ عدم الالتزام الذي شهدناه في فترة الأعياد، ليس السبب الوحيد الذي أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم. ولا بدّ من أخذ هذه المعلومة العلمية بجدّية من قبل الاطباء والشعب على حد سواء، والتقيد بالاجراءات الوقائية، لان سرعة الانتشار والاصابة تعنيان نقل العدوى بسهولة الى من يعاني امراضاً مزمنة وضعفاً في المناعة، ما يشكل خطراً على حياتهم، بالاضافة الى عدم قدرة المستشفيات على استيعاب موجة المصابين الآتية".