جاد حداد

The Angel... قصة عميل الموساد أشرف مروان

22 كانون الثاني 2021

02 : 00

"حين يحصل رجل واحد على فرصة عيش حياة استثنائية، بغض النظر عن السبب، لا يحق له أن يخفي تفاصيلها عن الناس" – جان إيف كوستو

يكون الوصول إلى الأشخاص والمعلومات جزءاً أساسياً من عمل أي جاسوس. كان أشرف مروان صهر الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وبعد تعرّض عبد الناصر لنوبة قلبية، أصبح مستشاراً خاصاً وأميناً عاماً لنائب الرئيس الأسبق وخَلَف عبد الناصر، أنور السادات. كانت طريقة وصوله إلى كل ما يريده استثنائية بمعنى الكلمة. يقال إنه استوحى أسلوبه من "مُزارع الدجاج الفاشل" خوان بوجول غارسيا الذي أصبح عميلاً بريطانياً وألمانياً مزدوجاً لإضعاف النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. تواصل مروان في البداية مع الموساد الإسرائيلي حين كان زوجاً وأباً وطالباً جامعياً في إنكلترا.

رغم تجاهله في البداية، صُدِم مروان حين راح الموساد يتعقبه من إنكلترا إلى مصر بعد وفاة عبد الناصر بثمانية أشهر، عندما بدأ يؤسس تحالفاً وثيقاً مع السادات.

كان مروان يأمل في تجنّب اندلاع حرب أخرى، بعدما بدأ السادات ومستشاروه يخططون لاسترجاع الأرض التي طالبت بها إسرائيل حين هزمت القوات المصرية السورية الأردنية المشتركة في حرب الستة أيام في العام 1967، فبدأ يبيع الأسرار للمسؤول الإسرائيلي "أليكس" المُلقّب باسم "داني". كان مروان يخاف على سلامة عائلته وسلامته الشخصية أيضاً، وقد طلب مساعدة بعض الأصدقاء أحياناً في ظل تصاعد خطط السادات ومناوراته الحربية.





يعجّ فيلم The Angel (الملاك) بحبكات وخلفيات كثيرة توازي محتوى تقارير مروان (بما في ذلك مقدمة صوتية تختصر سريعاً مسار الحرب بأكملها). يحمل العمل جانباً مبهراً مع أن المقاربة التي يستعملها ليست وافية للأسف لأنها لا تسمح للمشاهدين باستيعاب الأحداث لفترة كافية أو فهم الشخصيات المتلاحقة والمؤثرة.

يؤدي دور البطولة الممثل الهولندي الموهوب مروان كنزاري الذي مثّل سابقاً مع توبي كيبيل في فيلمBen Hur في العام 2016 ويشاركه هذه المرة أيضاً بدور عميل الموساد، وهذا ما يفسّر الكيمياء العالية بينهما. يضيف أداء كنزاري المؤثر والمركّب بُعداً عميقاً للصراع الذي تعيشه الشخصية الرئيسية.

يقدّم لنا الفيلم نظرة عميقة عن المسؤوليات التي استلمها هذا الرجل الذي أتقن أساليب الخداع، مهما كانت أسبابه نبيلة. يحقق العمل هدفه بفضل أداء كنزاري الصادق بدور الزوج أو الجاسوس أو المستشار. يسهل أن نصدّق ما يقدّمه هذا الممثل بغض النظر عن طبيعة الدور الذي يجسّده والجمهور الذي يستهدفه.

ثمة تلميحات أولية عن إدمان مروان على القمار وكثرة مشاكله المادية وانعدام الثقة مع زوجته، لكنّ حبه للثقافة الغربية منذ أن كان طالباً في إنكلترا يتّضح منذ البداية. لكنّ ربط الفيلم بين انزعاجه من طريقة تعامل عبد الناصر معه واستدعائه لاحقاً من الموساد يخلق أسئلة إضافية لدى المشاهدين حول شخصية مروان والدافع الأساسي الذي جعله يجيب على تلك المكالمة الهاتفية الحاسمة. ينضج مروان ويتغير بكل وضوح أمام أعيننا، لكن لا مفر من أن يرغب المشاهدون في معرفة المزيد عن أفكاره، بما يتجاوز الخطوط السردية في فيلم The Angel الذي يحمل توقيع كاتب السيناريو ديفيد أراتا (من أعماله Spy Game (لعبة التجسس) وChildren of Men (أبناء الرجال) والمخرج أريال فرومين.

اعترف المخرج بأنه حاول أن يجعل العمل واقعياً وعميقاً قدر الإمكان، لا سيما الجانب المرتبط بنظرة الناس إلى مسيرة رجل مؤثر منذ البداية وحتى الوجهة التي يخطط للوصول إليها. استوحى فرومين أسلوبه من فيلم Argo من إخراج بن أفليك وMunich الذي لم يحصد الرواج الذي يستحقه لستيفن سبيلبرغ.

يعرف الكثيرون نهاية قصة مروان قبل صدور هذا العمل (علماً أنها تحتاج إلى تحقيقات إضافية وقد زادت الشكوك حولها في آخر عشر سنوات)، ومع ذلك يقدّم الفيلم نسخة سريعة ومشوّقة ومتقنة عن كل ما فعله خلال العقود التي سبقت السلام القائم منذ أربعين سنة تقريباً.

في هذا النوع من الأفلام، قد نرغب أحياناً في معرفة المزيد عن بطل القصة وحتى الأشخاص والأماكن المحيطة به. لكن كما يحصل في معظم قصص الجواسيس، لا بد من الإشادة بالمعلومات التي يقدّمهاThe Angel وبأسلوب طرحها.