بغداد...مجزرة دامية وتغييرات أمنية

02 : 00

من آثار الإعتداء الإرهابي في سوق البالة في ساحة الطيران في بغداد أمس (أ ف ب)

عاد مشهد الموت إلى ذاكرة العراقيين سريعاً بعد تفجيرَيْن انتحاريَّيْن مزدوجَيْن هزّا العاصمة بغداد وأوقعا "حصيلة ثقيلة" من الضحايا تخطّت الـ32، بينما أُصيب 110 آخرون بجروح، بعضهم في حالة خطرة، في اعتداء إرهابي دموي دفع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إعفاء قيادات أمنية استخباراتيّة كبيرة من مناصبها سريعاً وإحالتها إلى التحقيق، فيما توالت الإدانات الإقليميّة والدوليّة. وحصل الإعتداء الإرهابي في سوق البالة في ساحة الطيران، التي غالباً ما تعجّ بالمارة، والتي شهدت قبل 3 سنوات تفجيراً انتحاريّاً أوقع 31 قتيلاً. وأوضح بيان للداخلية العراقية أن انتحاريّاً أوّل فجّر نفسه في سوق البالة، الذي تُباع فيه ملابس مستعملة، في ساحة الطيران في وسط العاصمة، بعد أن ادّعى أنّه مريض فتجمّع الناس حوله لمساعدته، لافتاً إلى أن الإنتحاري الثاني فجّر نفسه بعد تجمّع الناس لنقل الضحايا الذين أُصيبوا في التفجير الأوّل.

وانتشر جنود في ساحة الإعتداء بكثافة وأغلقوا الطرق المؤدية إلى المكان. وكان عدد منهم يُساعدون فرق الإسعاف على انتشال المصابين. وأطلق الكاظمي، عقب ترؤسه "اجتماعاً طارئاً" للقيادات الأمنية والإستخباراتيّة في مقرّ قيادة عمليّات بغداد، حملة تغييرات واسعة في أجهزة الأمن طالت رؤوساً كبيرة، ووجّه بفتح "تحقيق فوري" في التفجير الإنتحاري المزدوج، في وقت أفادت فيه تقارير بأنّ هناك تقصيراً أمنيّاً فاضحاً أدّى إلى حصول الإعتداء بالشكل الذي حصل فيه، إذ إنّ الأجهزة الأمنيّة تُحبط يوميّاً مثل تلك الهجمات داخل العاصمة وخارجها.

وبينما توجّهت أصابع الإتهام فوراً إلى خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي، يتخوّف ناشطون عراقيّون من أن يُصبح "التفلّت الأمني" مشهداً اعتياديّاً من جديد ليُستخدم من قبل قوى مارقة، كورقة ضغط للمقايضة وتحسين الشروط في الصراع الإقليمي على المصالح والنفوذ.

وفي ردود الفعل، علّق الرئيس العراقي برهم صالح على الإنفجارَيْن في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" قائلاً: "الانفجاران الإرهابيان ضدّ المواطنين الآمنين في بغداد، وفي هذا التوقيت، يؤكدان سعي الجماعات الظلامية إلى استهداف الاستحقاقات الوطنية الكبيرة وتطلّعات شعبنا في مستقبل يسوده السلام". وأضاف: "نقف بحزم ضدّ هذه المحاولات المارقة لزعزعة استقرار بلدنا".

ودانت الولايات المتحدة الهجومَيْن الانتحاريَّيْن، معتبرةً أن هذا الإعتداء هو "عمل جبان ومشين يؤكد مخاطر الإرهاب، التي لا يزال يواجهها الملايين من العراقيين"، في حين وصفت بعثة الأمم المتحدة في العراق التفجيرَيْن بـ"العمل المروّع"، مشيرةً إلى أنّهما "لن يوقفا مسيرة العراق نحو الإستقرار والإزدهار".

كما أعرب البابا فرنسيس عن "حزنه العميق" لوقوع التفجيرَيْن، واعتبرهما "عملاً وحشيّاً عبثيّاً". وفي برقية إلى الرئيس العراقي، قال البابا الذي ينوي زيارة العراق في آذار، إنّه "واثق من أن الجميع سيسعى إلى تخطّي العنف بأخوة وتضامن وسلام". وتوالت الإدانات الإقليميّة والدوليّة، من السعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن وإيران وصولاً إلى فرنسا وغيرها من الدول.